خيرا فعلت إدارة التفتيش بوزارة الداخلية حين استدعت أمس الأول طبيب الدقى طارق عبدالغفار واستمعت إلى أقواله فى القضية التى عرفت إعلاميا بقضية «طبيب الدقى». القصة لمن لم يتابعها هى أن أحد ضباط قسم الدقى قاد حملة اقتحمت عيادة هذا الطبيب قبل أسابيع وتم إلقاء القبض عليه بتهمة ممارسة الرذيلة مع بعض المرضى والممرضات، وتم احتجازه عدة أيام وتعرض لتجاوزات كثيرة حسب روايته، والأهم أن الصحف قادت حملة اغتيال خطيرة لسمعته عبر نشرها تفاصيل مخجلة مصدرها الوحيد ضابط قسم الدقى. بلاغ الشرطة ضد هذا الطبيب ذهب إلى النيابة التى بدأت التحقيق لتكتشف المفاجأة المدوية وهى أن القصة بأكملها ملفقة، وأمرت بحفظ التحقيق وإطلاق سراح الطبيب. للأسف هناك من لايزال يتصور أن التحقيق مع أحد الضباط بتهمة التجاوز فى ممارسة صلاحياته يسىء إلى كل جهاز الشرطة، وشىء من هذا القبيل هو الذى ساعد على اشتعال قصة الشاب خالد سعيد فى الإسكندرية، لكن هؤلاء نسوا أن الحكم على الضابط إسلام بتهمة تعذيب عماد الكبير ساعد فى تحسين صورة الشرطة على المدى البعيد ولم يسئ إلا إلى الضابط فقط ومن يلف لفه، أو يعتقد أن عمله كضابط أو مخبر يعطيه رخصة للقتل والفتك وتشويه صورة من لا يرضى عنه. وفى واقعة طبيب الدقى يفترض أن هناك روايتين لا ثالث لهما.. أن يكون الطبيب مدانا وهو ما نفته النيابة أو أن يكون الضابط قد أساء استخدام صلاحياته بتلفيق تهمة إلى مواطن برىء. وفى الحالة الأخيرة يفترض أن تصدر وزارة الداخلية قرارا واضحا بمعاقبة هذا الضابط وكل من ساعده عقابا قاسيا حتى يكون درسا لغيره، فلا يتكرر مرة أخرى. يفترض أن العقلاء داخل وزارة الداخلية يدركون أن مثل هذه النوعية من الضباط المنفلتين هى التى تشوه صورة كل الضباط الشرفاء الذين يتقون الله فى عملهم، بل ويضحون بحياتهم من أجل المجتمع. حاولت أن أضع نفسى مكان هذا الطبيب البرىء أثناء حملة التشنيع البشعة بحقه فى الصحف، وأدركت كيف أن الإعلام يمكن أن يكون سلاحا فتاكا لاغتيال وتدمير سمعة إنسان برىء لمجرد محضر تحريات مفبرك أو حتى خطأ إدارى أو شكوى كيدية. علينا جميعا شرطة وإعلاما ومجتمعا أن نعتدر لهذا الطبيب، والاعتذار العملى هو عدم تكرار ذلك مع غيره. إذا كان المجلس الأعلى للقضاء يحاول الحفاظ على حقوق المتهمين أثناء محاكمتهم داخل المحكمة فعلينا أن نفكر أيضا فى حماية حقوق هؤلاء فى الفترة الحرجة منذ القبض عليهم وحتى مثولهم أمام النيابة.