جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تستقبل المستشار التعليمي التركي وتبحث سبل التعاون الأكاديمي    البنك الزراعي يدعم جهود التنمية الزراعية وتحفيز الاستثمار بالقطاعات الإنتاجية في الغربية    جامعة مصر للمعلوماتية تكشف عن برامج مبتكرة بالذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني والتعليم وعلوم البيانات    19 نوفمبر 2025.. استقرار البورصة في المنطقة الخضراء بارتفاع هامشي    أردوغان: صادراتنا السنوية بلغت في أكتوبر 270.2 مليار دولار    الاحتلال ينسف مباني في حي الشجاعية شرق غزة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإيطالي الأوضاع في غزة والسودان    بيراميدز يعلن موعد المؤتمر الصحفي لفريق ريفرز يونايتد النيجيري    شوبير يكشف حقيقة تولي كولر تدريب منتخب مصر    الإسماعيلي ينفي شائعات طلب فتح القيد الاستثنائي مع الفيفا    أولوية المرور تشعل مشاجرة بين قائدي سيارتين في أكتوبر    الداخلية تكشف تفاصيل مشاجرة بين قائدى سيارتين ملاكى بالجيزة    محمد حفظي: الفيلم الذي لا يعكس الواقع لن يصل للعالمية (صور)    أحمد المسلماني: برنامج الشركة المتحدة دولة التلاوة تعزيز للقوة الناعمة المصرية    محمد حفظي: العالمية تبدأ من الجمهور المحلي.. والمهرجانات وسيلة وليست هدفا    بعد أزمته الصحية.. حسام حبيب لتامر حسني: ربنا يطمن كل اللي بيحبوك عليك    خالد عبدالغفار: دول منظمة D-8 تعتمد «إعلان القاهرة» لتعزيز التعاون الصحي المشترك    الصحة: مصر خالية من الخفافيش المتسببة في فيروس ماربورج    محافظ المنوفية يشهد فعاليات افتتاح المعمل الرقمي «سطر برايل الالكتروني» بمدرسة النور للمكفوفين    الطقس غدا.. ارتفاع درجات الحرارة وظاهرة خطيرة صباحاً والعظمى بالقاهرة 29    شقيق إبستين: كان لدى جيفري معلومات قذرة عن ترامب    الأهلي يحصل على موافقة أمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    نور عبد الواحد السيد تتلقى دعوة معايشة مع نادي فاماليكاو البرتغالي    أول رد فعل من مصطفى محمد على تصريحات حسام حسن    انطلاق فعاليات المؤتمر السنوي العاشر لأدب الطفل تحت عنوان "روايات النشء واليافعين" بدار الكتب    إزالة تعديات وإسترداد أراضي أملاك دولة بمساحة 5 قيراط و12 سهما فى الأقصر    روسيا: أوكرانيا تستخدم صواريخ أتاكمز الأمريكية طويلة المدى مجددا    وصفات طبيعية لعلاج آلام البطن للأطفال، حلول آمنة وفعّالة من البيت    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    أسطورة ليفربول يكشف مفاجأة عن عقد محمد صلاح مع الريدز    المصرية لدعم اللاجئين: وجود ما يزيد على مليون لاجئ وطالب لجوء مسجّلين في مصر حتى منتصف عام 2025    البيئة تنظم مؤتمر الصناعة الخضراء الأحد المقبل بالعاصمة الإدارية الجديدة    قصور ومكتبات الأقصر تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. صور    جامعة قناة السويس تدعم طالباتها المشاركات في أولمبياد الفتاة الجامعية    ارتفاع عدد مصابي انقلاب سيارة ميكروباص فى قنا إلى 18 شخصا بينهم أطفال    الإحصاء: معدل الزيادة الطبيعية في قارة إفريقيا بلغ 2.3% عام 2024    موعد مباراة بيراميدز القادمة.. والقنوات الناقلة    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    نجاح كبير لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة فى طوكيو وتزايد مطالب المد    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    مصرع 3 شباب في تصادم مروع بالشرقية    حزب الجبهة: متابعة الرئيس للانتخابات تعكس حرص الدولة على الشفافية    إقبال واسع على قافلة جامعة قنا الطبية بالوحدة الصحية بسفاجا    بريطانيا تطلق استراتيجية جديدة لصحة الرجال ومواجهة الانتحار والإدمان    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    بعد غد.. انطلاق تصويت المصريين بالخارج في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    اليوم، حفل جوائز الكاف 2025 ومفاجأة عن ضيوف الشرف    ماذا قالت إلهام شاهين لصناع فيلم «بنات الباشا» بعد عرضه بمهرجان القاهرة السينمائي؟    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    العدد يصل إلى 39.. تعرف على المتأهلين إلى كأس العالم 2026 وموعد القرعة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوريا تُعيد رسم خريطة المنطقة.. على أنقاض سايكس-بيكو
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 12 - 2024

نشر موقع 180 مقالًا للكاتب سميح صعب، تناول فيه الأدوار المتصاعدة للاعبين جدد (تركيا-إسرائيل) فى الداخل السورى والإقليم، على حساب قوى أخرى (روسيا وإيران)، وكيف توفر التطورات الأخيرة فرصة لتركيا، لتبعد الأكراد من شمال سوريا نهائيًا ودفعهم نحو شرق الفرات فى مرحلة أولى.. نعرض من المقال ما يلى:
ما تزال الأحداث فى سوريا فى حالة من التدفق، بحيث يصعُب الخروج بتصور دقيق للمستقبل. إنما الواضح حتى الآن، صعود أدوار تركيا وإسرائيل فى سوريا على حساب خروج إيران وتلاشى الدور الروسى. وهذا، بدوره، لا بد أن يفرز واقعًا جديدًا لهذا البلد المحورى.. وربما لسائر بلدان المنطقة.
