تنسيق الجامعات 2025 .. انطلاق اختبارات القدرات    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 12 يوليو 2025    أسعار الخضروات والدواجن اليوم السبت 12 يوليو 2025    60 دقيقة تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 12 يوليو 2025    هافال دارجو 2026.. تحديثات تصميمية وتقنية تعزز حضورها    ترامب يعطي تفويضا كاملا لإدارة الهجرة والجمارك لحماية نفسها    استشهاد 61 شخصًا وإصابة 231 آخرين بقصف إسرائيلي خلال 24 ساعة    «الإغاثة الطبية»: على المجتمع الدولي دعم البدائل العادلة للإغاثة في غزة    واشنطن تنفي دعمها إقامة كيان منفصل لقوات سوريا الديمقراطية    "هل اقترب من الزمالك؟".. نجم الأهلي يثير الجدل بهذا المنشور    تاريخ مواجهات باريس سان جيرمان وتشيلسي قبل نهائي كأس العالم للأندية    بالذكاء الاصطناعي.. أول صورة أعلنت بها زوجة النني الثانية ارتباطهما    السيطرة على حريق هائل في محل تصوير فوتوغرافي بالمنيا    طقس اليوم السبت.. تحذير من عاصفة ترابية على بعض المناطق    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف زينب عوض.. طريقة عمل الدجاج المشوي    سعر الذهب اليوم السبت 12 يوليو 2025 بعد الارتفاع العالمي وعيار 21 بالمصنعية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 12-7-2025.. وحديد عز يتخطى 39 ألف جنيه    كل ما يخص نتيجة الدبلوم الصناعي 2025.. رابط مباشر وأسماء الكليات والمعاهد المتاحة للطلاب    مواعيد مباريات اليوم السبت 12-7-2025 والقنوات الناقلة    «كشف أسرار الزمالك».. أيمن عبد العريز يفتح النار على وائل القباني    نجيب جبرائيل: الزواج العرفي لا يُعد زواجًا بل «زنا صريح» في المسيحية (فيديو)    قرار جديد بشأن مادة التربية الدينية.. رفع نسبة النجاح وتعديل عدد الحصص في العام الدراسي المقبل    نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. الموعد الرسمي وطرق الاستعلام لجميع التخصصات بنظامي 3 و5 سنوات    بائع مصري يدفع غرامة 50 دولارًا يوميا بسبب تشغيل القرآن في تايمز سكوير نيويورك.. ومشاري راشد يعلق (فيديو)    ارتفاع سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات السبت 12 يوليو 2025    يستخدمه المصريون بكثرة، تحذير عاجل من مكمل غذائي شهير يسبب تلف الكبد    التضامن ترد على تصريحات منسوبة للوزيرة مايا مرسي بشأن إعادة إحياء التكية    شقيقه: حامد حمدان يحلم بالانتقال للزمالك    هشام عباس يشارك فى افتتاح المسرح الرومانى بدويتو مع الشاعرى    تامر حسني يُشعل الرياض في أضخم حفل على هامش كأس العالم للألعاب الإلكترونية.. وأغنية "السح الدح امبوه" مفاجأة تثير الجدل!    غادة عبد الرازق تكشف عن تعرضها للإصابة وتجلس على كرسى متحرك    مانشستر سيتي: هالاند يستمع إلى ألبوم عمرو دياب الجديد    الحكومة الموريتانية تنفى لقاء الرئيس الغزوانى بنتنياهو فى واشنطن    باحث بمرصد الأزهر: التنظيمات المتطرفة تستخدم الخوف كوسيلة للسيطرة    وكالة أنباء كوريا الشمالية: وزير خارجية روسيا يصل إلى بيونج يانج    أحمد عبدالقادر ينتقل إلى الحزم السعودي مقابل مليون دولار    انتخابات مجلس الشيوخ 2025| الكشف المبدئي للمرشحين عن دائرة الإسماعيلية    ننشر قوائم المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ عن دائرة محافظة دمياط    أمين الفتوى: يجوز الصلاة أثناء الأذان لكن الأفضل انتظاره والاقتداء بسنة النبي    التعليق الكامل لمنى الشاذلي على واقعة مها الصغير.. ماذا قالت؟    