نائب يطالب بعقد لجان استماع بشأن قانون إجراءات التصرف في أملاك الدولة    رئيس جامعة دمياط يهنئ السيسي بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو    توقيع عقود تنفيذ مجمع الفسفوريك العملاق بأبوطرطور بحضور وزير البترول ومحافظ الوادي الجديد    خبراء: سفن التغييز الجديدة تجنب مصر انقطاعات الغاز الطبيعي المتكرر    قيادي بحزب مصر أكتوبر: قانون الإيجار القديم يعيد الحقوق المجمدة للملاك بعد عقود من الظلم    سوريا: لا صحة لإحباط محاولة لاغتيال الرئيس الشرع في درعا    حماس: 66 طفلا فقدوا حياتهم بغزة جراء التجويع الإسرائيلي    إيران تطالب بتحميل إسرائيل وأمريكا مسئولية الحرب ودفع التعويضات عن الأضرار    البرلمان يقف دقيقة حداد على أرواح ضحايا حادث الطريق الإقليمى بالمنوفية    رونالدو: سأعيش في السعودية بقية حياتي    «بعد اتهامات الكوبري».. الأهلي يرد على أنباء ضم نجم بيراميدز    مبابي في سباق مع الزمن للعودة أمام يوفنتوس    شكاوى من صعوبة امتحان الإنجليزي بالثانوية.. والطلاب: القطعة من خارج المنهج والوقت لا يكفي    وائل كافوري يفتتح ألبومه الجديد بأغنية بدي غيّر فيكي العالم على المنصات الموسيقية    رامي جمال يعود ب محسبتهاش: 15 أغنية صيفية تجمع العاطفة والإيقاع العصري    ليلى علوي وبيومي فؤاد في مواجهة كوميدية جديدة بفيلم ابن مين فيهم    كايروكي يشعلون استاد القاهرة بأغنية "تلك قضية" ورسائل مؤثرة من أطفال غزة    الصحة تنظم برنامجا تدريبيا في علم الأوبئة ومكافحة نواقل الأمراض    «الصحة»: دعم خدمات الرعاية الحرجة والعاجلة ب713 حضانة وسرير رعاية للكبار والأطفال    أمن المنافذ: تحرير 4 قضايا هجرة غير شرعية خلال 24 ساعة    ضبط 58452 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    "التضامن": حصر وطنى شامل للحضانات لدعم الطفولة وتيسير إجراءات التراخيص    وزير العمل يستكمل جولته في محافظة البحر الأحمر لليوم الثاني على التوالي    تحرك عاجل بشأن واقعة "طفل البلكونة" المعتدى عليه بالعاشر من رمضان    "ارتبط اسمه بالأهلي والزمالك".. نادي شلاسك فروتسواف البولندي يعلن مغادرة نجمه لمعسكره دون إذن    أوكرانيا تعلن مقتل طيار وفقدان طائرة مقاتلة "إف–16"    آراء طلاب الثانوية العامة بأسيوط بعد الإنجليزي: "محتاج وقت إضافي"    نجاح زراعة منظم دائم لضربات القلب لإنهاء معاناة مريض من اضطراب كهربي خطير    5 نصائح لدعم التركيز والذاكرة بعد سن الثلاثين    محافظ قنا يتابع أعمال تطوير حمام السباحة بالاستاد الرياضي ويطمئن على انتظام امتحانات الثانوية العامة    حادث جديد على الإقليمي بالمنوفية.. انقلاب سيارة فاكهة قرب موقع مأساة ال19 فتاة    بحضور وزير الثقافة.. افتتاح أكبر معرض للكتاب بنادي الفيوم غدا|صور    إسرائيل تعلن اغتيال المسؤول عن الصواريخ المضادة للدروع بحزب الله    "الوطني الفلسطيني": الاعتداءات والأعمال الإجرامية الإسرائيلية تشكل عدوانا هو الأكثر