بالوقائع، فرضت أنقرة نفسها اللاعب الأقوى من الشمال حتى دمشق. أما رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فألغى اتفاق «فك الاشتباك» لعام 1974 فى مرتفعات الجولان السورية المحتلة، وتقدّم الجيش الإسرائيلى ليحتل أراضى جديدة من جبل الشيخ إلى ريف دمشق، وليُدمّر فى أوسع حملة جوية وبحرية، منذ حرب 1973، البنى التحتية للجيش السورى، تدميرًا كاملًا، تحت شعار الخوف من وقوعها فى أيدى أطراف معادية لإسرائيل.
وظّف نتنياهو الحدث السورى فى دفاعه عن نفسه خلال مثوله أمام المحكمة المركزية بتهم الفساد، ليقول إن ما جرى فى سوريا لم يكن ممكنًا لولا الحرب على غزة ولبنان وضرب المحور الإيرانى، ما أدى إلى هزة أرضية لم تحدث منذ اتفاق سايكس- بيكو عام 1916.
ومجرد إثارة موضوع سايكس-بيكو، يعنى أن الحدود التى رسمتها بريطانيا وفرنسا لسوريا قبل أكثر من مئة عام، لم تعد صالحة، وبأن نتنياهو فى صدد رسم خريطة جديدة تعكس موازين القوى الجديد، الذى أفرزته الحرب المستمرة منذ أكثر من عام فضلًا عن سقوط نظام حزب البعث فى سوريا، وإضعاف القدرات العسكرية لحماس وحزب الله إلى حد بعيد.
• • •
فى الفراغ الذى نجم عن انهيار النظام فى سوريا، تتمدد إسرائيل وتركيا بمباركة أمريكية لرسم الخريطة السورية مجددًا، التى تمحو معالم سوريا سايكس-بيكو لمصلحة خريطة تتضح خطوطها على وقع التقدم التركى فى شمال سوريا والتوغل الإسرائيلى فى جنوبها.
ولعل أبلغ تعبير عن سعادة تركيا بما يجرى فى سوريا، كان تعليق رئيس الحركة القومية المتشددة فى تركيا دولت بهشتلى، حليف حزب العدالة والتنمية فى السلطة، على سقوط حلب فى أواخر نوفمبر الماضى فى أيدى الفصائل السورية المسلحة، إذ قال إن حلب مدينة تركية.
ليس بهشتلى وحده الذى يعتبر أن حلب تركية، بل إنّ الكثير من القادة الأتراك يعتقدون ذلك، على غرار ما هو الحال مع مدينة الموصل العراقية. وبعد الحرب العالمية الأولى بقى هؤلاء يزعمون أن فرنسا اقتطعت بغير وجه حق حلب من الأراضى التابعة للسلطنة العثمانية، وكذلك الأمر بالنسبة لبريطانيا فى الموصل.
• • •
تُوفر الفوضى حاليًا فرصة تاريخية لتركيا كى تتحكم بالتوازنات فى سوريا، فى مشهد شبيه بما فعلته إيران فى العراق عقب الغزو الأمريكى عام 2003. عامذاك، توّلت أحزاب المعارضة العراقية التى تحظى بدعم إيران السلطة خلفًا لنظام صدام حسين. ونجم عن ذلك دولة عراقية تدور فى الفلك الإيرانى قبل أن تعود القوات الأمريكية عام 2014 لمحاربة تنظيم داعش. ومع ذلك، فتح العراق أمام إيران مجالًا لتعزيز نفوذها الإقليمى على نحو غير مسبوق.
الآن، الفصائل السورية المدعومة من تركيا وبينها «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقا) بزعامة أحمد الشرع (أبومحمد الجولانى سابقًا) والجيش الوطنى، هى التى ستتولى السلطة فى دمشق، لتنشأ دولة تدور فى الفلك التركى.
لكن تبقى العقبة الكردية التى يسعى رجب طيب أردوغان إلى التغلب عليها. ويتمتع أكراد سوريا بالحماية الأمريكية المباشرة مع وجود 900 جندى أمريكى فى شمال شرق سوريا، أى فى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التى تُشكل وحدات «حماية الشعب» الكردية عمودها الفقرى. وينظر أردوغان إلى الوحدات على أنها النسخة السورية لحزب العمال الكردستانى الذى يقاتل من أجل الحكم الذاتى فى جنوب شرق تركيا. أما واشنطن فترى فى أكراد سوريا شركاء فى قتال داعش، ورفضت فى السابق التمدد التركى فى اتجاه المناطق الخاضعة لسيطرتهم لا سيما حقول النفط الرئيسية فى سوريا.