أحمد سليمان يتحدث عن.. الدعم الجماهيري.. وشرط استمرار فيريرا    حسام موافي يحذر من خطر المنبهات: القهوة تخل بكهرباء القلب    السيطرة على حريق في هيش وحشائش بكورنيش حلوان    نهاية مأساوية على الرصيف.. مصرع سائق في حادث تصادم بقليوب    السيطرة على حريق داخل شقة سكنية بشبرا الخيمة    إصابة موظف بصعق كهربائى خلال تأدية عمله بقنا    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    محمد عبلة: لوحاتي تعرضت للسرقة والتزوير.. وشككت في عمل ليس من رسمي    ضبط المتهمين باحتجاز شخصين داخل شقة في بولاق الدكرور    عاجزة عن مواكبة العصر.. البياضي: لوائح الأحوال الشخصية للمسيحيين تعود ل 1904    إنقاذ حياة سيدة وجنينها في سوهاج من انسداد كامل بضفيرة القلب    تحظى بالاحترام لشجاعتها.. تعرف على الأبراج القيادية    ولاء صلاح الدين تناقش تأثير الإعلان المقارن على المستهلك المصري في ماجستير إعلام القاهرة    كوميدي ألماني أمام القضاء بتهمة التحريض بعد تصريحاته حول محاولة اغتيال ترامب    زيلينسكي يعلن استئناف المساعدات العسكرية: تلقينا إشارات إيجابية من واشنطن وأوروبا    تشكيل لجنة عليا لتوعية المواطنين بالتيسيرات الضريبية في الساحل الشمالي.. صور    قد يبدأ بصداع وينتشر أحيانًا لأجزاء أخرى بالجسم.. أعراض وأسباب الإصابة ب ورم في المخ بعد معاناة إجلال زكي    هل يجوز أن أنهى مُصليًا عَن الكلام أثناء الخُطبة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتصارات نتنياهو الوهمية
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 03 - 2024

لا يمل، نتنياهو، التأكيد على تمسكه بتحقيق «النصر المطلق»، أو «الكامل»، أو «الساحق»، على حماس. ظانا إياه السبيل المثلى لبلوغ مآربه من عدوانه الحالى، والمتمثلة فى: استعادة الأسرى الإسرائيليين من خلال الضغط العسكرى المتواصل، الإجهاز على المقاومة الفلسطينية، تقويض تطلعات «محور المقاومة»، الحيلولة دون تكرار الهجمات على إسرائيل من غزة، الاحتفاظ بفرص التطبيع مع المزيد من الدول العربية والإسلامية.
وبينما يرى هزيمة حماس انتصارا للعالم الحر برمته، وليس لإسرائيل فحسب؛ يعتبر، نتنياهو، اجتياح رفح بريا، لاستئصال شأفة الحركة، شرطا أساسيا لإدراك نصره المزعوم. مؤكدا أن إبرام اتفاق هدنة وتبادل أسرى معها، سيؤدى فقط إلى تأخير موعد ذلك الاجتياح.
رغم الخسائر البشرية والمادية الهائلة، تسنى للمقاومة الفلسطينية انتزاع إنجازات مدوية. فعسكريا، بددت عملية «طوفان الأقصى» سردية الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر. كما أجهضت حلم إسرائيل فى التوسع الجغرافى على حساب الشعب الفلسطينى وأراضيه، ونالت من صدقية نظرية الأمن، التى تأسست على إثرها دولة الاحتلال عام 1948. عبر ترسيخ استراتيجيتى الردع الاستراتيجى للجيوش النظامية المحيطة، والتكتيكى لحركات المقاومة. اعتمادا على منظومة أمنية متطورة، تتكون من جيش مدجج بأحدث المنظومات التسليحية، وأجهزة أمنية واستخباراتية عتيدة كالموساد، «الشاباك»، و«أمان». ومن ثم، أخفقت إسرائيل فى أن تصبح دولة آمنة لجميع اليهود من كل أنحاء العالم كما أراد لها المشروع الصهيونى منذ أصل له، ثيودور هرتزل، فى كتابه «دولة اليهود» الصادر عام 1896. فمنذ السابع من أكتوبر الماضى، تضاعفت أعداد الهجرة المعاكسة من الأراضى المحتلة إلى الولايات المتحدة وأوروبا.
