الرغبة فى التعلم، وحسن معاملة الزبائن، والتركيز، هذه هى المادة الفعالة التى مكنت أحمد ماهر، من العمل كمساعد صيدلى، بدلا من العمل كفنى كهربائى. حصل أحمد على دبلوم الصناعة، منذ 6 سنوات، كفنى كهرباء، لكنه اختار أن يغير هذه المهنة. فقبل أن يستكمل دراسته فى محافظة المنيا، مسقط رأسه، جاء إلى القاهرة، واتجه إلى العمل فى إحدى الصيدليات. بدأ أحمد العمل فى الصيدلية كعامل نظافة، ثم ترقى وأصبح يوصل الطلبات إلى المنازل، لكنه ظل يتنقل من صيدلية إلى أخرى، من حى الوراق، إلى بولاق، ليستقر أخيرا فى أحد فروع الصيدليات الكبيرة فى المهندسين. التى منحته فرصة التدريب على معرفة أنواع الدواء التى يستخدمها مريض السرطان، وغيره من الأدوية المتخصصة. هذه الخبرة المكتسبة هى التى مكنت أحمد وأهلته لأن يكون مساعد صيدلى، ضامنا لنفسه وظيفة مستقرة، ومصدر معرفة ينمو ويزداد من يوم إلى آخر. «الدكاتره شافوا إنى مركز وبسعى إلى معرفة أنواع الأدوية فقاموا بتعليمى، الناس بتحب الشخص الفاهم»، كما جاء على لسانه. يؤمن أحمد بمبدأ «حب المهنة.. تحبك، وتقدر تنجح فيها». ولذلك فهو يقول إنه الآن يستطيع القيام بصرف أى روشتة دواء يحضرها المرضى المترددين على الصيدلية، ويعرف أيضا أن يتعامل مع مندوبى شركات الدواء، ويشرح لهم الأدوية الناقصة من الصيدلية، والأدوية التى لا يوجد عليها طلب كبير». أقدر الآن أعرف الفرق بين كل نوع والثانى»، يستطرد أحمد، مشيرا إلى أن مساعد الصيدلى، يجب أن تتوافر لديه معرفة عن المادة الفعالة للدواء، حتى يمكن أن يساعد المريض فى اختيار الدواء البديل إذا لم يتوافر فى الصيدلية الدواء الذى كتبه الطبيب. ويوضح ماهر أن الإيراد اليومى الذى تحصل عليه الصيدلية يتوقف على طبيعة المنطقة التى توجد فيها الصيدلية، فإذا كانت منطقة من المناطق الشعبية، فإن أغلب إيراد الصيدلية سيأتى من بيع الدواء. «60% أو أكثر من الإيراد من بيع الدواء»، تبعا له، أما إذا كانت الصيدلية فى منطقة راقية يكون جزء كبير من إيراد الصيدلية ناتجا من بيع أدوات التجميل، «أكثر من 65% من الإيراد يأتى من بيع أدوات الجميل، الماكياج، الشامبوهات، والكريمات». راتب أحمد الشهرى الثابت 600 جنيه، «وهذا راتب متواضع جدا لمساعد صيدلى»، وفقا له، ولكن مع الأجر الإضافى، قد يكون معقولا علما أن «هذا الأجر يقدمه له صاحب الصيدلية حسب تقديره الشخصى مجهوده». ولهذا يرى ماهر إنه سعيد الحظ لأنه استقر فى إحدى صيدليات الأحياء الراقية، لأنه «كلما زاد الدخل، زاد المرتب والأوفر تايم»، تبعا له. ويرى ماهر أن أهم ما يميز علمه الآن فى الصيدلية الحالية هو نوعية الزبائن المترددين عليه، فهم «زبائن شيك، ومحترمين، ويحسنون معاملته». فهؤلاء، وفقا له، يبحثون دائما عن السلعة المستوردة والغالية، مما يرفع من إيراد الصيدلية على بيع أدوات التجميل والأدوية المستوردة، و«لكن بما أن المستورد صعب أن تشتريه أى صيدلية هذه الأيام، يجب أن يعرف مسئول المشتريات فى الصيدلية جيدا الأصناف التى يوجد عليها إقبال كبير من المرضى، بحيث لا يسمح بوجود عجز فى هذه الأصناف، إذا طلبها أى مريض. «ذلك أيضا يؤدى إلى اكتساب ثقة الزبون، الذى بدوره يجلب زبونا آخر، فالناس سئمت البحث عن الأدوية». ولكن ماهر يشير أيضا إلى أنه من الأفضل ألا يتراكم مخزون من الدواء فى الصيدلية، إلا فى الأصناف التى يكون استهلاكها عاليا، مشيرا إلى أن أكثر أنواع الأدوية التى تباع فى الصيدليات بصفة عامة، هى الأدوية الخاصة بمرضى السكر، والضغط، وأدوية علاج أمراض البرد، وكل الأمراض المزمنة. «التخطيط الجيد يضاعف المبيعات، وذلك يقلل من الخسائر وما يترتب عليها من انخفاض فى الحوافز». ضعف الراتب الذى يتقضاه أحمد لا يمنعه من أن يحلم، أحمد يحلم بأن يستكمل دراسته للغة الانجليزية، فهو يريد أن يأخذ كورسات فى «الميدل إيست»، أو الجامعة الأمريكية، حتى يستطيع التحدث مع الزبائن بشكل جيد «أحلم بأن أسافر إلى انجلترا» يقول ماهر. طموح ماهر كبير، فهو يحلم بأن يترقى فى عمله ويصبح مدير مشتريات، لكن هذه الوظيفة تتطلب أن يكون العمل فى صيدلية لها العديد من الفروع. فمدير المشتريات هو المسئول عن الاتصال بالمسئولين فى الشركات، ويبلغ عن الأصناف غير الموجودة فى الصيدلية. ماهر ليس شخصية دءوبة فقط على مستوى الوظيفة، ولم يقتصر إصراره على التدرج فى وظيفته، بل أيضا كان له مساهمة فى إضراب الصيادلة «للدفاع عن مصيره»، كما يقول، وأيضا بسببه حصل أحمد على إجازة «نصف يوم».. «الإضراب جاء مصلحة».