مدبولي: الحكومة ليس لديها مانع في تعديل مشروع قانون الإيجار القديم    إعلام عبري: 4 جرحى بإطلاق نار على معبر الريحان شمال الضفة    "حظنا كان سيئ".. محمد صلاح يتحدث عن الخروج من دوري الأبطال    المشدد 15 عامًا لمالك محل أحدث لزوجته عاهة مستديمة في القليوبية    الآلاف يشيعون جثمان الطفل "أدهم" ضحية أصدقائه في كفر الشيخ - فيديو وصور    ماذا قالت الناقدة ماجدة خيرالله عن حفل زفاف رنا رئيس؟    بيدري مهدد بالعقوبة من يويفا بسبب تصريحاته ضد حكم قمة الإنتر وبرشلونة    روسيا تعتزم استضافة رئيسي الصين والبرازيل وآخرين بمناسبة ذكرى يوم النصر في الحرب العالمية    محافظ سوهاج يتفقد تركيب الأطراف الصناعية بمستشفى الهلال الأحمر | صور    عمر طلعت مصطفى: ننسق مع وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من الفعاليات الكبيرة للترويج لسياحة الجولف    جوندوجان يأمل في بداية مسيرته التدريبية كمساعد لجوارديولا    التايكوندو يتوجه للإمارات للمشاركة في بطولة العالم تحت 14 عام    تقرير: دي ليخت يقترب من الغياب أمام أتليتك بلباو    مبيعات أجنبية تهبط بمؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم.. فما الأسباب؟    محافظ الفيوم يتابع موقف أراضي الدولة المستردة وآليات استغلالها بالشكل الأمثل    «كسر جمجمتها».. مندوب مبيعات يحاول قتل شقيقته بسبب خلافات عائلية بالقليوبية    «ليصل العدد إلى 128».. رئيس الوزراء: تشغيل 12 جامعة أهلية جديدة العام المقبل    كانييه ويست ينهي مقابلته مع بيرس مورجان بعد أربع دقائق من بدايتها (فيديو)    جولدن جلوب تضيف فئة "أفضل بودكاست" في جوائز عام 2026    مصطفى كامل يطرح بوسترات ألبومه الغنائي الجديد "قولولي مبروك" (صور)    أبطال «نجوم الساحل» يكشفون كواليس العمل مع منى الشاذلي..غدا    ما حكم طهارة وصلاة العامل في محطات البنزين؟.. دار الإفتاء تجيب    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد الخدمة الطبية بالزوامل المركزى    ميرتس وماكرون يدعوان الهند وباكستان إلى التهدئة    ضبط 3507 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    "التعليم" تعلن إطلاق مسابقة للمواهب في مدارس التعليم الفني    خلافات مالية تشعل مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص بالوراق    5 أبراج تُعرف بالكسل وتفضّل الراحة في الصيف.. هل أنت منهم؟    بينها «أخبار اليوم» .. تكريم رموز الصحافة والإعلام في عيد العمال    "الشباب في قلب المشهد السياسي".. ندوة تثقيفية بالهيئة الوطنية للانتخابات | صور    الهلال الأحمر المصري يشارك في النسخة الرابعة من منتدى «اسمع واتكلم»    البابا تواضروس يستقبل وكيل أبروشية الأرثوذكس الرومانيين في صربيا    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    أوبرا الإسكندرية تقيم حفل ختام العام الدراسي لطلبة ستوديو الباليه آنا بافلوفا    كندة علوش: دوري في «إخواتي» مغامرة من المخرج    الصناعة تمد فترة التقدم على 332 وحدة صناعية للمستثمرين حتى ذلك الموعد    محافظ الدقهلية يلتقي المزارعين بحقول القمح ويؤكد توفير كل أوجه الدعم للفلاحين    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    حزنا على زواج عمتها.. طالبة تنهي حياتها شنقا في قنا    مدبولي يُكلف الوزراء المعنيين بتنفيذ توجيهات الرئيس خلال احتفالية عيد العمال    وظيفة قيادية شاغرة في مصلحة الجمارك المصرية.. تعرف على شروط التقديم    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    ضبط المتهمين في واقعة تعذيب وسحل شاب بالدقهلية    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقياس النيل المعاصر

• ندرة المعلومات حول الأصول التجارية العامة تؤدى إلى عدم كفاءة استغلالها
• لا مبرر لإدارة القطاع العام لثرواته بكفاءة أقل من القطاع الخاص
كان مقياس النيل يستخدم لقياس نقاء النهر ومستوى المياه خلال موسم الفيضان السنوى، وكان ذلك ضروريا للحضارة والحوكمة قديما فى مصر، حيث استخدمت الحكومة هذا المقياس كأداة للتنبؤ بحجم ونوع الفيضان السنوى، ومن ثم تحديد مستويات الضرائب التى يتعين تحصيلها.
