كما توقعت «الشروق» منذ أربعة شهور أن يثير الحديث عن عودة مخطوط «إنجيل يهوذا» الغضب القبطى، الذى أصبح متوقعا ومتكررا أيضا هذه الأيام، سواء عن حق أو بدون، حيث أشارت أقاويل كثيرة إلى وجود عاصفة غضب قبطية من رجال الكنيسة الأرثوذكسية، وغيرها من الكنائس لاسترداد هذا المخطوط الذى يخالف بقية الأناجيل التى تقرها الكنائس المسيحية. فإنجيل يهوذا يوضح أبعادا مختلفة لعلاقة هذا التلميذ بالسيد المسيح، عما هو وارد فى أناجيل «متى ومرقس ولوقا ويوحنا». إذ يصور المخطوط يهوذا، وكأنه لم يخن السيد المسيح، ولم يسلمه للرومان نظير 30 قطعة من الفضة، فضلا عن أنه ينكر مسألة ألوهية المسيح التى تعتبر ركنا رئيسيا وأوليا فى غالبية الكنائس. وحول عودة المخطوط، أكد الدكتور زاهى حواس أمين عام المجلس الأعلى للآثار أن مصر استعادت بالفعل من أمريكا إنجيل «يهوذا الإسخريوطى»، مضيفا أن هذا المخطوط موجود فى المتحف القبطى منذ سبعة شهور، مستغربا من نشر بعض المواقع الإلكترونية أخبارا تؤكد أن المخطوط عاد سرا هذه الأيام، وأن الكنيسة المصرية غاضبة. وذكر حواس أنه يحاول الآن أن يسترد جزءا آخر من المخطوط، مؤكدا أنه سيصل خلال شهر. وقال حواس إنه تعامل مع هذه الوثيقة على إنها أثر مصرى، غير ملتفت إلى محتواها المخالف للدين المسيحى. وتساءل زاهى: هل يجوز أن نترك أثرا مصريا تم تهريبه للخارج بحجة أن الكنيسة المصرية ستغضب؟.وعن عدم إعلان عودة المخطوط، والاحتفاظ به سرا قال حواس «احتراما لمشاعر الأقباط، كما إننا لا نريد سوى الاحتفاظ به باعتباره أثرا بغض النظر عن القضية الدينية». يذكر أن «الشروق» انفردت منذ شهور بأن مصر استعادت أجزاء من إنجيل «يهوذا الإسخريوطى»، الذى تم اكتشافه فى صحراء بنى مزار من قبل فلاحين في أحد الكهوف. وأشارت الجريدة إلى أنه من المتوقع أن يثير استرداد إنجيل يهوذا، المعروف عنه بأنه التلميذ الخائن للمسيح، الكثير من الجدل. فى حديث سابق للقمص عبدالمسيح راعى كنيسة العذراء بمسطرد وأستاذ اللاهوت الدفاعى بالكلية الاكليركية قال إن من حق مصر استعادة المخطوط والاحتفاظ به، ولكن «هذا لا يعنى صحته، فوجود الوثيقة شىء، لكن صحته كوحى إلهى شىء آخر»، رافضا وصف المخطوط بأنه «إنجيل إلهى». وأضاف بسيط الذى أصدر من قبل كتابا حول هذا الإنجيل تحت عنوان «إنجيل يهوذا هل اكتشافه يؤثر على المسيحية؟»: «يجب توضيح أنه لا يمكن أن يطلق على مخطوط صحراء بنى مزار تعبير إنجيل؛ لأنه لا يحمل أى سماته، فكلمة إنجيل تعنى الخبر المفرح أو البشارة السارة أو بشارة الملكوت». وأوضح بسيط أنه لا توجد أية قيمة دينية لهذا المخطوط، بل هناك قيمة أثرية له باعتباره مخطوطا مصريا يرجع إلى القرن الرابع الميلادى. وأكد بسيط أنه كتاب مزيف يفيد فقط فى دراسة ما نطلق عليه كتب الأبوكريفية أى غير الصحيحة «المحرفة».فى حين قال أحد قساوسة الكنيسة الأرثوذكسية طلب عدم نشر اسمه مخالفا رأى القمص بسيط: إن وجود هذا المخطوط المغلوط فى مصر، يعنى اعترافنا به، وهو ما لا تقبله الكنيسة». يعود الجدل حول هذا المخطوط إلى أبريل 2006 عندما نشرت أخبارا عن ترجمة ونشر النص الكامل لكتاب إنجيل يهوذا المكتوب باللغة القبطية. ووقتها أثارت هذه الأخبار بعض ردود الأفعال من جانب الناشرين وبعض الصحف والمجلات، حيث ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية عن المخطوطة: «أنها لو صحت، لانقلبت المسيحية كلها رأسا على عقب. ولاهتزت كل الأسس. وكل التقاليد، وكل ما قامت عليه ثانى الديانات السماوية فى العالم». أما قصة المخطوط نفسها فبدأت حين تم اكتشاف مخطوطة باللغة القبطية لهذا الإنجيل فى صحراء بنى مزار بالمنيا، أوائل السبعينيات (1972)، عثر عليه فلاح مصرى، وباعه لأحد تجار الآثار وتنقل من يد ليد حتى استقر به المطاف فى أمريكا ليعود أخيرا إلى مصر ليعرض فى المتحف القبطى. والمخطوط مكون من 13 ورقة بردى مغلفة بغلاف جلدى سميك، ومكتوب بطريقة الكشكول Codex، وهذا معناه أنها ترجع إلى القرن الثالث الميلادى، حيث كانت الكتابة على البردى بطريقة الRoll فى القرون السابقة لذلك، بينما بدأت طريقة الكشكول (مجموعة أوراق مجمعة معا) فى القرن الثالث.