قالت هيئة مفوضى الدولة بالمحكمة الإدارية العليا فى تقرير أودعته الخميس الماضى إن عقد البيع المبرم بين وزير الإسكان السابق د.محمد إبراهيم سليمان ورجل الأعمال هشام طلعت مصطفى لبيع 20 كيلومترا من أراضى الدولة بمدينة القاهرةالجديدة لإنشاء مشروع «مدينتى» السكنى هو عقد باطل، وأوصت الهيئة المحكمة الإدارية بإصدار حكم قضائى نهائى بتأييد حكم أول درجة ببطلان عقد مدينتى لأن منح أرض المشروع تم بالأمر المباشر، وكان يجب أن يتم إقامة مزاد علنى رسمى ويتم البيع لأفضل العروض من رجال الأعمال. وطلبت هيئة المفوضين رفض الطعنين المقدمين من وزارة الإسكان ومجموعة شركات طلعت مصطفى لوقف تنفيذ حكم القضاء الإدارى ببطلان العقد، حتى يكون نهائيا وواجب النفاذ. وجاء فى تقرير الهيئة أن وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان بصفته رئيسا لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وافق فى أغسطس 2005 على منح مجموعة طلعت مصطفى مساحة 5 آلاف فدان من أراضى الدولة ثم أتبعها بمساحة 3 آلاف فدان أخرى «يعادل 20 كيلومترا» وفق قانون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة الصادر عام 1979 رغم نسخ هذا القانون وإلغاء قواعده رسميا بموجب المادة الأولى من قانون المزايدات رقم 89 لسنة 1998، حيث نصت هذه المادة على سريان قانون المزايدات على جميع عمليات التصرف فى أملاك الدولة من عقارات وأراضى، سواء كانت الجهات المالكة لهذه الأراضى هى الوزارات والمصالح الحكومية أو الهيئات العامة التى كان لها قوانين خاصة مثل هيئات المجتمعات العمرانية والسياحية والصناعية والإصلاح الزراعى. وتنظر اليوم الأحد المحكمة برئاسة المستشار مصطفى حنفى، نائب رئيس مجلس الدولة، نتيجة هذا التقرير ومن المتوقع حجز القضية للحكم أو إعطاء فرصة أخيرة للخصوم للرد على تقرير هيئة المفوضين، علما بأن جميع الدرجات القضائية التى نظرت القضية رأت أن البطلان هو الجزاء الطبيعى لمخالفة العقد للقانون، وهى الدائرة الثامنة بهيئة مفوضى الدولة للقضاء الإدارى ثم دائرة العقود والتعويضات بمحكمة القضاء الإدارى ثم أخيرا الدائرة الثالثة بهيئة مفوضى الدولة للمحكمة الإدارية العليا. وأضاف التقرير إن الوزير السابق خالف القانون الجديد باتباع طريقة بيع مساحة الأرض بالكامل بالأمر المباشر بدون تلقى أى مقابل مادى لها، وقصر المقابل المادى الذى حصلت عليه وزارة الإسكان على نسبة 7% من الوحدات السكنية بمشروع «مدينتى»، وأوضحت ملحقات عقد البيع أن هذه النسبة تحدد بالاتفاق مع الشركة المالكة ولا تبيع الوزارة هذه النسبة إلا بعد إخطار الشركة وتحديد أسعار الوحدات بالتوافق بين الطرفين. وأكد التقرير أنه كان يتوجب على وزير الإسكان طرح مساحة الأرض بالكامل للمزايدة العلنية وفقا لقانون المزايدات والإعلان عنها فى الصحف الرسمية لضمان الحصول على أعلى سعر بيع وتحقيق أكبر استفادة ممكنة لخزانة الدولة، وفقا لقانون المزايدات الذى لم يمنح أيا من الهيئات الحكومية وضعا خاصا يمكنها من مخالفة قواعد بيع أراضى الدولة ويعتبر القاعدة القانونية العامة والحاكمة للتصرف فى أملاك الدولة، بالإضافة إلى عدم تشكيل لجان للبت فى المناقصات وفتح المظاريف، وعدم تشكيل لجنة تضم الخبرات والتخصصات النوعية «تكون مهمتها تحديد الثمن أو القيمة الأساسية للأرض محل التعاقد، وفقا للمعايير والضوابط التى تنص عليها اللائحة التنفيذية، على أن يكون الثمن سريا» وفق المادتين 32 و33 من قانون المزايدات. وأوضح التقرير أن الوزير سليمان خالف أيضا الفتاوى المتواترة من الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، وبعضها موجه لسليمان ذاته بين عامى 2001 و2004 بوجوب اتباع قانون المزايدات عند التصرف فى أراضى الدولة باعتباره الشريعة العامة لعمليات بيع الأراضى بالمناقصات أو المزايدات أو الممارسات المحدودة، وببطلان جميع عمليات التصرف المبرمة بالمخالفة لهذا القانون والمتبع فيها قانون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة الملغى الذى كان يمنح وزير الإسكان حق التصرف فى أراضى الدولة بالأمر المباشر. وأشار التقرير إلى أن البطلان هو جزاء جميع العقود المخالفة لقانون الدولة العام ولا ينال من ذلك ما انتهت إليه أحكام محكمة النقض بأن القانون الخاص يقيد القانون العام، حيث إن القانون العام فى حالة التصرف فى أراضى الدولة وهو قانون المناقصات والمزايدات قد صدر فى ظل سريان القانون الخاص وهو قانون هيئة المجتمعات العمرانية، ونص صراحة على إلغاء جميع القوانين المعارضة والسابقة المقيدة له، مما يؤكد أن وزير الإسكان السابق لم يراع قاعدة النسخ التشريعى رغم بدء العمل بالعمل بقانون المزايدات فى يونيو 1998، والتصديق على هذا السريان من مجلس الشعب فى جلسة خاصة حضرها وزير المالية السابق د.محيى الدين الغريب. ولم يرد تقرير هيئة المفوضين الذى جاء فى 52 صفحة على الدفوع الجديدة التى قدمها د.شوقى السيد، محامى مجموعة طلعت مصطفى، مثل عدم إمكانية تنفيذ حكم أول درجة لاستقرار المراكز القانونية للملاك، ولم يتطرق إلى المستندات التى قدمها وتوضح أن عضوى اليمين واليسار بالدائرة التى أصدرت حكم إلغاء العقد، تجمعهما خصومة قضائية مع هيئة المجتمعات العمرانية، مؤكدا أنه كان يجب عليهما التنحى عن نظر القضية وعدم التوقيع على مسودة الحكم، وفقا لمبدأ عدم صلاحية القضاة للفصل فى الدعاوى التى يكون خصومهم أطرافا فيها، المادة 146 من قانون المرافعات، حيث جاء فيها أن المستشار ممدوح السقا، عضو اليمين فى الدائرة السابقة، دخل فى خصومة مع هيئة المجتمعات العمرانية حول قطعتى أرض بالقاهرةالجديدة، وصدر لصالحه حكم فى عام 2004، كما اختصم المستشار محمد عقيلة، عضو اليسار بذات الدائرة، هيئة المجتمعات العمرانية أمام مجلس الدولة فى قضية التصريح له بتعلية طابق فى عقار بمدينة أكتوبر، والقضية حاليا منظورة أمام هيئة مفوضى الدولة.