في ظل تفاقم أزمة تغير المناخ، تقوم الدول في جميع أنحاء العالم بتكثيف جهودها من أجل الحد من استخدام الوقود الأحفوري، والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050. ولكن لكي تحقق اليابان هذا الهدف، تقول الحكومة إنها يجب أن تعود إلى استخدام المحطات النووية المتوقفة الآن في البلاد، لتعيد بذلك إثارة حالة من الجدل المؤلم بشأن ضرورة أستخدام الطاقة النووية وأهمية سلامتها. وكان أكبر زلزال شهدته اليابان في تاريخها المسجل، والذي وقع في 11 من مارس 2011، تسبب في حدوث موجات مد عاتية (تسونامي)، ما أدى إلى مقتل أكثر من 18 ألف شخص، وانقطاع التيار الكهربائي عن أنظمة التبريد في محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة. وقد أدى الانصهار النووي الذي وقع لاحقا، إلى إجلاء السكان القريبين للفرار من الإشعاعات الضارة الناجمة عما حدث. وبعد مرور اثنى عشر عاما على الكارثة، لا تزال بعض المناطق في مقاطعة فوكوشيما، غير قابلة للسكن فيها، كما لا يزال بعض سكانها يعارضون بشدة الطاقة النووية. وبعد وقوع الحادث، انخفضت نسبة الطاقة النووية كنسبة من مزيج الكهرباء في اليابان، من حوالي 30% إلى 6% في عام 2019. إلا أن خطة البلاد من أجل خفض استخدام الوقود الأحفوري في توليد الطاقة إلى النصف بحلول عام 2030، تتوقف على تعزيز الطاقة النووية مرة أخرى بما يصل إلى 20% على الأقل. ونقلت "لوس أنجلوس تايمز" عن تاتسويا تيرازاوا، الرئيس التنفيذي ل"معهد اقتصاديات الطاقة في اليابان"، إنه لكي تحقق البلاد ذلك، فإنها ستحتاج إلى إعادة تشغيل 15 مفاعلا نوويا آخر من أصل 33 مفاعلا. وكان قد تم إغلاقها جميعا لأعوام بعد وقوع الكارثة، وواجهت المفاعلات عقبات كبيرة مرتبطة بمدى سلامتها، بالإضافة إلى معارضة عامة لإعادة تشغيلها. وحتى الآن، لم يستأنف العمل إلا 12 مفاعلا فحسب. وترى المنظمات البيئية ومنتقدو توليد الطاقة النووية أن اليابان يمكنها تجنب إعادة تشغيل محطاتها النووية، من خلال إقامة المزيد من مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بالإضافة إلى زيادة كفاءة الطاقة، وتحسين المرونة في نظام توزيع الكهرباء داخل البلاد. وأضاف الرئيس التنفيذي ل "معهد اقتصاديات الطاقة في اليابان"، أن الحوافز الضريبية المواتية قد حفزت بالفعل النمو السريع في مجال الطاقة الشمسية، بينما يتسبب تراجع سرعات الرياح والأعاصير المتكررة في جعل طاقة الرياح أقل جدارة بالثقة في آسيا. وقال تيرازاوا إنه بدون الحصول على الطاقة النووية، فستحتاج اليابان إلى استيراد الهيدروجين الأكثر تكلفة، لاستخدامه في قطاعي النقل والتصنيع، بالإضافة إلى الأمونيا، التي تساعد عند مزجها مع الفحم والغاز على تقليل الانبعاثات الناتجة عن الحرق. جدير بالذكر أنه من المتوقع أن يمثل الهيدروجين والأمونيا نحو 1% فقط من مزيج الطاقة في اليابان بحلول عام 2030.