قال مصدر فى جهات سيادية عليا تتابع حاليا ملف مياه النيل إنها بدأت التعامل مع الملف «من الصفر تقريبا من خلال وضع خطط جديدة للتعامل مع الموقف على الأرض فى ضوء التطورات السلبية التى شهدتها الفترة الأخيرة». وهناك اتجاه قوى لدى دول منابع النيل للتوقيع على الاتفاقية الجديدة المرفوضة مصريا يوم الجمعة المقبل مع استمرار الباب مفتوحا أمام مصر والسودان للتوقيع عليها خلال عام تكون الاتفاقية مجمدة خلالها. «لدينا خريطة طريق واقعية وبدأنا العمل فيها على الأرض، وسوف تنصب جهود مصر خلال السنوات المقبلة على تفعيل الشراكة الاقتصادية والسياسية مع دول حوض النيل وتفعيل الأوراق السياسية والدبوماسية والاقتصادية فى تلك الدول وعلى جميع المستويات خلال خمس سنوات»، هكذا حدد المصدر رؤية الجهة السيادية للتعامل مع الملف الذى انتقل إليها مؤخرا. فى سياق متصل تباينت المواقف الفنية والسياسية والاستراتيجية لخبراء ذوى صلة رسمية بالملف ومسئولين فنيين فى ورشة عمل مغلقة عقدت بمركز الدراسات الأمنية والاستراتيجية بإشراف الخبير فى شئون الأمن القومى ومدير المركز اللواء سامح سيف اليزل، الذى أكد من جانبه، أن مصر تأخرت فى صياغة استراتيجية شاملة للتعامل مع الأزمة الراهنة فى ظل ضعف ميزانية المساعدات والمنح مع دول منبع حوض النيل. وتقدر هذه الميزانية ب27 مليون دولار لتلك الدول مجتمعة، فى الوقت الذى قدمت فيه النرويج منحة لبناء سد إثيوبى بنحو 414.2 مليون يورو، «أو ما يزيد على 15 ضعف الميزانية المصرية لكل تلك الدول مجتمعة»، على حد تعبير سيف اليزل. وفى السياق ذاته أكد الخبير مغاورى دياب أن إثيوبيا حصلت أيضا على 3 مليارات دولار من دول أوروبية فى سنة واحدة هى عام 2009، مشيرا إلى أن لهذ الأمر دلائل يجب التوقف عندها، وقال «علينا أن نأخذ فى الاعتبار أننا نواجه جبهة شديدة الغرور ونحن الذين تسببنا فى ذلك بغيابنا عنها». وفيما يتعلق بالموقف من السياسة الإسرائيلية تجاه الملف أكدت مصادر سيادية أن إسرائيل تدير فعليا معركة مع مصر فى تلك المنطقة، وهو ما قطع اللواء اليزل ل«الشروق» بصحته. وقال سيف اليزل إنه بعد فشل مؤتمر الإسكندرية العام الماضى وجهت دعوة من تل أبيب لوزراء التجارة والصناعة فى كل من بوروندى وأوغندا لزيارة إسرائيل، وهو ما تم بالفعل فى غضون شهر من ذلك التاريخ، ومكث هؤلاء الوزراء فى إسرائيل 9 أيام كاملة. حيث تم توقيع العديد من بروتوكولات شراكة وتعاون بينهم، توجت بزيارة قام بها وزير الخارجية الاسرائيلى المتطرف افيجدور ليبرمان لتلك الدول. وأضاف «هذه التحركات مقلقة لمصر ولا يمكن غض الطرف عنها أو التهويل من تداعياتها». من جانبه انتقد رئيس قطاع مياه النيل فى وزارة الموراد المائية عبدالفتاح مطاوع موقف دول المنبع وقال إن كل ما يحدث من جانب هذه الدول هو نوع من الابتزاز السياسى غرضه الاستهلاك المحلى لظروف سياسية داخلية لتلك الدول، ولسنا منزعجين أو قلقين. وهون عبدالفتاح من إقدام الدول على توقيع الاتفاقية يوم الجمعة المقبل وقال إن مصر لن تتأثر بها، مشيرا إلى أن دولتين إلى ثلاث قد تنضم إلى الموقف المصرى الرافض للتوقيع خلال السنة التى وضعتها تلك الدول لانضمام مصر إلى الاتفاقية، وأن الموقف التفاوضى لمصر قوى، وفى حال التوقيع لن تكون هناك مخاوف أيضا، على حد تعبيره. فى المقابل أكد مصدر سياسى رفيع ل«الشروق» «إن التوقيع سيتم يوم الجمعة بالفعل، وحديث اللجنة الفنية فى الوزارة بهذا الشكل غير مقنع، والوقت ليس فى صالحنا بالمرة، وما أكده لنا الوزير خلال الأيام القليلة الماضية من محاولات للطمأنة وعدم الخوف والقلق من تحركات تلك الدول وتلقى مصر إشارات إيجابية هو أمر غير دقيق هذا الكلام لا يرقى إلى المستوى العملى بالنظر إلى حجم الأزمة.