كرس الصمود الأسطورى للمقاومة الفلسطينية استراتيجية استحالة تحرير الأسرى الإسرائيليين لديها بالقوة، أو ما يسميه، نتنياهو، «الضغط العسكرى». فلقد توصلت دراسة علمية لجامعة «هارفارد» عام 2015، اعتمدت على التحليل الإحصائى، إلى أن نسبة نجاح عمليات تحرير الأسرى بالقوة لا تتجاوز 20% فقط. فيما أثبتت دراسة لجامعة «كامبريدج» عام 2017، اعتمدت على دراسة حالات متنوعة، انحسار تلك النسبة إلى 15% فقط، فيما انتهت دراسة بجامعة «أكسفورد» عام 2019 بعنوان: «تحرير الأسرى بالقوة: تحليل تكلفة الفائدة»، إلى أن الإصرار على تحرير الأسرى بالقوة، غالبا ما يؤدى إلى تصعيد النزاعات وتعاظم الخسائر البشرية.
منذ عام 1948 وحتى نوفمبر الماضى، لم تفلح دولة الاحتلال فى تحرير أسراها لدى المقاومة الفلسطينية، أو أى دولة عربية، إلا من خلال المفاوضات. فقد تمت أول صفقة تبادل مع الجبهة الشعبية عام 1979، ثم جاءت صفقة «النورس» مع الجبهة الشعبية القيادة العامة، عام 1983. وفى أكتوبر 2011، أبرمت صفقة، جلعاد شاليط، مع حركة حماس.
فى المقابل، أدى التعنت الإسرائيلى إلى إفشال صفقة مبادلة الطيار الإسرائيلى، رون أراد، الذى وقع فى الأسر عام 1986، وانقطع الاتصال نهائيا مع آسريه. وفى عام 1992، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلى، إسحاق رابين، الإفراج عن الشيخ، أحمد ياسين، مقابل إطلاق سراح الجندى، نسيم توليدانو، وبعد انتهاء مهلة كتائب القسام، التى حددت بعشرة أيام، تم قتل الجندى. وفى عام 1994، رفضت حكومة الاحتلال مطالب حركة حماس، التى قامت بأسر الجندى، نحشون فاكسمان، حتى قتل برفقة عدد من الجنود الإسرائيليين الذين حاولوا تحريره بالقوة. وفى عام 2014، أسرت حركة حماس الجنديين، أرون شاؤول، وهدار جولدن، وفى 2016، أسرت كتائب القسام، أبراهام منجستو، وهشام السيد؛ وبينما يماطل الاحتلال فى إدراك اتفاق تبادل بخصوصهم؛ يبدو مصيرهم أقرب إلى مصير، رون أراد. وخلال عدوانها الحالى على غزة، باءت محاولات إسرائيل لتحرير أسراها لدى المقاومة بالفشل.
رغم قتله عشرات الآلاف من الفلسطينيين خلال عدوانه الحالى، تكبد الاحتلال كلفة ضخمة. فعلاوة على خسائره الاقتصادية الهائلة، تؤكد المصادر الإسرائيلية أن 17% من قتلى جيشها فى غزة، والذين ناهزوا الألف، قتلوا بنيران صديقة، أو حوادث عملياتية فى الميدان. الأمر، الذى أرجعه خبراء إلى الخوف، ضعف التدريب على حرب المدن، سوء إدارة المعركة، فضلا عن شدة بأس المقاومة الفلسطينية. أما جيش الاحتلال، فيعزو ارتفاع أعداد قتلاه بنيران صديقة، إلى كثافة عدد قواته فى الميدان، طول أمد المعارك، وقسوتها، الإرهاق، عدم الانضباط العملياتى، ونقص التنسيق بين الآلاف من قوات المشاة والمدرعات وغيرها، داخل أحياء مزدحمة.
