رويترز: غرق السفينة إتيرنيتي بعد هجوم حوثي على سفينة قبالة ميناء الحديدة    مجلس الوزراء يوافق على نظام تملك غير السعوديين للعقارات    رئيس الوزراء يتفقد موقع حريق سنترال رمسيس    الثانوية العامة 2025.. اليوم طلاب الشرقية يؤدون امتحانات الأحياء والرياضيات التطبيقية والإحصاء    "عبد الغفار" يبحث مع "الصحة العالمية" التعاون في ملف التحول الرقمي وصناعة الأدوية    أسعار طبق البيض اليوم الأربعاء 9-7-2025 في قنا    بمقدم 25 ألف جنيه.. تفاصيل الطرح الثاني ل«سكن لكل المصريين 7» وموعد إتاحة كراسة الشروط    عودة خدمات فوري إلى كفائتها التشغيلية بعد حريق سنترال رمسيس    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الأربعاء 9-7-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. مؤشرات كليات ومعاهد دبلوم سياحة وفنادق    البابا تواضروس يلقي محاضرة بالكلية الإكليريكية ويلقي عظة روحية بكنيسة القديسين (صور)    بولندا تضع أنظمة دفاعها الجوى فى حالة تأهب بعد القصف الروسى على أوكرانيا    بسبب أنشطة إلكترونية مشبوهة.. الولايات المتحدة تفرض عقوبات على أفراد وكيانات من كوريا الشمالية وروسيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات الكارثية التي ضربت ولاية تكساس الأمريكية    باريس سان جيرمان يصطدم بريال مدريد في كأس العالم للأندية    مدرب الزمالك السابق يحذر الإدارة من التسرع في ضم نجم بيراميدز: "تحققوا من إصاباته أولًا"    سعر السبائك الذهبية اليوم الأربعاء 9 يوليو 2025.. «بكام سبيكة ال10 جرام؟»    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الأربعاء 9-7-2025 في محافظة قنا    مصرع طفلة أسفل عجلات سيارة بمدينة القرين فى الشرقية    السيطرة على حريق داخل منزل فى البدرشين دون إصابات    العثور على غريق مجهول الهوية في ترعة الإبراهيمية بالمنيا    بعد تصدره التريند.. موعد وقناة عرض مسلسل «220 يوم» ل كريم فهمي وصبا مبارك    60 فيلمًا و120 مسرحية.. ذكرى رحيل عبد المنعم مدبولى في كاريكاتير اليوم السابع    تامر حسني يسلم ماستر ألبومه الجديد "لينا معاد".. والإصدار الرسمي غدًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 9-7-2025 في محافظة قنا    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 9 يوليو 2025    حملات مكبرة لمواجهة الحوادث المرورية على الطريق الإقليمي    تعرف على آخر مستجدات إنشاء المحطة النووية بالضبعة    نتنياهو: نتمسك بهدف القضاء على قدرات حماس العسكرية والحكومية    انتظام صرف معاشات شهر يوليو بالزيادة الجديدة 15%    نتيجة الدبلومات الفنية 2025 جاهزة وإتاحتها إلكترونيا للطلاب    القبض على مستشار سابق قتل طليقته رميًا بالرصاص لزواجها عرفيًا بأكتوبر    اكتشاف فوائد غير متوقعة لحليب الإبل في مكافحة مرض يصيب الملايين حول العالم    كل ما تحتاج معرفته عن اختبارات القدرات 2025 لكليات الفنون التطبيقية (التواريخ الرسمية)    بصوت لبناني يصل إلى غزة، ماجدة الرومي تفتتح "أعياد بيروت" بعد غياب أكثر من 15 عامًا (فيديو)    المسرح القومي ينشر فيديو تحية الجمهور في افتتاح «الملك لير»    