هيمن اتفاق الكتل الشيعية فى العراق على رئيس الوزراء المنتهية ولايته نورى المالكى كرئيس للحكومة الجديدة، على صحف بريطانية وأمريكية كثيرة بحثت أمس عن الدول الفائزة والخاسرة من هذا الاتفاق. وفيما يبدو اتفاقا على التداعيات، اعتبرت صحيفة إندبندنت البريطانية أنه بهذا الاتفاق الشيعى فإن إيران انتصرت فى العراق، ورأت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن الاتفاق لن يصب فى صالح الولاياتالمتحدة. إندبندنت قالت إن توحيد صفوف الأحزاب الشيعية يعد انتصارا لإيران، التى حاولت بقوة لم شمل الكتل الشيعية من جديد، ودللت الصحيفة على رؤيتها من خلال اعتراف الصدريين أنهم اتخذوا قرار دعم ترشيح المالكى بعد ضغط شديد من إيران، كما خففت سوريا، التى بدت غير راضية عن المالكى، من موقفها بضغط من طهران أيضا. ورأت الصحيفة أن الطريق أصبح ممهدا أمام تشكيل حكومة جديدة تحت هيمنة الأحزاب الشيعية والكردية، بفضل القرار المفاجئ مساء أمس الأول للتيار الصدرى بتخليه عن رفضه للمالكى. وقال التيار فى رسالة إلى أتباعه: «السياسة ليس لها قلب، واعلموا أن السياسة هى أخذ وعطاء». ومنذ الانتخابات التشريعية فى مارس الماضى يعانى العراق أزمة سياسية، حيث فشلت الكتل السياسية حتى الآن فى الاتفاق على مرشح لرئاسة الحكومة. من جهتها، سارعت الولاياتالمتحدة إلى «ترحب» بالإجراءات التى اتخذت لتشكيل الحكومة العراقية. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولى: «أعلنا للقادة العراقيين أنه ينبغى تشكيل ائتلاف سياسى يكون صلبا بما فيه الكفاية ليتمكن من تشكيل حكومة». لكن فى مقابل هذا الموقف الأمريكى الرسمى أبدت نيويورك تايمز تخوفها من أن هذا الاتفاق ربما يعقد العلاقات بين واشنطن وبغداد. الصحيفة استشهدت على هذا التعقيد المحتمل بتصريحات المسئولين فى إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما، وعلى مدى شهور من الدبلوماسية الهادئة، بأنهم لا يفضلون مرشحا بعينه، إلا أنهم لا يؤيدون حكومة تضم التيار الصدرى، الذى يرتبط ارتباطا وثيقا بإيران، ويعارض وجود القوات الأمريكية فى البلد المحتل منذ مارس 2003. ونقلت عن نائب رئيس «معهد السلام الأمريكى» دانييل بى سيرور قوله إن «حكومة عراقية تدين فى وجودها للصدريين، وتفتقر إلى دعم قوى من (زعيم قائمة العراقية رئيس الوزراء الأسبق) إياد علاوى ستكون بالضرورة حكومة تميل فى اتجاه طهران، وهو الأمر الذى لن تتحمله واشنطن. واعتبرت أن نجاح المالكى فى التوصل إلى الاتفاق يعكس «نزعته الفاشستية فى مواجهة معارضة واسعة النطاق لقيادته، كما أظهر استعداده لتجاهل النفعية السياسية مع الولاياتالمتحدة التى تخشى عودة أتباع مقتدى الصدر إلى مركز السلطة السياسية». وقد يستغرق الأمر أسابيع أو أكثر بالنسبة للمالكى كى يضمن اتفاق بقية الكتل السياسية عليه، وتشكيل حكومة جديدة، مع زيادة الاحباط العام، وتصاعد العنف، بحسب الصحيقة التى أشارت إلى قول المالكى إن «صراع الإرادات الطويل قد انتهى أخيرا». وبجانب تأييد الكتل الشيعية ضمن المالكى التأييد التقليدى من الأكراد. قال النائب الكردى محمود عثمان: «الآن لدى المالكى إمكانية كبيرة ليصبح رئيسا للوزراء مرة أخرى». فيما أعلنت قائمة العراقية، بزعامة علاوى، رفضها قرار التحالف الوطنى (الشيعى) ترشيح المالكى لولاية ثانية مدتها أربع سنوات. وقالت الناطقة الرسمية باسم القائمة ميسون الدملوجى فى تصريح لقناة «الجزيرة» إن «القائمة لن تكون جزءا من حكومة المالكى، وما تزال تسعى لتشكيل الحكومة وفقا للاستحقاقات الانتخابية». وكانت قائمة العراقية قد فازت بعدد مقاعد أكثر مما فازت به قائمة دولة القانون، بزعامة المالكى، فى انتخابات مارس.