دعا بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر، في عظة اليوم الثلاثاء خلال ترؤسه القداس الإلهي الاحتفالي في الواجهة البحرية لبيروت، اللبنانيين إلى "عدم الإحباط والرضوخ لمنطق العنف". وحضر القداس حوالي 120 ألف شخص وشارك فيه الرئيس اللبناني جوزف عون واللبنانية الأولى نعمت عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري وعقيلته، ورئيس الحكومة الدكتور نواف سلام وعقيلته، والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وعدد من البطاركة والمطارنة المسيحيين. وقال البابا: "نحن جميعا مدعوّون ألاّ نُصابَ بالإحباط، وألّا نرضخَ لمنطق العنف ولا لعبادة صنم المال؛ وألّا نستسلم أمام الشّرّ الّذي ينتشر". وأضاف: "يجب أن يقوم كلّ واحدٍ بدورِه، وعلينا جميعاً أن نوحّد جهودنا لكي تستعيد هذه الأرضُ بهاءها. وليس أمامَنا إلّا طريق واحدٌ لتحقيق ذلك أن ننزع السّلاح من قلوبنا، ونُسقط دروع انغلاقنا العرقية والسياسية، ونفتحَ انتماءاتنا الدينية على اللّقاءات المتبادلة، ونوقظَ في داخلنا حلمَ لبنان الموحّد، حيث ينتصر السّلامُ والعدل، ويمكن للجمبع فيه أن يعترف بعضهم ببعضٍ إخوةً وأخوات". وتابع: "هذا هو الحلمُ الموكولُ إليكم، وهذا ما يضعه إليه السلام بين أيديكم : يا لبنان، قُم وانهَض! كن بيتا للعدلِ والأخوّة! كن نبوءةَ سلامٍ لكلّ المشرق!". وقال بابا الفاتيكان: "أرفعُ شكري لأنّي قضيت هذه الأيام معكم، وأنا أحمل في قلبي آلامكم وآمالكم. أُصلّي من أجلكم، حتى ينير الإيمان بيسوع المسيح، شمس العدل والبرّ، أرض المشرق هذه، وحتى تُحافظ، بقوّتِه تعالى، على الرّجاء الّذي لا غروبَ له". وأضاف: "في بعض الأحيان تحت وطأة صعوبة الحياة نميل أكثر إلى الاستسلام بدل الشكر، لذلك أدعوكم يا شعب لبنان للمحافظة دائما على روح الامتنان". وتابع البابا: "إننا نرزَح أحيانًا تحت ثقل تعب الحياة، ونهتم ونقلق بسبب المشاكل التي تحيط بنا، ونقف مشلولين بسبب عجزنا وعدم مقدرتنا أمام الشر، إذ تثقلنا أوضاع كثيرة صعبة، فتميل إلى الاستسلام والتشكي وننسى اندهاش القلب والشكر الواجب الله." وقال: "هذه الدعوة لتنمية مشاعر الحمد وعرفان الجميل أوجهها إليكم أنتم أيها الشعب اللبناني العزيز. أنتم الذين منحكم الله جمالا نادرًا زين به أرضكم، وفي الوقت نفسه أنتم شهود وضحايا لقوى الشر، بأشكاله المتعددة، الذي يُشوّه هذا الجمال والبهاء." وأضاف: "هذا الجمال يغشاه فقر وآلام، وجراح أثرت في تاريخكم، فقد كنتُ قبل قليل أصلي في موقع الانفجار في المرفأ، وتغشاه أيضاً مشاكل كثيرة تعانون منها، وسياق سياسي مهلهل وغير مستقر، غالبًا، وأزمة اقتصادية خانقة ترزحون تحت عبئها، وعنف وصراعات أعادت إحياء مخاوف قديمة." وأشار إلى أنه "في مثل هذا المشهد، يتحول الشكر بسهولة إلى خيبة أمل، ولا يَجِدُ نشيد الحمد مكانًا في قلب كئيب، ويجف ينبوع الرجاء بسبب الشك والارتباك. لكن كلمة الله تدعونا إلى أن نرى الأنوار الصغيرة المضيئة في وسط ليل حالك، لكي نفتح أنفسنا على الشكر، ونتشجع على الالتزام معا من أجل هذه الأرض". وفي ختام القدّاس، دعا البابا "مسيحيي لبنان إلى أن يضعوا مستقبلهم أمام الله" ، معلنا أن "الشرق الأوسط يحتاج إلى مقاربات جديدة من أجل تخطي الانقسامات ولفتح صفحات جديدة باسم السلام". وطلب البابا من "المجتمع الدولي دعم لبنان"، قائلا: "اسمعوا صوت الشعب الذي يطالب بالسلام". وتوجّه البابا بعد انتهاء القداس الإلهي، في ختام زيارته الرسمية إلى للبنان التي استمرت ثلاثة أيام ، إلى مطار رفيق الحريري الدولي، حيث ستقام له مراسم وداع رسميّة.