بعد تجديد رونالدو.. عرض من النصر السعودي لضم وسام أبو علي (تفاصيل)    دعاء الفجر| اللهم ارزقني الرضا وراحة البال    الاتحاد المنستيري يرفض استعادة الجفالي.. والزمالك يتحرك لإعارته وتوفير مكان للاعب أجنبي    مدبولي يعود إلى القاهرة بعد تمثيل مصر في قمة بريكس بالبرازيل.. ومباحثات دولية لتعزيز التعاون المشترك    بوصفات الطب الصيني.. نصائح لعلاج السكر في الدم    الأمن يحقق في إصابة طبيب بطعنة في الرقبة داخل مستشفى بني سويف    الخارجية الإيرانية: تلقينا رسائل من واشنطن للعودة إلى المفاوضات    انطلاق المؤتمر الصحفي لمهرجان المسرح القومي 15 يوليو.. والاحتفاء بأفضل النصوص المسرحية    بعد ترميمهما.. وزير السياحة ومحافظ القاهرة يفتتحان قبتين نادرتين بالفسطاط    مرشحو «العدل» ينتهون من الكشف الطبي استعدادًا للانتخابات.. والدريني: مفاجأة مرتقبة قريبًا    الجبهة الوطنية: قادرون على إحداث نقلة حقيقية في تاريخ الحياة الحزبية    مدرب الزمالك السابق: يجب أن نمنح جون إدوارد الثقة الكاملة    الفيفا يفتتح مكتبا داخل برج ترامب استعدادا لمونديال 2026    أيمن الرمادي عن اعتزال شيكابالا: قرار خاطئ    مجلس الكنائس العالمي يدعو لحماية حرية الدين في أرمينيا: "الكنيسة الرسولية الأرمينية تمثل إرثًا روحيًا لا يُمس"    محافظ قنا يعتمد تنسيق القبول بالمدارس الثانوية للعام الدراسي 2026/2025    الرمادي يكشف أفضل 2 مدافعين في مصر    غالبًا ما تمر دون ملاحظتها.. 7 أعراض خفية لسرطان المعدة    معشوق القراء... سور الأزبكية يتصدر المشهد بمعرض الكتاب الدولي بمكتبة الإسكندرية    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة    أمينة الفتوى: «النار عدو لكم فلا تتركوا وسائل التدفئة مشتعلة أثناء النوم»    ندوة بالجامع الأزهر تُبرز أثر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في ترسيخ الوَحدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أقباط مصر.. والطائفية الإلكترونية!
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 05 - 2025

تعودت منذ صغرى على جدال سنوى، لم يغب أبدا بين أبناء التيار السلفى، وشيوخه ومشاهيره، حول جواز تهنئة الأقباط بأعيادهم وصدور فتوى شبه سنوية تحرم هذه التهنئة بحجج دينية مختلفة، لكن كلها واهية!
الحقيقة لم يكن الأمر جدالًا بالمعنى المفهوم قبل عصر مواقع التواصل الاجتماعى، فقد كان شبه فقرة ثابتة خصوصًا فى المساجد التى سيطر عليها بعض شيوخ التيارات السلفية، ثم ومع عصر شرائط الكاسيت الدينية، ثم عصر الفضائيات والأقمار الصناعية، أخذت هذه الفتاوى تنتشر بشكل يتجاوز مناطق التمركز السلفى، فى القاهرة والإسكندرية والمحافظات!
لكن مع عصر التواصل الاجتماعى، فقد حدث تطوران مهمان؛ الأول أنه أخيرًا أصبح هناك رد فعل منتشر على هذه الفتاوى، الكريهة، سواء من مواقع التواصل الاجتماعى، لمشيخة الأزهر ودار الإفتاء المصرية والتى، لا بد من استغلال هذه الفرصة لشكرهما على الدور التوعوى، والتنويرى، فى التصدى، لمثل هذه الفتاوى، أما التطور الثانى فهو أن حياة الناس الخاصة من مختلف الطبقات والأعمار أصبحت أكثر حضورًا فى الشأن العام!
