150 ألفا للطب.. مصروفات جامعة حلوان الأهلية بتنسيق الجامعات 2025    لا يسري على هذه الفئات| قرار جمهوري بإصدار قانون العمل الجديد -نص كامل    جامعة بنها تحصد المراكز الأولى فى مهرجان إبداع -صور    مكاسب "الجنيه الذهب" تتخطى 7400 جنيه منذ بداية العام.. هل هو الخيار الأفضل للاستثمار؟    أسعار النفط تتراجع مع قرار "أوبك+" بتسريع زيادة الإنتاج    خريطة الأسعار اليوم: انخفاض اللحوم والأسمنت وارتفاع الذهب    رئيس الوزراء يلتقى رئيس البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية    سموتريتش: نحتل غزة للبقاء فيها    في 20 عامًا.. ماذا قدم ألكنسدر أرنولد مع ليفربول؟    منافس الأهلي.. بوسكيتس: لسنا على مستوى المنافسة وسنحاول عبور مجموعات كأس العالم    عقوبة جديدة من الزمالك ضد زيزو بعد عودته للتدريبات    مدرب نيوكاسل: لن ننتظر الهدايا في صراع التأهل لدوري الأبطال    استعراض بسيارة وسلاح.. الأمن يكشف ملابسات "فيديو القليوبية"    حال الطقس.. الأرصاد: موعد بداية تحسن الجو وأمطار على هذه المناطق    "وُلدتا سويا وماتتا معا".. مصرع طفلتين شقيقتين وقع عليهما جدار في قنا    بعد لقاء الرئيس السيسي بسلطانهم، من هم البهرة وسر علاقتهم المميزة مع مصر؟    أعدادهم بلغت 2.6 مليون.. أشرف صبحي: الطلاب قوتنا الحقيقية    كارول سماحة تكشف مواعيد وأماكن عزاء زوجها وليد مصطفى في لبنان ومصر    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    قطاع الرعاية الأساسية يتابع جودة الخدمات الصحية في مراكز طب الأسرة بأسوان    طريقة عمل البيتزا، أحلى وأوفر من الجاهزة    محافظ الدقهلية يتفقد مستشفى المنصورة التخصصي (صور)    «وكيل الشباب بشمال سيناء» يتفقد الأندية الرياضية لبحث فرص الاستثمار    رئيس الوزراء يلتقي رئيس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية    جوري بكر في بلاغها ضد طليقها: "نشب بيننا خلاف على مصروفات ابننا"    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    إحالة المتهم في قضية الطفلة مريم إلى الجنايات    أمل عمار: النساء تواجه تهديدات متزايدة عبر الفضاء الرقمي    رئيس أوكرانيا يعرب عن امتنانه للجهود التي تبذلها التشيك لدعم بلاده    «الصحة» تعلن نجاح جراحة دقيقة لإزالة ورم من فك مريضة بمستشفى الشيخ زايد التخصصي    هيئة الرعاية الصحية: نهتم بمرضى الأورام ونمنحهم أحدث البروتوكولات العلاجية    جدول امتحانات الترم الثاني للصف الثاني الثانوى في القليوبية    بالمجان وبدءًا من اليوم.. أفلام عالمية وهندية وأوروبية تستقبل جمهور قصر السينما    الكرملين: بوتين لا يخطط لزيارة الشرق الأوسط في منتصف مايو    إعلام إسرائيلي: الحكومة تقرر عدم تشكيل لجنة تحقيق في أحداث 7 أكتوبر    «تحديات العمل القضائي وبناء القدرات» في مؤتمر لهيئة قضايا الدولة    3 سنوات سجن ل "بائع ملابس" هتك عرض طالبة في الطريق العام بالإسكندرية    «انتوا عايزين إيه!».. شوبير ينتقد جماهير الأهلي بسبب المدرب الجديد    الزراعة تستعرض أنشطة معهد الإرشاد الزراعي خلال شهر أبريل    جامعة مايو تفتح ندوتها "الانتماء وقيم المواطنة" بكلمة داليا عبد الرحيم.. صور    "صحة غزة ": عدد الشهداء الأطفال تجاوز 16 ألفا.. والقطاع يشهد مؤشرات صحية وإنسانية خطيرة    جامعة بنها تحصد عددا من المراكز الأولى فى مهرجان إبداع    الهند تحبط مخططا إرهابيا في قطاع بونش بإقليم جامو وكشمير    وزير الخارجية العراقي يحذر من احتمال تطور الأوضاع في سوريا إلى صراع إقليمي    انتظام الدراسة بعدداً من مدارس إدارة ايتاى البارود بالبحيرة    وزير الكهرباء يجتمع بمسئولي شركة "ساى شيلد" لمتابعة مجريات تشغيل منظومة الشحن الموحد    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    مصرع طالبة صعقًا بالكهرباء أثناء غسل الملابس بمنزلها في بسوهاج    محمود ناجي حكما لمواجهة الزمالك والبنك الأهلي في الدوري    توقعات الأبراج اليوم.. 