تأثرت الحياة الثقافية فى فرنسا تأثرًا شديدًا بالإضرابات والمظاهرات الحاشدة التى اندلعت فى باريس والعديد من المدن الفرنسية الأخرى احتجاجًا على قانون التقاعد الجديد. فقد تراجعت أعداد المترددين على المتاحف و المسارح الفرنسية، لا سيما الباريسية منها، سواء بسبب إضراب بعض العاملين فى هذه الأماكن الثقافية أو بسبب نقص الوقود، حيث يخشى الفرنسيون القادمون إلى باريس لزيارة الأماكن الثقافية الشهيرة من عدم العثور على وقود لسياراتهم للعودة إلى مدنهم، حيث إن نسبة كبيرة من زائرى الأماكن السياحية فى باريس من الأقاليم الفرنسية. فمتحف اللوفر بباريس الذي اشتهر بدقة مواعيده أصبح يعاني من عدم انتظام مواعيد الفتح بسبب إضراب بعض العاملين وانشغال البعض الآخر بالاجتماعات لتنسيق الجهود من أجل المساهمة في الاحتجاجات التي تستهدف قانون التقاعد الذي رفع سن التقاعد من 60 إلى 62 عامًا. كما قام مسرح الشانزليزيه بوسط باريس بإلغاء أكثر من عرض لمسرحية "كارنفال دي فينيس" بسبب مشاركة بعض العاملين فى الإضرابات وامتناع البعض الآخر عن العمل. كما قامت العديد من دور العرض السينمائي في باريس وليون ومارسيليا بإلغاء حفلاتها خوفا من الاحتجاجات التي يستغلها بعض الشباب المتهور لتخريب البنية التحتية لهذه السينمات. وأدى إضراب عمال الأوبرا عن العمل إلى إلغاء بعض التظاهرات الثقافية التي تحتضنها. وكانت مغنية البوب الأمريكية ليدي جاجا، قد قررت تأجيل الحفلين اللذين كانا من المقرر أن تحييهما في باريس، يومي الجمعة والسبت الماضيين، إلى شهر ديسمبر القادم، بسبب الاعتصامات والإضرابات. كما قرر المغني العالمي تيم روبينز إلغاء الحفل الذي كان من المقرر أن يحييه في باريس، الأحد الماضي، إلى أجل غير مسمى. ويخشى الناشرون من جانبهم من أن تؤثر أزمة الوقود بسبب الاحتجاجات على حركة نقل الكتب في الشاحنات داخل فرنسا، وباتجاه الدول الأوروبية، حيث بدأت دور النشر الفرنسية من الآن في نقل الكتب حتى تكون في المكتبات ومنافذ البيع قبل حلول أعياد الميلاد التي تشهد ذروة الإقبال على الكتب في فرنسا. ولم يسلم من الاحتجاجات التي اجتاحت باريس بسبب قانون التقاعد سوى معرض الفنان مونيه، حيث أكد القصر الكبير الذي يستضيف هذه التظاهرة أن متوسط الذين يزورون المعرض يوميًا يقترب من 7 آلاف زائر.