أما المالية العامة المعاصرة فتركز فقط على الدين والسيولة المالية، حيث تتجاهل الحكومات قيمة «الأصول العامة Public Assets» وقيمة الأعباء المالية، وبالتالى يترك هذا المنظور الضيق الساسة دون إدراك حقيقى لتلك الأصول أو لمسئوليتهم عنها، مما قد يؤدى إلى إساءة استخدام الموارد وما يسببه ذلك من تعريض للأجيال المقبلة لظلم مُحتمل.
وعندما نقارن هذا الوضع بالقطاع الخاص، تتبين اختلافات مُذهلة، فالقيمة الإجمالية لأسواق الأسهم العالمية تعادل تقريبا إجمالى قيمة الاقتصاد العالمى أو إجمالى الناتج المحلى العالمى، وهذا القطاع من الثروة يخضع لتدقيق مستمر من قبل جيوش من المحللين والسماسرة والمستثمرين والجهات التنظيمية وسلطات الضرائب ووسائل الإعلام، وتستند تحليلات بيانات هذه الأسواق إلى حسابات مُدققة مبنية على معايير محاسبية حديثة تم تطويرها على مدى قرون، وهى معايير لم تُمكنا فقط من تطوير أسواق المال، بل أدت أيضًا إلى الثروة التى ننعم بها جميعا اليوم.
* قيمة الأصول العامة على مستوى العالم
تبلغ قيمة الأصول العامة على مستوى العالم ثلاثة أضعاف قيمة أسواق الأوراق المالية، إلا أن تلك الأصول ليست خاضعة للتدقيق والإشراف والتنظيم، بل تكاد تكون خارج الحسابات تماما، فمعظم الحكومات عند وضع ميزانياتها تغفل إلى حد كبير هذه الأصول والقيمة التى يمكن أن تولدها، فرغم أن تلك الأصول تمثل أكبر حصة من الثروة فى العالم إلا أن فهمها لا يزال صعبا.
وتؤدى ندرة المعلومات عن الأصول التجارية العامة إلى صعوبة استغلالها بكفاءة، حيث تقدر دراسة أجراها صندوق النقد الدولى تكلفة ذلك بنحو 1.5% من إجمالى قيمة الأصول سنويا، أى ما يعادل حوالى 4.5% من إجمالى الناتج المحلى العالمى.
وتشمل أوجه قصور استغلال الأصول التجارية العامة؛ انخفاض أو غياب العائد منها بسبب ضعف المحاسبة، وسوء الإدارة، والهدر والفساد. بالإضافة إلى أنه تؤدى إلى تداعيات خطيرة على مستوى الاقتصاد الكلى إذ تبدو الميزانيات العمومية الحكومية أضعف مما ينبغى.
وتُظهر أبحاث صندوق النقد الدولى أن الحكومات التى تتمتع بصافى ثروات أكبر (صافى قيمة الأصول بعد خصم الالتزامات) تتعافى بشكل أسرع من الركود وتكون تكاليف اقتراضها أقل.
وبينما يعتبر إغفال صافى الثروة تضليلا، يؤدى إلى إساءة قياس القدرة على تحمل الديون، ويتسبب فى هروب الاستثمار، فإن الحكومات التى تركز على صافى الثروة يتوافر لديها حافز للاستثمار فى الأصول الإنتاجية.
وعلى المدى الطويل، يُسهل التركيز على صافى الثروة من عملية مساءلة الحكومات عن القرارات المتعلقة بالإنفاق والاقتراض والضرائب وتأثيرها على العدالة بين الأجيال. وفى الوقت ذاته يساعد الحكومات على تدبير الاستثمارات اللازمة لمواجهة تحديات التغيرات المناخية والديموغرافية والجيوسياسية.
* الأصول الإنتاجية الحكومية
يقصد بالأصول التجارية المملوكة للحكومة، أى أصول قادرة على توليد إيرادات شريطة إدارتها بطريقة احترافية، وهى نوعان: أصول تشغيلية وأصول عقارية.
وبينما يمكن أن تكون ملكية الأصول التشغيلية مثل المرافق (المياه والكهرباء) وأصول النقل (المطارات والموانئ وأنظمة مترو الأنفاق) على المستوى المحلى أو الوطنى، فإن البنوك والشركات الكبرى، المملوكة غالبا على المستوى الوطنى، موضع نقاش واسع، نظرا لكونها أقل ربحية مقارنة بالأنشطة المماثلة فى القطاع الخاص.
أما بالنسبة للقطاع العقارى المملوك للحكومة، فيبقى بالكامل شبه منسى بالكامل فى الحسابات الحكومية.