دموية بالقرن ال21    محافظ أسيوط يفتتح قاعة اجتماعات مجلس المحافظين بالديوان العام للمحافظة    وزير الإسكان يُصدر قرارات إزالة لتعديات ومخالفات بناء بمدينة غرب بورسعيد    انتخابات مجلس الشيوخ| الهيئة الوطنية تعلن التفاصيل "الثلاثاء المقبل"    "رياضة النواب": ثورة 30 يونيو منحت الشباب اهتمام غير مسبوق وستظل علامة مضيئة في تاريخ مصر    ب "3 كلمات".. مدرب بالميراس يكشف مفتاح الفوز على بوتافوجو في مونديال الأندية    خزينة الأهلي تنتعش ب8 ملايين دولار بعد الخروج من كأس العالم للأندية    شيرين تلبي طلب معجبة بغناء "على بالي" في ختام مهرجان موازين    عمرو أديب يهاجم رئيس الوزراء بعد حادث المنوفية: عرفت تنام ازاي؟    والد مصطفى أشرف: الزمالك تعامل معنا بعدم احترافية وهذا سبب فشل الصفقة    مفاجأة عن أسعار الفراخ.. تنخفض ل 57 جنيها بعد أيام    لتبادل الخبرات.. رئيس سلامة الغذاء يستقبل سفير اليابان بالقاهرة    وزير الكهرباء يزور مجموعة شركات هواوي الصينية لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة    هل النمل في البيت من علامات الحسد؟.. أمين الفتوى يجيب    الأزهر للفتوى يوضح معني قول النبي" الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ"    أفضل الأدعية لطلب الرزق مع شروق الشمس    حدث ليلًا | تشيلسي يتأهل.. وتل أبيب تشتعل.. ومسيرات إسرائيلية بإيران    هل يجوز الخروج من المنزل دون الاغتسال من الجنابة؟.. دار الإفتاء توضح    ما أفضل صدقة جارية على روح المتوفي.. الإفتاء تجيب    درجات الحرارة 43 ورياح على القاهرة.. بيان مهم من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    5 أبراج «ناجحون في الإدارة»: مجتهدون يحبون المبادرة ويمتلكون رؤية ثاقبة    تنسيق الثانوية العامة 2025 محافظة كفر الشيخ.. الحد الأدنى للقبول    للتعامل مع القلق والتوتر بدون أدوية.. 5 أعشاب فعالة في تهدئة الأعصاب    الزمالك يهدد ثنائي الفريق ب التسويق الإجباري لتفادي أزمة زيزو.. خالد الغندور يكشف    زهرة من بنات مصر.. «المهن التمثيلية» تنعى ضحايا حادث المنوفية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوارات محمد البرادعي وعمرو موسى
نشر في الشروق الجديد يوم 13 - 06 - 2010

أعطت الحوارات الصحفية الأخيرة مع الدكتور محمد البرادعي (الشروق) والسيد عمرو موسى (المصري اليوم) النقاش الراهن حول انتخابات الرئاسة 2011 زخما إعلاميا وسياسيا يستحق الرصد. وعلى الرغم من قناعتي بضرورة تجنب اختزال أجندة مصر المستقبلية في الحدث الرئاسي وكذلك الابتعاد عن شخصنته، وهو ما عبرت عنه في أكثر من مقال على صفحات الشروق مشيرا إلى أننا على موعد في العام الجديد مع انتخابات برلمانية هامة وما زلنا نواجه معضلات دستورية وسياسية واقتصادية واجتماعية حقيقية، إلا أن الإسهام في النقاش الراهن حول الحدث الرئاسي ومحاولة ترشيده وتعميق مضامينه أصبح أمرا واجبا في ظل تصاعد اهتمام الرأي العام.