سياسيا، تلقت دولة الاحتلال صفعات دبلوماسية وقانونية مروعة. إذ شهدت القضية الفلسطينية، منذ بداية العدوان على قطاع غزة، دعما دوليا غير مسبوق. ففى نوفمبر الفائت، أوردت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، أن سيطرة مشاهد الدمار المفجع لقطاع غزة على منصات الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعى، أنتجت تحولات عميقة فى الرأى العام العالمى حيال القضية الفلسطينية، وفتحت شهية المجتمع الدولى لمبدأ حل الدولتين. كما استطاعت السردية الفلسطينية فضح توحش وبربرية دولة الاحتلال، وإيقاف مسيرة التطبيع العربى الإسرائيلى. ونتيجة لجرائم الحرب البشعة، أضحت الانتهاكات والخروقات الإسرائيلية شغلا شاغلا لمحكمة العدل الدولية.
تختلف مقاييس الربح والخسارة فى الحرب غير المتماثلة، التى تخوضها المقاومة الفلسطينية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلى، عن مثيلاتها فى الحروب التقليدية بين الدول والجيوش النظامية. فبينما تشكل خسائر المقاومة أضعاف خسائر المحتل، لا يقوى الأخير على تحمل كلفة مواصلة الحرب. ولما كانت نتائج الحرب النهائية على الأرض، هى التى تحدد ملامح النصر والهزيمة، تغدو المقاومة الفلسطينية منتصرة، حينما تحتفظ بقدراتها، إرادتها القتالية، قياداتها، وهياكلها التنظيمية. فضلا عن إجبارها جيش الاحتلال على الانسحاب من المناطق التى وطأها، معلنة فشله فى فرض واقع جديد على الأرض. إضافة إلى نجاحها فى إجراء صفقة تبادل للأسرى، وفقا لشروطها، بما يمكنها من تحرير قياداتها الفاعلة، لإعطاء دفعة قوية وخبرات نضالية وازنة لسائر فصائل المقاومة. أما الاحتلال، فينتصر حينما ينجح فى كسر إرادة المقاومة، نزع سلاحها، تفكيك منظومتها العسكرية وهياكلها التنظيمية، وتصفية قادتها أو توقيفهم، أو تهجيرهم إلى الخارج. وإذا استطاع احتلال القطاع مجددا، إعادة غزة إلى وضع ما قبل العام 2005. أو تمكن من تحرير أسراه بالقوة دون الاضطرار إلى إبرام صفقة تبادل مع المقاومة، حتى وإنْ قتل بعضهم.
فى محاولة يائسة لادعاء النصر، وصف، نتنياهو، إنجازات جيش الاحتلال بغير المسبوقة، مدعيا تصفيته 20 ألفا من مقاتلى حماس، يشكلون أكثر من نصف قوتها الضاربة، وشل قدرة 18 كتيبة من أصل 24 على العمل. كما سعى، عبثا، إلى فرض شروط المنتصرين من خلال خطته لليوم التالى للعدوان. غير أن واشنطن نصحت، نتنياهو، الاستفادة من دروسها المستخلصة من حروبها فى أفغانستان والعراق. بحيث ينفذ عمليات عسكرية نوعية دقيقة، بدلا من القصف الانتقامى العشوائى واسع النطاق، الذى يستهدف الفلسطينيين الأبرياء وأعيانهم المدنية. وإلا وقع فى فخ الزهو بنصر تكتيكى، مع تلقى هزيمة استراتيجية، تتأتى من فقدان إسرائيل التعاطف والدعم الدوليين.
أمعن جيش الاحتلال فى قتل وإصابة عشرات الآلاف من الفلسطينيين، تدمير الأعيان المدنية، إبادة الأخضر واليابس، وارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، شهدها ووثقها العالم أجمع. لكنه لم يدرك النصر المنشود. فلقد أظهر استطلاع للرأى، أجراه «معهد الديمقراطية الإسرائيلى»، تشكيك غالبية الإسرائيليين، فى إمكانية تحقيق «النصر الكامل» على حماس. بدورهم، استبعد مسئولون عسكريون واستخباراتيون إسرائيليون سابقون، بلوغ، نتنياهو، نصره «المطلق» على المقاومة الفلسطينية؛ مؤكدين تواضع الانجازات التى حققها جيش الاحتلال، قياسا إلى كلفتها الباهظة. ومن ثم، ناشدوا، نتنياهو، إتمام صفقة لتبادل الأسرى، تجنبا لمقتلهم. فليس أدل على إخفاقه، من عجزه عن فرض خطته لليوم التالى فى غزة، والتى تستهدف تقويض المقاومة الفلسطينية، وإجهاض حل الدولتين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.