كرّمه بابا الفاتيكان.. وساهمت الأوبرا فى صقل موهبته.. وأخرجته موسيقاه من حياة البؤس والفقر والأمراض صدر حديثًا لقائدة الأوركسترا والمؤلفة البريطانية جين جلوفر كتاب جديد تناولت فيه بالتفصيل حياة مؤلف الموسيقى النمساوى فولفجانج أماديوس موزارت التى قلّما تطرقت إليها الكتب لنتعرف على الجانب الإنسانى فى حياة عبقرى الأوبرا الشهير الراحل الذى أثرت موسيقاه وأثّرت فى وجدان الشعوب حتى يومنا هذا. فى البداية، تحدثت الكاتبة عن زيارة «موزارت» إلى إيطاليا فى أبريل من عام 1770 لكنيسة سيستين الشهيرة وكان يبلغ من العمر آنذاك 14 عامًا ليستمع لأول مرة لمزمور «البؤس» الشهير للكاهن الكاثوليكى الرومانى والملحن الإيطالى جريجوريو أليجرى الذى قام بتأليف المزمور اللحنى فى ثلاثينيات القرن السابع عشر خصيصًا لجوقة كنيسة سيستين ومن أجل أن يؤديها العازفون فقط خلال أسبوع الآلام؛ وهو الأسبوع الذى يُحتفل خلاله بدخول يسوع القدس وتأسيس سر التناول وتعذيبه. وقالت الكاتبة إن مزمور «البؤس» كان عملا بالغ الأهمية للكنيسة وقتها؛ بل وكان يُنظر له على أنه سر من أسرار الفاتيكان العظمى الذى كان يخضع للحراسة الشديدة، ولذلك لم يكن من المفترض وجود نسخ مكتوبة كثيرة منه، ولكن أحدًا لم يتوقع أن المراهق الصغير العبقرى «موزارت» الذى كان فى زيارة الكنيسة فى ذلك اليوم سوف يعود إلى منزله ليكتب المقطوعة الموسيقية التى سمعها معتمدًا على ذاكرته برغم أنه سمعها مرة واحدة فقط. كما ناقش الكتاب جوانب عدة من حياة «موزارت» فى فترة شبابه، باعتباره الملحن الذى أنعم الله عليه بمواهب موسيقية فريدة برغمة قصر عمره حيث وافته المنية عمر ناهز 35 عامًا، وقالت الكاتبة إن الاسم الذى لمع فى سماء الفن والموسيقى والذى يعرفه حتى الأطفال والمراهقون فى عصرنا الحالى لم يولد وبفمه ملعقة ذهب ولم يعش حياة سهلة على الإطلاق؛ فقد كانت حياة «موزارت» فى عالم القرن الثامن عشر مليئة بالأمراض وظروف الحياة القاسية الفقيرة غير الصحية وعدم الراحة بشكل عام. وتُعد الواقعة التى أوردتها «جلوفر» عن زيارة كنيسة سيستين مثالًا جيدًا على النزعة الإنسانية السائدة فى كتابها لنقل تفاصيل حياة الموسيقار الشهير التى لا يعرفها الجمهور؛ حيث قالت على سبيل المثال إن ما حدث من تدوين المقطوعة الموسيقية يعد بمثابة معجزة؛ لأن «موزارت» ووالده ليوبولد كانا سيشعران بالتعب على الأغلب فى ذلك اليوم بعد أن وصلا لتوهما إلى روما بعد رحلة حافلة امتدت لمدة خمسة أيام من فلورنسا. كما ذكرت أيضًا أن «موزارت» عاد إلى كنيسة سيستين يوم «الجمعة العظيمة» أو جمعة الآلام مع نسخته المكتوبة مخبأة فى قبعته للتأكد من أنه قد كتب فعلًا المقطوعة الموسيقية بشكل صحيح، كما أن إنجازه لم يكن سرًا حتى إن البابا سمع عنه ومنحه وسامًا بابويًا تكريمًا له، نقلًا عن صحيفة الجارديان البريطانية. وذكرت الكاتبة أن «موزارت» زار إيطاليا ثلاث مرات بين عامى 1769 و1773، وأكدت أن إيطاليا صقلت موهبة «موزارت» بشكل كبير خاصة فى تعامله مع الأوبرا؛ لأن المقطوعات الموسيقية المتنوعة التى سمعها «موزارت» فى دور الأوبرا فى مختلف مدن إيطاليا من فيرونا إلى نابولى ساهمت فى تعزيز خياله الأوبرالى وغرست فى قلبه وروحه حب الموسيقى الذى تمخض لاحقًا عن روائع خلدها الزمن مثل: أوبرا «زواج فيجارو» و«الناى السحرى» و«دون جيوفانى» و«كارمن» وغيرها. وقالت الكاتبة إن إيطاليا لم تكن الموطن الأصلى للأوبرا فحسب؛ بل كانت أيضًا الجزء من أوروبا الذى يتمتع بأعلى المعايير الأوركسترالية والصوتية، لقد كانت عالمًا فنيًا متكاملًا غنيًا بالترابط والتنافس وأضافت أنه فى غضون تلك السنوات الأربع، كتب «موزارت» ثلاث أوبرات خالدة؛ ألا وهى: «ميتريدات رى دى بونتو» عام 1770، و«أسكانيو فى ألبا»، و«لوسيو سيلا» عام 1772، وكانت جميعها أعمالا موسيقية ملحمية عظيمة. وفى الختام، قالت الكاتبة إن «موزارت» فى حياته أولى جل الاهتمام للمطربين المشاركين فى أعماله الأوبرالية، وقد قال ذات مرة: «أحب الأغنية التى تناسب المغنى تمامًا مثل حلة الملابس جيدة الصنع التى تلائم من يرتديها»، ويًذكر أن «موزارت» ألف مقطعة موسيقية لأخت زوجته جوزيفا هوفر التى غنت «ملكة الليل» فى العرض الأول لأوبرا «الفلوت السحرى» عام 1791.