***
هذان التطوران أديا بالطبيعة إلى حضور أكبر للأقباط فى المساحات العامة، فالأقباط الذين هربوا إلى مساحتهم الخاصة وتحصنوا بها منذ نهاية السبعينيات مع الحضور الطاغى، للتيارات السلفية والسلفية الجهادية التى نفت وجودهم بالتهديد تارة وبالوعيد تارة، وبالفتاوى تارة، وبالعنف تارة أخرى، عادوا إلى المساحات العامة بشكل تدريجى، وربما بقرار غير واعٍ، لكن دفعتهم إليه التكنولوجيا، وبشكل شديد البساطة عبر مشاركة صور من احتفالاتهم الاجتماعية (كالأفراح، واحتفالات التعميد، والرحلات الدينية، واللقاءات العائلية، وتجمعات الأعياد.. إلخ)، وهو ما شكل صدمة لتلك التيارات ولأتباعها، أو حتى لبعض المواطنين العاديين الذين يتأثرون بفتاويها، لأنهم وربما لأول مرة أخذوا فى مشاهدة ما هم غير معتادين عليه، فقاموا بمهاجمته لفظيًا بكل الطرق!
هذه الصدمة التى، سببتها وسائل التواصل الاجتماعى، لم تؤد فقط إلى زيادة جرعات الكراهية والحشد الطائفى، ضد الأقباط، لكنها سمحت للبعض بالتعدى، بالقول والفعل، أو ما يمكن أن نطلق عليه «البلطجة» أو «الطائفية» الإلكترونية، على الأقباط بعشرات الطرق التى أصبحت تسمح بها التكنولوجيا الحديثة، ما فاقم المشكلة ودفع العديد من الأقباط إلى إغلاق حساباتهم أو قصرها على عدد محدد بين الأصدقاء والمقربين فقط، فيما يبدو وكأنه انسحاب جديد من المساحة العامة (الإلكترونية هذه المرة) إلى المساحة الخاصة مجددًا!
صحيح أن الانسحاب من المساحة الإلكترونية العامة إلى المساحة الخاصة لم يقتصر على الأقباط فقط حيث هناك ميل شبه جماعى، بين عموم الناس للتشدد فى، خصوصية حساباتهم الإلكترونية وذلك ليس فقط عبر زيادة درجة خصوصية الصور، ولكن أيضا عبر قصر القدرة على النقاش والتعليقات على عدد محدود من المقربين، لكن فيما يتعلق بالأقباط فيظل الأمر له أهمية خاصة، بسبب التاريخ القريب لعصر الصحوة الذى، دفعهم إلى التقوقع والانسحاب لحمايتهم من المضايقات والتمييز.
***
خلال الأشهر الماضية، لاحظت زيادة جرعة الطائفية الإلكترونية ضد الأقباط خصوصًا فى أوقات أعيادهم لا سيما عيد القيامة الذى أصبح يسبب حساسية لا معنى لها لدى البعض، وكذلك حرص رئيس الجمهورية على زيارة الكنائس وتوجيه تحية إلى المسيحيين المصريين على اختلاف طوائفهم، الأمر الذى أصبح يقدر كثيرًا من الأقباط، لأنها خطوة تأخرت كثيرًا، لكنه دفع البعض بكل أسف إلى زيادة جرعة الحشد الطائفى، ضدهم!
بالإضافة إلى أعياد الأقباط، فمناسبات مختلفة مثل خبر وفاة بابا الفاتيكان أو تولى بعض المسئولين من الأقباط مواقع رفيعة فى الدولة أصبحت هى الأخرى مواطن للشحن والتحريض ضدهم وبشكل يكاد يكون منظمًا ومدفوعًا من بعض المؤثرين الدينيين، الذين لا يعرفون فى أمور الدين سوى قشوره، ويسعون بكل الطرق إلى حصد المزيد من الإعجاب والإطراء والمتابعين ولو على حساب السلم المجتمعى!
لكن ساء الأمر بشكل أكبر على هامش قضية طفل مدرسة البحيرة حينما قام البعض للأسف بإبراز اسم المتهم وهويته الدينية لتحويل الموضوع إلى صراع طائفى، تم فيه كيل الاتهامات للنيل بشكل مقصود من الأقباط وكنائسهم وقساوستهم، وكأن المتهم الذى أصبح مجرمًا بعد الحكم عليه بالسجن مدى الحياة الأسبوع الماضى يمثل طائفته، وكأن جرمه أصبح محسوبًا على أتباع ديانته لا على نفسه وفقط كما هو الحال فى أى قضية جنائية، حيث تكون العقوبة خاصة بالمتهم، ولا يجب أبدًا أن تنسحب على أهله أو أسرته أو جماعته الدينية، وهو ما يتوافق أيضًا مع الآية القرآنية ولا تزر وازرة وزر أخرى!