3 أبراج تواجه أيامًا صعبة وضغوطًا ومفاجآت خلال الفترة المقبلة    بدرية طلبة تتصدر الترند بعد إطلالاتها في مسرحية «ألف تيتة وتيتة»|صور    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشارا للأمن القومي    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 .. تعرف عليه    ارتفعت 3 جنيهات، أسعار الدواجن اليوم الإثنين 5-5-2025 في محافظة الفيوم    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    على ماهر يعيد محمد بسام لحراسة سيراميكا أمام بتروجت فى الدورى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوارات محمد البرادعي وعمرو موسى
نشر في الشروق الجديد يوم 13 - 06 - 2010

أعطت الحوارات الصحفية الأخيرة مع الدكتور محمد البرادعي (الشروق) والسيد عمرو موسى (المصري اليوم) النقاش الراهن حول انتخابات الرئاسة 2011 زخما إعلاميا وسياسيا يستحق الرصد. وعلى الرغم من قناعتي بضرورة تجنب اختزال أجندة مصر المستقبلية في الحدث الرئاسي وكذلك الابتعاد عن شخصنته، وهو ما عبرت عنه في أكثر من مقال على صفحات الشروق مشيرا إلى أننا على موعد في العام الجديد مع انتخابات برلمانية هامة وما زلنا نواجه معضلات دستورية وسياسية واقتصادية واجتماعية حقيقية، إلا أن الإسهام في النقاش الراهن حول الحدث الرئاسي ومحاولة ترشيده وتعميق مضامينه أصبح أمرا واجبا في ظل تصاعد اهتمام الرأي العام.
أجاد الدكتور البرادعي وأمين عام الجامعة العربية عمرو موسى في إعادة العوائق الدستورية للترشح للرئاسة المرتبطة بالمادة 76 إلى الواجهة الإعلامية والسياسية وإظهار ضرورة تعديلها إن أردنا منافسة حقيقية على المنصب الرئاسي. وفي حين تحدث موسى بواقعية مقررا أن باب الترشح من خارج الأحزاب السياسية مغلق وأنه كغيره من المستقلين لا يملك بالتبعية فرصا فعلية للمشاركة في انتخابات 2011 إلا حال تغير البيئة الدستورية، طالب البرادعي بتعديل المادة 76 وكذلك بعض المواد الدستورية الأخرى على نحو يكفل الطبيعة التنافسية لانتخابات الرئاسة والرقابة عليها في 2011 وجعل من هذه التعديلات شرطا لمشاركته كمرشح.
لدي هنا شكوك وتحفظات على الحصافة السياسية للمطالبة بإدخال تعديلات دستورية قبل الانتخابات كشرط مسبق في ظل سيطرة نخبة الحكم الكاملة على مداخل التعديل ورفضها مجرد الحديث عنه (كما أكد مجددا أمين عام سياسات الحزب الوطني جمال مبارك) وهو ما يضع البرادعي إن استمر رفض النخبة أمام اختيار حدي بين الامتناع عن المشاركة في الانتخابات أو التحايل على شرطه المسبق إن أراد البقاء في الساحة، وأجد أن واقعية موسى الداعية عملا للتعديلات الدستورية دون اشتراطها جاءت أذكى سياسيا. مع ذلك، يذهب القاسم المشترك بين موقفي موسى والبرادعي بلا ريب في الاتجاه الصحيح، المطالبة بتعديلات دستورية تتوافق معظم أطياف الحياة السياسية المصرية على مركزيتها. بل أن الدكتور البرادعي أحسن بتضمين حديثه عن المسألة الدستورية إشارات إلى قضايا إضافية هامة للغاية كالحد الأقصى للفترات الرئاسية ومسئولية الرئيس وأدوات محاسبته والتوازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وغيرها.
كذلك أجاد الرجلان، مع تميز واضح لعمرو موسى على هذا المستوى، في تقديم أوراقهما للمواطنين المصريين على خلفية النقاش حول انتخابات 2011. جاء حديث موسى، وهو المتمتع بقبول شعبي واسع النطاق في مصر، هادئا ومعنيا بتحديد الخطوط العريضة لوضع مصر الداخلي والإقليمي والدولي وإمكانات الإصلاح والتقدم، كما لم تشغل به "الأنا" سوى المساحة المقبولة المرتبطة بتوظيف خبرة أمين عام الجامعة العربية الحالي ووزير خارجية مصر السابق الدبلوماسية الواسعة وقراءته كمسئول رسمي لما يدور حولنا. في المقابل قدم الدكتور البرادعي للرأي العام، وهو البعيد مهنيا عن مصر منذ سنوات عدة، بطاقة تعريف متماسكة قوامها الإلمام بالبيئة الدستورية والسياسية التي عوقت فرص التحول الديمقراطي والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المجتمع من جراء التعثر الطويل لإستراتيجيات وسياسات التنمية.
