«لن أقبل لولدى أن يعملا بالموسيقى، يكفى فقط أن يتذوقاها. لا أريد لمعاناتى أن تتكرر معهما».. تقول المطربة اللبنانية تانيا صالح، بابتسامة تشع بالحزن، والأمل معا. منذ أيام، كانت تانيا تغنى على مسرح الجنينة، فى حديقة الأزهر، على صوتها يقترب الفضاء البعيد، وتتجسد أحلام كانت منذ قليل مستحيلة، فصوت كهذا الصوت لا يخرج أجوفا كعشرات الأصوات، التى يسمعها العابر كل يوم، بل مشحونا بمشاعر إنسانية دافئة وعميقة. «الله حر بعبيدو»، «يسواك ما يسوانا»، «حسابك بعدين»، «عالراس وعالعين»، عناوين أغنيات، هى بالنسبة لها مشروع فنى يعود إلى سنوات عمرها الأولى، عندما واجهت الجمهور لأول مرة، وغنت أغنية «من أين» لفيروز، وبدون موسيقى تصاحبها، بينما كانت لا تزال فى الثامنة من عمرها. ومع فيروز أيضا، استمرت مسيرة تانيا، لكن بشكل مختلف، فعلى ألحان ابنها زياد الرحبانى غنت فى 1987 فى كورال مسرحية «بخصوص الكرامة والشعب العنيد»، كان الدور صغيرا، لكنه اتسع فى مسرحيته التالية «لولا فسحة الأمل». تانيا، التى سماها والدها الصحفى نجيب صالح، بهذا الاسم بصديقة المناضل الثورى تشى غيفارا، تؤكد أن الحرب الأهلية اللبنانية كانت هى التى أدت لانطلاق شرارة الفن المختلف، ليعبر عن سؤال بداخلهم: من أشعل هذه الحرب.. ولماذا؟، فهذه الحرب، كما تقول الفراشة تانيا، أفقدتهم الشعور بالطفولة، وكادت تميت كل الأحاسيس الرقيقة والبريئة، التى يتمتع بها أى طفل فى العالم. لكنها بالمقابل علمتهم الصبر وحب الحياة. «زياد هو السبب الذى دفعنى لكى أصبح مغنية»، هكذا تلخص تانيا تأثير زياد الرحبانى على حياتها، وتكمل: «فأغانيه ومسرحياته ألهمت الشعب اللبنانى والعربى كله». تبتسم تانيا بمرارة وهى تكرر أنها لن تدع ولديها يعملان بالموسيقى.