أجاد الدكتور البرادعي وأمين عام الجامعة العربية عمرو موسى في إعادة العوائق الدستورية للترشح للرئاسة المرتبطة بالمادة 76 إلى الواجهة الإعلامية والسياسية وإظهار ضرورة تعديلها إن أردنا منافسة حقيقية على المنصب الرئاسي. وفي حين تحدث موسى بواقعية مقررا أن باب الترشح من خارج الأحزاب السياسية مغلق وأنه كغيره من المستقلين لا يملك بالتبعية فرصا فعلية للمشاركة في انتخابات 2011 إلا حال تغير البيئة الدستورية، طالب البرادعي بتعديل المادة 76 وكذلك بعض المواد الدستورية الأخرى على نحو يكفل الطبيعة التنافسية لانتخابات الرئاسة والرقابة عليها في 2011 وجعل من هذه التعديلات شرطا لمشاركته كمرشح.
لدي هنا شكوك وتحفظات على الحصافة السياسية للمطالبة بإدخال تعديلات دستورية قبل الانتخابات كشرط مسبق في ظل سيطرة نخبة الحكم الكاملة على مداخل التعديل ورفضها مجرد الحديث عنه (كما أكد مجددا أمين عام سياسات الحزب الوطني جمال مبارك) وهو ما يضع البرادعي إن استمر رفض النخبة أمام اختيار حدي بين الامتناع عن المشاركة في الانتخابات أو التحايل على شرطه المسبق إن أراد البقاء في الساحة، وأجد أن واقعية موسى الداعية عملا للتعديلات الدستورية دون اشتراطها جاءت أذكى سياسيا. مع ذلك، يذهب القاسم المشترك بين موقفي موسى والبرادعي بلا ريب في الاتجاه الصحيح، المطالبة بتعديلات دستورية تتوافق معظم أطياف الحياة السياسية المصرية على مركزيتها. بل أن الدكتور البرادعي أحسن بتضمين حديثه عن المسألة الدستورية إشارات إلى قضايا إضافية هامة للغاية كالحد الأقصى للفترات الرئاسية ومسئولية الرئيس وأدوات محاسبته والتوازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وغيرها.
كذلك أجاد الرجلان، مع تميز واضح لعمرو موسى على هذا المستوى، في تقديم أوراقهما للمواطنين المصريين على خلفية النقاش حول انتخابات 2011. جاء حديث موسى، وهو المتمتع بقبول شعبي واسع النطاق في مصر، هادئا ومعنيا بتحديد الخطوط العريضة لوضع مصر الداخلي والإقليمي والدولي وإمكانات الإصلاح والتقدم، كما لم تشغل به "الأنا" سوى المساحة المقبولة المرتبطة بتوظيف خبرة أمين عام الجامعة العربية الحالي ووزير خارجية مصر السابق الدبلوماسية الواسعة وقراءته كمسئول رسمي لما يدور حولنا. في المقابل قدم الدكتور البرادعي للرأي العام، وهو البعيد مهنيا عن مصر منذ سنوات عدة، بطاقة تعريف متماسكة قوامها الإلمام بالبيئة الدستورية والسياسية التي عوقت فرص التحول الديمقراطي والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المجتمع من جراء التعثر الطويل لإستراتيجيات وسياسات التنمية.
إلا أن حديث البرادعي اتسم بشيء من تضخيم "الأنا" (التي تحول معها الرجل في حوار الشروق إلى السبب الرئيسي في منع الحرب الأمريكية على إيران)، وبالمبالغة في التشديد على القدرات الذاتية (الإشارة إلى اتصالات البرادعي الواسعة مع قادة وساسة العالم وحديثه الدوري معهم عن الأوضاع المصرية)، وببعض الرومانسية غير الضارة وإن كانت لا ترقى إلى مقام رجل الدولة (قوله أنه سيعقد مؤتمره الصحفي الأول أن انتخب رئيسا للجمهورية في 2011 من أحدى العشوائيات)، وبعدد من الأرقام والبيانات غير الدقيقة (عن معدلات البطالة بين شرائح السكان المختلفة ونمو الناتج القومي خلال الأعوام الماضية).
ولا شك عندي في أن بعض سلبيات حديث الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية نتج عن الحملة الشرسة التي شنها عليه الإعلام الحكومي بمجرد أن أفصح عن رغبته في الترشح للرئاسة وطالت بالنقد غير الموضوعي وغير الأمين حياته المهنية والخاصة، وهو ما يحتم استماحة العذر له، خاصة لجهة "الأنا" المضخمة.
