تشهد المملكة العربية السعودية حالة من الجدل والنقاش حول فيلم وثائقي شارك فيه 3 شباب سعوديين، عبروا فيه عن آرائهم المتعلقة بحرية التعبير وحقوقهم في ارتداء ما يحبونه من ملابس وعزف موسيقى الهافي ميتل وقيادة النساء للسيارات. عبر هؤلاء الشباب عن سأمهم وضيقهم من كل الممنوعات المفروضة في السعودية، بينما قررت السلطات السعودية، وتحديدا هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إحالتهم للمحاكمة بتهمة "المجاهرة للمعصية". لم يعرض فيلم Resist the Power! Saudi Arabia أو(قاوم السلطة! العربية السعودية)، الذي أثار الضجة في السعودية، لكن قناة (إم. تي. في) الأمريكية عرضته ضمن برنامجها (ترو لايف) أو (الحياة الواقعية)، وظهر فيه الشبان الثلاثة، أحدهم كانت فتاة، يتحدثون عن القيود المفروضة عليهم في الاختلاط بالجنس الآخر وفي الملابس والمصاعب التي تواجههم في عزف موسيقى الهافي ميتل، التي تروق لهم، بالإضافة إلى الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارة. وانتقد عزيز، وهو أحد الشبان الثلاثة في الفيلم الوثائقي، انعدام الحريات الشخصية في بلاده، وقال: "لسنا أحرارا في أن نعيش كما يحلو لنا"، كما انتقدت فاطمة، الفتاة السعودية في الفيلم، العباءة، الزي الذي تلبسه النساء خارج البيت، بأنه يقتصر على اللون الأسود، ما دفعها إلى تصميم عباءات بألوان زاهية وتسويقها بين صديقاتها. من جانبه، يرجع الدكتور حمزة الحسن، كاتب سياسي سعودي وباحث في مركز قضايا الخليج في لندن، ما يواجهه الشباب الثلاثة من مضايقات بسبب تصريحاتهم في الفيلم الوثائقي إلى "وضع حقوق الإنسان والحريات الشخصية في السعودية". ويرى أن "السبب الرئيسي هو غياب الإصلاح السياسي في السعودي، الذي من شأنه أن "يحلل المحرمات الكثيرة ويفسح المجال للناس للتعبير بحرية". ويصف الحسن، الذي يعيش في المهجر البريطاني، فئة الشباب في السعودية، تمثل أكثر من 70% من نسبة السكان، بأنها "فئة متصلة بالعالم من خلال أحدث وسائل الاتصالات ومن خلال شبكة الإنترنت". وأن هؤلاء الشباب المطلعين على الثقافات الأخرى، "الشباب يرى الفوارق بين بلدهم والآخرين ويعيشون تحت ضغوط سياسية واجتماعية ودينية"، لافتا إلى أن ذلك "سبب ردود فعل، قد تأخذ شكل التمرد على القيم العامة". يختلف الدكتور حمود أبو طالب، كاتب بصحيفة عكاظ السعودية، مع الرأي السابق، مؤكدا أن القضية أخذت أكبر من حجمها الحقيقي، وقال إن هؤلاء لا "يشكلون سوى فئة محدودة من المجتمع، كما لا يمثلون كل آراء الشباب". ويرى الرافضون لهذا التوجه من الشباب أن الفيلم تعدى الخطوط الحمراء للمجتمع السعودي على حد تعبيرهم. ويرى أبو طالب أن الخطوات التي قطعتها السعودية فيما يتعلق بوضع حقوق الإنسان في السعودية "لا يقارن بالماضي" خاصة في مجال الحريات وحرية التعبير في الصحافة. ويوضح أن "تغييرات من هذا القبيل في بلد كالسعودية وفي مجتمع كالمجتمع السعودي، الذي يلعب فيه الدين والتقاليد الموروثة دورا كبيرا، لا تأتي دفعة واحدة، وإنما على مراحل ويحتاج إلى وقت حتى تتبلور وحتى تشيع هذه الثقافة بين كل شرائح المجتمع". جدير بالذكر أن منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي لعام 2010، قالت إن "الجهاز الأمني والنظام الديني المتشدد ما زالا يمنعان تحقيق تغيير فعلي" في أوضاع حقوق الإنسان في السعودية. وذكرت العفو الدولية أن "السلطات استخدمت خلال عام 2009 مجموعة واسعة من التدابير القمعية لمنع حرية التعبير"، الأمر الذي تحدث عنه أحمد، أحد الشبان الثلاثة، في الفيلم الوثائقي، وعن "آلاف الكتب والمواقع الإلكترونية الممنوعة في السعودية" وكذلك عن "الممنوعين من الكتابة ومن السفر بسبب آرائهم". ويخشى أن يطال الشباب الثلاثة المصير نفسه الذي طال شابا سعوديا، حكم عليه العام الماضي بالسجن لمدة 5 أعوام والجلد ألف جلدة، فضلا عن منعه من السفر لمدة 5 أعوام بعدما تحدث عن تجربته الجنسية في برنامج تلفزيوني أذاعته محطة (إل. بي. سي) اللبنانية.