إلا أن حديث البرادعي اتسم بشيء من تضخيم "الأنا" (التي تحول معها الرجل في حوار الشروق إلى السبب الرئيسي في منع الحرب الأمريكية على إيران)، وبالمبالغة في التشديد على القدرات الذاتية (الإشارة إلى اتصالات البرادعي الواسعة مع قادة وساسة العالم وحديثه الدوري معهم عن الأوضاع المصرية)، وببعض الرومانسية غير الضارة وإن كانت لا ترقى إلى مقام رجل الدولة (قوله أنه سيعقد مؤتمره الصحفي الأول أن انتخب رئيسا للجمهورية في 2011 من أحدى العشوائيات)، وبعدد من الأرقام والبيانات غير الدقيقة (عن معدلات البطالة بين شرائح السكان المختلفة ونمو الناتج القومي خلال الأعوام الماضية).
ولا شك عندي في أن بعض سلبيات حديث الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية نتج عن الحملة الشرسة التي شنها عليه الإعلام الحكومي بمجرد أن أفصح عن رغبته في الترشح للرئاسة وطالت بالنقد غير الموضوعي وغير الأمين حياته المهنية والخاصة، وهو ما يحتم استماحة العذر له، خاصة لجهة "الأنا" المضخمة.
ومع أن الحوارات معهما قدمت رؤى وتصورات تكاد تكون متطابقة ل "مصر التي نريد بعد 2011" قوامها التحول الديمقراطي والتنمية وفاعلية الدور الإقليمي والدولي حماية للأمن القومي والمصالح الحيوية، إلا أن الطرح البرامجي المعني بترجمة الرؤى والتصورات إلى خطط وسياسات واقعية لم يحضر لدى البرادعي وموسى سوى بمحدودية شديدة واتسم حين حضر بالعمومية. حديث الرجلين أظهر بجلاء واحدة من أخطر معضلات المعارضة والنقاش العام في مصر، آلا وهي افتقاد القدرة على الانتقال من وضعية تشخيص أمراض المجتمع والسياسة إلى البحث في طرائق العلاج وخطوات التنفيذ.
أسهب البرادعي، وبدرجة أقل موسى، في توصيف الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية ثم اكتفيا بالإشارة العامة إلى أولوية الدفع نحو الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والمؤسسي دون تفصيل يجيب على أسئلة "كيف" المرتبطة بالأدوات والخطوات والشروط. وبذات العمومية تم التطرق إلى الإصلاح السياسي الذي اختزل لدى موسى في منافسة ديمقراطية وشفافية، بينما أضاف البرادعي لهذين المكونين حتمية التوافق الوطني ودمج جميع عناصر الحياة السياسية في مصر (مع تخصيص الإشارة هنا إلى حالة جماعة الإخوان المسلمين) دون تناول واضح لشروط التوافق والقواعد والضمانات الدستورية والقانونية للدمج.
والحقيقة أن الصورة التي وظف بها مفهوم الإصلاح في حديث البرادعي وموسى أوضحت بجلاء مدى المحدودية والتهافت اللذان طالا مضامين المفهوم في النقاش العام من جهة، ودللت من جهة أخرى على كارثية الوضعية الضعيفة وشبه العاجزة لأحزاب وحركات المعارضة في مصر. فمهمة الطرح البرامجي وصياغة الخطط والسياسات البديلة تظل قبل كل شيء ملقاة على عاتق الأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية، ولا يستطيع أفراد - سياسيون كانوا أو مثقفون ومهما بلغت قدراتهم الذاتية - الاضطلاع بها، بل مجرد التعبير عنها وتبنيها أمام الرأي العام أملا في إقناع قطاعات واسعة من المواطنين برجاحتها.
من غير الموضوعي إذا محاسبة وانتقاد البرادعي وموسى على محدودية الطرح البرامجي وعمومية توظيف مفهوم الإصلاح، فالمسئولية تعود إلى أحزاب وحركات المعارضة، إلا أن هذه باتت تكتفي اليوم مع بالغ الأسف إما بصحف تصدرها ومشاركات لقياداتها في برامج تليفزيونية أو بصراعاتها الداخلية.
مجددا، أؤكد على إيجابية الزخم الإعلامي والسياسي الذي رتبته الحوارات مع محمد البرادعي وعمرو موسى وأهمية لحظة الحراك الراهنة بكل تجلياتها، من حملة تنشط هذه الأيام لجمع توكيلات من المواطنين لتفويض البرادعي لتغيير الدستور وحملات إلكترونية لدعم ترشح موسى للرئاسة إلى تبني كفاية وشباب 6 أبريل (أين الحركتان بعيدا عن ذلك؟) للبرادعي ومئات المقالات المؤيدة لمطالب الرجلين.
إلا أن تطوير الحراك هذا يقتضي عدم الاقتصار على ملف الانتخابات الرئاسية 2011 والانفتاح على تناول انتخابات العام الجاري البرلمانية، كما يستدعي توسيع وتعميق مساحة الطرح البرامجي في نقاشنا العام كي ننتقل من تشخيص أمراض طال أمدها في المجتمع والسياسة إلى البحث عن العلاج الممكن.
أعزائي القراء، كل عام وأنتم بخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.