ومع أن الحوارات معهما قدمت رؤى وتصورات تكاد تكون متطابقة ل "مصر التي نريد بعد 2011" قوامها التحول الديمقراطي والتنمية وفاعلية الدور الإقليمي والدولي حماية للأمن القومي والمصالح الحيوية، إلا أن الطرح البرامجي المعني بترجمة الرؤى والتصورات إلى خطط وسياسات واقعية لم يحضر لدى البرادعي وموسى سوى بمحدودية شديدة واتسم حين حضر بالعمومية. حديث الرجلين أظهر بجلاء واحدة من أخطر معضلات المعارضة والنقاش العام في مصر، آلا وهي افتقاد القدرة على الانتقال من وضعية تشخيص أمراض المجتمع والسياسة إلى البحث في طرائق العلاج وخطوات التنفيذ.
أسهب البرادعي، وبدرجة أقل موسى، في توصيف الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية ثم اكتفيا بالإشارة العامة إلى أولوية الدفع نحو الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والمؤسسي دون تفصيل يجيب على أسئلة "كيف" المرتبطة بالأدوات والخطوات والشروط. وبذات العمومية تم التطرق إلى الإصلاح السياسي الذي اختزل لدى موسى في منافسة ديمقراطية وشفافية، بينما أضاف البرادعي لهذين المكونين حتمية التوافق الوطني ودمج جميع عناصر الحياة السياسية في مصر (مع تخصيص الإشارة هنا إلى حالة جماعة الإخوان المسلمين) دون تناول واضح لشروط التوافق والقواعد والضمانات الدستورية والقانونية للدمج.
والحقيقة أن الصورة التي وظف بها مفهوم الإصلاح في حديث البرادعي وموسى أوضحت بجلاء مدى المحدودية والتهافت اللذان طالا مضامين المفهوم في النقاش العام من جهة، ودللت من جهة أخرى على كارثية الوضعية الضعيفة وشبه العاجزة لأحزاب وحركات المعارضة في مصر. فمهمة الطرح البرامجي وصياغة الخطط والسياسات البديلة تظل قبل كل شيء ملقاة على عاتق الأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية، ولا يستطيع أفراد - سياسيون كانوا أو مثقفون ومهما بلغت قدراتهم الذاتية - الاضطلاع بها، بل مجرد التعبير عنها وتبنيها أمام الرأي العام أملا في إقناع قطاعات واسعة من المواطنين برجاحتها.
من غير الموضوعي إذا محاسبة وانتقاد البرادعي وموسى على محدودية الطرح البرامجي وعمومية توظيف مفهوم الإصلاح، فالمسئولية تعود إلى أحزاب وحركات المعارضة، إلا أن هذه باتت تكتفي اليوم مع بالغ الأسف إما بصحف تصدرها ومشاركات لقياداتها في برامج تليفزيونية أو بصراعاتها الداخلية.
مجددا، أؤكد على إيجابية الزخم الإعلامي والسياسي الذي رتبته الحوارات مع محمد البرادعي وعمرو موسى وأهمية لحظة الحراك الراهنة بكل تجلياتها، من حملة تنشط هذه الأيام لجمع توكيلات من المواطنين لتفويض البرادعي لتغيير الدستور وحملات إلكترونية لدعم ترشح موسى للرئاسة إلى تبني كفاية وشباب 6 أبريل (أين الحركتان بعيدا عن ذلك؟) للبرادعي ومئات المقالات المؤيدة لمطالب الرجلين.
إلا أن تطوير الحراك هذا يقتضي عدم الاقتصار على ملف الانتخابات الرئاسية 2011 والانفتاح على تناول انتخابات العام الجاري البرلمانية، كما يستدعي توسيع وتعميق مساحة الطرح البرامجي في نقاشنا العام كي ننتقل من تشخيص أمراض طال أمدها في المجتمع والسياسة إلى البحث عن العلاج الممكن.
أعزائي القراء، كل عام وأنتم بخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.