ولكن لأن لكل فعل رد فعل، فقد كانت بعض الردود من المجتمع القبطى، طائفية بطبيعة الحال، فمنهم من أخذ يكيل الاتهامات للطرف الآخر، ومنهم من حاول جاهدا أن يدفع التهمة عن المجتمع القبطى، بل ورأيت بعينى، من يعتذر نيابة عن كل الأقباط، وكأن تعاليم السيد المسيح هى، السبب فى، الجريمة النكراء لا نفس المجرم الأمارة بالسوء!
***
الحقيقة، يجب الاعتراف أنه ومن الناحية البحثية والمنهاجية البحتة فإن التعامل مع مثل هذه الظواهر بشكل جمعى، على أساس أن هناك مجتمعًا للأقباط فى، مواجهة مجتمع للسلفيين هو أمر غير دقيق، ليس فقط لأن لكل قاعدة شواذ، لكن لأن عملية جمع العديد من الأفراد المختلفين فى النوع والتربية والثقافة والسمات الشخصية والطبقة الاجتماعية فى، تصنيف منفرد ومستقل لمجرد أنهم يتشاركون فى، نفس الدين (المسيحية)، أو نفس المنهج (السلفية) هو أمر غير منضبط منهاجيًا بالطبع، فهناك من السلفيين من لا يشارك فى، الحشد الطائفى، وهناك من الأقباط من يمارس التمييز على غيره من أبناء المجتمع القبطى، من المنتمين إلى ملل أخرى! لكن وبما أن طابع مقالات الرأى، هو محدودية عدد الكلمات والاعتماد فى معظم الأحيان على أداة الملاحظة الشخصية فى رصد الظواهر الاجتماعية، فقد يسمح هذا بقدر من التصنيف الجمعى، لتبسيط المعلومة أو التحليل للقارئ والقارئة من أجل الوصول إلى الهدف المرجو من رصد الظاهرة محل النظر!
يذكرنى هذا الاضطهاد الإلكترونى، للأقباط على هامش قضية مدرسة البحيرة، بأمر قد جرى قبل أكثر من 15 عامًا، حينما روج البعض لوجود أسلحة داخل الكنائس، بل وصل الأمر إلى اتهام الكنيسة بإعداد ميليشيات عسكرية فى، إشارة إلى فرق الكشافة الكنسية! إن مثل هذه الاتهامات والشائعات التى، لا تعتمد سوى على الصور الذهنية المشوهة، وتروج دائمًا لنظرية المؤامرة لنفى، صفة المواطنة وادعاء وجود خبايا تكشف الوجه الحقيقى، للأقباط كما يسعى هذا التيار جاهدا، هى، أمور تدخل فى، نطاق ما يمكن اعتباره تهديدا للأمن القومى، بمعناه الأشمل!
يرى البعض أن بعض الضغوط الاجتماعية والاقتصادية قد تكون السبب فى، ميل الناس للعنف اللفظى، والتمركز حول الهوية ومحاولة الشعور بالتميز المصطنع على الآخرين، وقد يكون ذلك صحيحًا، لكن لا يمكن إغفال حقيقة واضحة، وهى أن هناك محاولات لردة ثقافية تعيدنا إلى عصر ما سُمى، زورًا ب«الصحوة الإسلامية» التى، حاولت أن تعامل القبطى كذمى، لا كمواطن كامل الحقوق والأهلية، وهو أمر على المجتمع قبل الدولة مواجهته قبل أن يستفحل أكثر من ذلك فى، عصر الذكاء الاصطناعى، الذى قد يأخذنا إلى تزوير الواقع وتنميط الأقليات العددية بشكل أكبر وأكثر تشويهًا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.