إلى ذلك، تعتبر الحكومات، دون استثناء، أكبر مالك للأراضى فى جميع الدول، لكنها لا تولى سوى قدر ضئيل من الاهتمام سواء لقيمة هذه الممتلكات أو لكيفية إدارتها بهدف تقديم أفضل قيمة لدافعى الضرائب.
ويترتب على تلك الإخفاقات السالف ذكرها تكاليف فعلية، فمن الصعب على أى مسئول فى الحكومة أو الناخبين مساءلة أى شخص عن إدارة هذه الأصول «الخفية» أو التساؤل عما إذا كان لا تزال هناك حاجة للاحتفاظ بها. ولهذا تتجنب الهيئات العامة التى تعانى من ضائقة مالية، اتخاذ قرارات قد يواجهها القطاع الخاص، ومنها ما إذا كان باستطاعتها تلبية احتياجاتها عبر تحسين استخدام هذه الأصول أو بيعها.
* الخوارزمى مبتكر «المحاسبة على أساس الاستحقاق»
تعتبر «المحاسبة على أساس الاستحقاق Accrual Accounting» التى ابتكرها الخوارزمى، أبو الجبر، فى القرن التاسع الميلادى، من أهم التطورات فى تاريخ البشرية. فقد أرسى بها الأساس لأسواق رأس المال المعاصرة والشركات متعددة الجنسيات، وبدون هذه المحاسبة فإن الاقتصادات المتشابكة حاليًا كانت ستصبح مستحيلة. ومع ذلك، لم يكن القطاع العام متحمسا لاعتماد هذه الأداة الأساسية، رغم إدارة الحكومات لمحافظ أصول أكبر وأكثر تعقيدا من تلك التى تديرها العديد من الشركات الخاصة.
وفيما تدعى العديد من الحكومات أنها تعمل على تحول أنظمة المحاسبة الحكومية لديها من «المحاسبة النقدية Cash Accounting» إلى «المحاسبة على أساس الاستحقاق»، بما يتماشى مع معايير القطاع الخاص والمعايير المحاسبية الدولية للقطاع العام، إلا أن قلة من الحكومات تتخذ القرار الحاسم باستخدام «المحاسبة على أساس الاستحقاق» فى إدارة شئونها المالية.
وحتى الآن، كانت نيوزيلندا الدولة الوحيدة التى انتهجت «المحاسبة على أساس الاستحقاق» واتبعت إطارا للإدارة المالية الحكومية مدفوعا بهذه الطريقة المحاسبية، الأمر الذى ساعدها على تجاوز عقدين من العجز الحكومى وتراجع صافى الثروة، لتشهد 30 عاما من تحقيق قيمة اقتصادية مضافة مع تسجيل عجز فى سنوات قليلة للغاية.
ونرى ثمة طريقة لتسريع تلك العملية، تبدأ بإجراء تقييم موجز للقيمة الاسترشادية لجميع الأصول التجارية العامة أى وضع «خارطة للأصول»، حيث تستغرق تلك العملية شهرا وتعد بمثابة دراسة جدوى توفر فهما لكيفية التعامل مع الخطوة التالية المتمثلة فى نقل حيازة الأصول التجارية العامة إلى صناديق الثروة العامة التى تضمن بدورها تطبيق معايير الحوكمة والإدارة والمحاسبة والمساءلة تجاه مجموعة أصول محددة يتم استخدامها فى القطاع الخاص.
وفى ظل صناديق الثروة العامة، يمكن حصد ثمار الإدارة الكفؤة سريعًا فى غضون عام أو عامين، وهو ما يختلف تماما عن الوقت الذى قد يستغرقه تطبيق معايير «المحاسبة على أساس الاستحقاق» فى القطاع العام والاستخدام الفعال للمعلومات الناتجة عنها.
ويبقى التأكيد هنا على أنه ليس هناك مبرر لإدارة القطاع العام لثروته بكفاءة أقل من القطاع الخاص، باستخدامه أدوات أقل تطورًا من تلك التى كانت لدى المصريين فى الماضى.
إن تبنى المعايير المحاسبية التى تحركها القواعد والأهداف المالية القائمة على أساس صافى الثروة هو الصيغة الحديثة لمقياس النيل، التى تخلق فرصا كبيرة لتنويع الاقتصاد وتحسين المالية العامة على المدى الطويل دون أى تقليص فى الخدمات العامة أو زيادة فى الضرائب.
*****
* داج ديتر: خبير ومستشار استثمار دولى من السويد متخصص فى الأصول التجارية العامة ومؤلف مشارك لكتاب «الثروة العامة للأمم»
* إيان بول: أستاذ جامعى نيوزيلندى يعد مهندس عملية إصلاح الإدارة المالية لحكومة نيوزيلندا، كما أطلق وقاد عملية تطوير المعايير المحاسبية الدولية للقطاع العام (IPSAS).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.