لم يشهَد تاريخ المصريين المهاجرين إلى أمريكا من قبل، نشاطا سياسيا لهم يتعلق بما يجري في الوطن الأم على بعد آلاف الأميال، بالشكل الذي يحدُث في السنوات الأخيرة، خاصة مع ظهور الدكتور محمد البرادعي كمرشح محتمَل لانتخابات الرئاسة المصرية، رافعا لِواء التغيير من أجل كل المصريين، الذي وقف خلفه الآف من المصريين في الخارج في محاولة منهم لإصلاح الحال المقلوب الذي تسبب في خروجهم من مصر رغبة في إصلاح أوضاعهم المعيشية الصعبة. فخلال الأسابيع القليلة الماضية، بدأ شباب المصريين في الولاياتالمتحدة في تأسيس فروع للجمعية المصرية للتغيير برئاسة الدكتور محمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق، في واشنطن ونيويورك ونيوجيرسي وماساتشوستس وميشيجان ونورث كارولاينا وكاليفورنيا، ويتزايد عدد المنضمِّين من المصريين الأمريكيين إلى هذه الجمعية يوما بعد يوم، مما يعكس تعطُّشهم إلى حشد الطاقات للخروج بوطنهم الأم من النفق المظلم الذي وجدوا فيه، في ظل ثلاثين عاما، من احتكار حزبٍ واحد للسّلطة تحت نفس الرئيس. أمل البرادعي قالت نادين وهاب، عضو اللجنة التنفيذية للجمعية المصرية للتغيير في واشنطن، : "لقد بعث ظهور الدكتور محمد البرادعي الأمل في نفوسهم، فشعروا بضرورة التخلّي عن السّلبية والتشاؤُم، مع ظهور بوادِر على الحاجة إلى طاقتهم البنّاءة، خاصة وأن مُعظم شباب المصريين الأمريكيين لم يعرفوا لِمصر نظاما حاكِما مختلفا طِوال العقود الثلاثة الماضية، بينما شاهدوا تعاقُب الرؤساء في ظلّ الديمقراطية الأمريكية وتعرّفوا على دوْر الشباب في الاستجابة إلى شعار أوباما، نستطيع معا القيام بالتّغيير، ويريدون أن يُشاركوا في إحداث التغيير الذي يتطلّع إليه الشعب المصري، رافعين شعار معا سنُغيِّر." وأضافت، "هناك ما يُقدَّر من 8 مليون مصري يعمَلون أو يعيشون في الخارج، منهم ما يتراوح بين نصف مليون إلى ثلاثة أرباع مليون مصري في الولاياتالمتحدة، فإذا أمكَن للمصريين في الخارج أن يُصوِّتوا، فسيُمكِنهم إحداث التغيير السِّلمي بقوّة أصواتهم الانتخابية، خاصة وأن عدد الناخبين المصريين الذين شاركوا في انتخابات الرئاسة الماضية، لم يتجاوز ستة ملايين". 4 أسباب وقال الدكتور صفي الدين حامد، أحد مؤسسي تحالُف المصريين الأمريكيين ورئيس قسم الهندسة البيئية بجامعة تشاسام في بيتسبورج، إن خروج المصريين الأمريكيين إلى النشاط السياسي من أجل التغيير في الوطن الأم له أربعة أسباب رئيسية: "أولا، زيارات المصريين الأمريكيين المُتعاقبة إلى مصر أطلَعتهم على التَّدهور السريع في الحياة المصرية واستشراء الفساد والإفساد بسبب الحكم غيْر الرشيد وزواج السلطة والثروة وعدم وجود إرادة سياسية في التحوّل نحو الديمقراطية ومسلسل التوريث من الرئيس إلى نجله جمال وظهور مؤشِّرات دولية على "تخلُّف" مصر المتواصل في العِلم والتعليم والشفافية ومستوى الفقر والخدمات الصحية. وثانيا، ثورة المعلومات مكّنت المصريين الأمريكيين من متابعة ما يحدُث في وطنهم الأم يوميا، وثالثا، بدء تفعيل دور المصريين الأمريكيين في مناقشة كيفية الخروج بمصر حالة الضياع، من خلال إقامة تحالُف لهم في عام 2005، ورابعا، ظهور الدكتور محمد البرادعي بما له من ثِقل دولي ورؤية مُستنيرة، كمرشّح مُحتمَل لانتخابات الرئاسة وقيادته لحركة وطنية من أجل التغيير، أعاد الأمل إلى نفوس المصريين الأمريكيين بعد أن كان مسلسل التوريث هو البديل الحتْمي لِما بعد الرئيس مبارك". قضايا واشار د. وصفي، إلي إصرار المصريين الأمريكيين على حقِّهم في التصويت واعتزام رفْع قضايا على الحكومة المصرية بعد انتِهاء المُهلة المحدّدة للردّ على الطلب الرسمي الذي قدموه بهذا الشأن، بإتاحة الفرصة لهم للتصويت في المقار القنصلية والدبلوماسية المصرية في الخارج دون تزوير، سيمكِّنهم في نهاية المطاف من استِخدام أصواتهم لصالح التغيير. وأضاف الدكتور سامر شحاتة، أستاذ العلوم السياسية بمركز الدراسات العربية بجامعة جورج تاون أن لقاء المصريين الأمريكيين برموز المعارضة، أطلع المصريين في الداخل على مدى المساندة القوية التي يُبديها المصريون الأمريكيون للسّعي من أجل التحوّل الديمقراطي والارتقاء بالوطن الأم من مِحنة انحدار الأوضاع السياسية والاقتصادية واستشراء الفساد. مكر وشدد علي ضرورة الالتفات ل"لطريقة الماكِرة" التي يصور بها النظام وأدوات إعلامه رموز المعارضة أو نشطاء المصريين الأمريكيين، بأنهم يمارسون لُعبة الاستِقواء بالخارج أو أن لهم علاقات مشبوهة بالخارج، وهو ادِّعاء أوقع بعض المصريين في الداخل في فخّ تصوير النشطاء المصريين الأمريكيين على أنهم تِكرار لسيناريو تعاوُن بعض قيادات المعارضة العراقية في الخارج، مؤكدا أن النشطاء المصريين الأمريكيين ليسوا حِزبا سياسيا في المنفى، يتطلّع أعضاؤه إلى العودة لاقتسام السلطة، وإنما هُم عقول وطنية مصرية مفكِّرة تحلُم لمصر بمستقبل أفضل".