ومع تبدل الأوضاع بعد انهيار النظام السورى، يجد أردوغان فرصة فى طرد "قسد" من شمال سوريا نهائيًا ودفعهم نحو شرق الفرات فى مرحلة أولى. وهذا ما أثبتته سيطرة «الجيش الوطنى» المعارض والمدعوم تركيًا على تل رفعت ومنبج والاستعداد للتوجه إلى مدينة كوبانى (عين العرب)، التى تحتل رمزية كبيرة لدى الأكراد بعدما تمكنوا من منع داعش من اجتياحها عام 2015.
ويتلمس أكراد سوريا الخطر الداهم. ولذلك، لجأوا إلى التودد إلى الحكام الجدد لدمشق، فرفعوا علم المعارضة السورية على مراكز الإدارة الذاتية فى مناطق سيطرتهم، كما سلّموا سبع مناطق فى محافظة دير الزور كانوا يُسيطرون عليها بعد انسحاب الجيش السورى، إلى هيئة التحرير الشام.
وكان الملف الكردى الموضوع الرئيسى الذى بحثه وزير الخارجية الأمريكى أنطونى بلينكن فى أنقرة مع أردوغان يوم الجمعة الماضى، وسط تناقض فى وجهتى نظر الطرفين. إذ شدّد بلينكن على أن «قسد» هى شريك مهم فى محاربة داعش، بينما كرّر أردوغان أن قسد هى تنظيم إرهابى وأن من الخطأ الاتكال على هذا التنظيم فى محاربة تنظيم إرهابى آخر.
والمعارضة التى تبديها إدارة الرئيس الأمريكى فى المساس بأكراد سوريا، قد لا تتمسك بها إدارة ترامب. سبق للرئيس الأمريكى المنتخب أن وصف سوريا فى إدارته الأولى بأنها «أرض الرمال والموت» وأمر بسحب الجنود الأمريكيين منها. لكن وزير دفاعه جيم ماتيس ضغط من أجل إقناعه بإبقاء 900 جندى فقط لحماية الأكراد، وكى لا يصل النظام السابق أو داعش إلى حقول النفط والاستفادة من عوائدها.
كما أن سقوط حكم الأسد، سيُشجع القبائل العربية التى كانت متحالفة مع «قسد» على الخروج من هذا التنظيم، ما يفاقم من عزلة الأكراد.
• • •
اللافت للانتباه فى الموضوع الكردى، أن مسئولين ومحللين إسرائيليين، بدأوا يدعون إلى ضرورة مد الجسور مع أكراد سوريا وتقديم الحماية لهم. وقد تجد إسرائيل فى ذلك ذريعة أخرى لتوطيد حضورها العسكرى والسياسى فى سوريا، خصوصًا أن نتنياهو يخشى أن يظهر فصيل من المعارضة السورية شبيه بحركة حماس، ما يُعيد خلط الأوراق ويُوفّر فرصة لإيران للنفاذ مجددًا إلى سوريا.
والأمل الوحيد لدى أكراد سوريا، وفق مجلة الإيكونوميست البريطانية، هو أن مستشار الأمن القومى فى إدارة ترامب المقبلة مايك والتس، والمرشح لمنصب وزير الخارجية ماركو روبيو، وكلاهما متعاطف مع الأكراد، قد ينجحان فى إقناع ترامب بعدم مجاراة أردوغان فى خططه. لكن ماذا لو أقدم أردوغان المنتشى بسقوط الأسد، على فرض أمر واقع جديد قبل تولى ترامب مهامه رسميًا فى 20 يناير المقبل.
إن تركيا هى فى حالة صعود، وعلى الأرجح ستُمارس نفوذًا أكبر على سوريا وعلى كامل بلاد الشام، وستُعزز الآمال العثمانية الجديدة لأردوغان، وفق ما تستخلص صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية. وبحسب الدبلوماسى التركى السابق ومدير مركز إيدام للأبحاث فى إسطنبول سنان أولجن: «من وجهة نظر تركيا، فإن عنصر المخاطرة الجديد هو انهيار الدولة السورية.. إن تفتيت الوحدة السياسية لسوريا يُمكن أن يؤدى إلى ظهور دولة شبيهة بالكيان الكردى، بدعم محتمل من الولايات المتحدة وإسرائيل».
لم يلفظ المشهد السورى بكل ما يعتمل فى داخله، ولا بالكيفية التى ستحكم بها البلاد، والتى ستترك تأثيراتها، بلا شك، على دول الجوار المباشر وكامل العالم العربى، وثمة أسئلة لا أحد يملك جوابًا قاطعًا عليها لا سيما سؤال هل تبقى سوريا دولة مركزية موحدة أم أنّ هناك من يُريد تناتشها وتقسيمها.. وحتمًا سيكون للجواب عن السؤال المذكور ارتداداته على الجوار السورى القريب، لا سيما فى لبنان والعراق.

النص الأصلي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.