أشعة الشمس تمتزج بمياه البحر الزرقاء. رؤية واضحة لما تحت الأعماق طوال النهار، وريح ساكنة تجعل الغطس أكثر أمانا للمبتدئ. هنا مدينة شرم الشيخ «مثلث الرعب الجميل»، كما يصفها رامى مدرب الغطس مرشحا المدينة لتكون «الأنسب لإرضاء غرور الغواص المحترف والأكثر متعة وأمانا المبتدئ»، لكن ليس فى هذا الموسم الصعب على أى حال. التيارات الثلاث الآتية من خليج العقبة والسويس والبحر الأحمر، تتلاقى عند منطقة رأس محمد، تعطى مزيدا من المغامرة والإثارة لمحبى «الغوص الانجرافى»، فيستسلم المغامر لتيارات الماء الهادئة تحمله حيث يشاء. أعماق متدرجة مناسبة للغوص السطحى بعمق لا يزيد على الأمتار الثلاثة، فى الوقت الذى لا يوجد به حدود لمن يريد المغامرة. كلام رامى يترجمه زياد الباسل رئيس غرفة الغوص والأنشطة البحرية بجنوب سيناء إلى أرقام، «2 مليون ونصف سائح فى شرم سنويا لممارسة الغطس». الباسل ينقل عن إحصائيات وزارة السياحة أن سياحة الشواطئ بالبحر الأحمر تستحوذ على 60% من أنشطة السياحة فى مصر، «ورغم ذلك لا تأخذ الهواية حقها المشروع من الاهتمام». بدأ نشاط الغوص فى شرم الشيخ مع بداية الثمانينيات، مع عودة سيناء لمصر. وكانت هناك ثلاثة مراكز يملكها ألمانى وبلجيكى وفرنسى، ولكن اهتمام مصر بالمدينة فى وجهة نظر الباسل لم يبدأ إلا بعد أحداث الأقصر، عندما كان الغوص أقل أنواع السياحة تأثرا. فقط فى 2007 تم إنشاء غرفة الغوص بوزارة السياحة، «فالإرادة السياسى بالوزارة لم تدرك تماما أهمية الغوص كدخل سياحى لمصر». التطوير الآن بات ضروريا فى رأى الباسل «الغوص صناعة عالمية، وبزنيس ضخم تتنافس عليه الدول، وأقربهم ولاد عمنا فى المنطقة»، فعلى الضفة الأخرى من البحر الأحمر تعمل الدولة المحتلة على الاستغلال السياحى الأمثل. مصر تحاول أن تعرف أصول الصناعة، بدأت عمليات التسويق الخارجى والاشتراك فى المعارض الدولية، ولكن حتى الآن ما زالت شرم ينقصها الكثير. «النهارده ما أقدرش أستقبل غواصين زيادة». المدينة المزدحمة تحتوى على ثلاث سقالات، ترسو عندها السفن فى انتظار الغواصين، يزداد الأمر خطورة ويقل النظام عندما تتحمل السقالة أضعاف قدرتها. «من زمان بنطلب مارينا عالمية هنا»، حتى الآن لم يتحقق طلب غرفة الغوص فى إنشاء ميناء منظم وكبير تنطلق منه السفن السياحية للبحر الثرى. على بعد 4 كيلو مترات بالقرب من خليج السويس، ترقد إحدى سفن الحلفاء على عمق 27 مترا، قصفتها طائرة ألمانية وتحولت بما عليها لمتحف تحت سطح البحر. «قطع الصيغة الثلاث» الوصف المطلق على الشعاب المرجانية بالقرب من مضيق تيران. شعاب محمود وعلى. بعض أشهر أماكن الغوص فى شرم يتجول بينها رامى مع السائحين منذ ثمانى سنوات، بعد تخرجه فى القسم الوحيد الخاص بالغوص بكلية التربية الرياضية جامعة قناة السويس، ولكن الأوضاع بالنسبة له حاليا غير مشجعة، فهو لا يستطيع أن يمتلك مركز غوص. فى 2008 أصدرت وزارة السياحة قرارا بوقف التراخيص الجديدة للمراكز، «خطوة تنظيمية علشان المراكز تلتزم بالمعايير الدولية ونحافظ على مستوى الخدمة المقدم»، من وجهة نظر الباسل قد تتسب المراكز الكثيرة فى أن تكون المدينة مقصدا سياحيا رخيصا، وهو ما يضر اقتصاديا بالنشاط السياحى. حاليا يوجد فى شرم الشيخ 104 مراكز، «ولن نسمح بالمزيد»، الباسل يعتبر أن عدد المراكز يكفى تماما لعدد السائحين، الفرصة مفتوحة فى طابا ومرسى علم. «إيه العلاقة بين وقف الترخيص ومستوى الخدمة؟»، يتساءل رامى الذى يعمل مدربا ومديرا لأحد مراكز الغوص فى شرم الشيخ. الوضع الحالى من وجهة نظره يتيح فقط «الاحتكار والسوق السودا لعدد من المراكز التى تجاوز سعرها المليون». هو يعتقد أن منح ترخيص لمركز يلتزم بالمعايير الدولية قد يساهم فى الارتقاء بمستوى الخدمة ويزيد من عدد السائحين. قبل 3 سنوات كانت شهور الصيف موسما كبيرا، ولكن مع بداية الأزمة العالمية بدأت الأعداد فى تناقص، وانخفض مستوى السائحين الاقتصادى، «السنة الحالية زاد السياح 15% مقارنة بالسابقة»، كما يقدر الباسل. خلال الأسبوع الماضى لم يقم رامى سوى بجولتين، ولا يوجد موعد أكيد بالجولة التالية، ولهذا سوف يقضى الوقت فى تعليم أحد المصريين الغوص، الذى يعتمد على الإثارة المخاطرة يهواه أكثر الأجانب. لا يتوقع الباسل أى تأثير لشهر رمضان على موسم الغطس خاصة أن الأجانب غير مرتبطين بطقوس الشهر الكريم، ولكنه متأكد من موسم ضخم خلال العيد، حيث تكون المدينة مقصد العرب والمصريين.