اليوم.. مجلس النواب يناقش حساب ختامي موازنة 2022/2023    تحرير 107 مهاجرين من الأسر في ليبيا    «الأرصاد»: طقس مائل للحرارة على القاهرة الكبرى.. معتدل على المحافظات الساحلية    عرض عصام صاصا على الطب الشرعي لإجراء تحليل مخدرات    اليوم افتتاح نادي السينما بقصر ثقافة الإسماعيلية    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم في مستهل التعاملات الصباحية الثلاثاء 7 مايو 2024    غارات جوية إسرائيلية تستهدف منطقة أبو حلاوة شرقي مدينة رفح    «القاهرة الإخبارية» تعرض لقطات لفض شرطة الاحتلال بالقوة المظاهرات في تل أبيب    العاهل الأردني يطالب بمضاعفة المساعدات الإنسانية إلى غزة وإيصالها دون معيقات أو تأخير    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الثلاثاء 7 مايو 2024    أسعار اللحوم والدواجن اليوم 7 مايو    ملف العمل في "الجمهورية الجديدة"| الحلقة العاشرة.. "وزارة العمل والتحول الرقمي والإلكتروني"    ياسمين عبدالعزيز: ولادي مش بيحبوا «الدادة دودي» بسبب مشاهد المقالب    7 تصريحات نارية ل ياسمين عبدالعزيز في «صاحبة السعادة».. اعرفها    ياسمين عبد العزيز:" عملت عملية علشان أقدر أحمل من العوضي"    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    صدقي صخر: تعرضت لصدمات في حياتي خلتني أروح لدكتور نفسي    مصطفى شوبير يتلقى عرضا من الدوري السعودي.. الحقيقة كاملة    ميلكا لوبيسكا دا سيلفا: بعد خسارة الدوري والكأس أصبح لدينا حماس أكبر للتتويج ببطولة إفريقيا    خبير لوائح: أخشي أن يكون لدى محامي فيتوريا أوراق رسمية بعدم أحقيته في الشرط الجزائي    مصر تستعد لتجميع سيارات هيونداي النترا AD الأسبوع المقبل    وسائل إعلام أمريكية: القبض على جندي أمريكي في روسيا بتهمة السرقة    رامي صبري يحيي واحدة من أقوى حفلاته في العبور بمناسبة شم النسيم (صور)    سعر الحديد والأسمنت اليوم في مصر الثلاثاء 7-5-2024 بعد الانخفاض الأخير    كاسونجو يتقدم بشكوى ضد الزمالك.. ما حقيقة الأمر؟    صدقي صخر يكشف مواصفات فتاة أحلامه: نفسي يبقى عندي عيلة    كريم شحاتة: كثرة النجوم وراء عدم التوفيق في البنك الأهلي    أمين البحوث الإسلامية: أهل الإيمان محصنون ضد أى دعوة    وكيل صحة قنا يجري جولة موسعة للتأكد من توافر الدم وأمصال التسمم    التصالح في البناء.. اليوم بدء استلام أوراق المواطنين    مصرع سائق «تروسكيل» في تصادم مع «تريلا» ب الصف    صليت استخارة.. ياسمين عبد العزيز تكشف عن نيتها في الرجوع للعوضي |شاهد    النيابة تصرح بدفن 3 جثامين طلاب توفوا غرقا في ترعة بالغربية    مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في حادثين منفصلين بإدفو شمال أسوان    عملية جراحية في الوجه ل أسامة جلال اليوم بعد إصابته أمام فيوتشر    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    وفد قطري يتوجه للقاهرة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس اليوم    الدوري الإنجليزي، مانشستر يونايتد يحقق أكبر عدد هزائم في موسم واحد لأول مرة في تاريخه    عاجل - تبادل إطلاق نار بين حماس وإسرائيل قرب بوابة معبر رفح    استبعادات بالجملة وحكم اللقاء.. كل ما تريد معرفته عن مباراة الأهلي والاتحاد السكندري    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    سؤالًا برلمانيًا بشأن عدم إنشاء فرع للنيابة الإدارية بمركز دار السلام    إبراهيم عيسى: لو 30 يونيو اتكرر 30 مرة الشعب هيختار نفس القرار    الأوقاف تعلن افتتاح 21 مسجدا الجمعة القادمة    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    مصر للطيران تعلن تخفيض 50% على تذاكر الرحلات الدولية (تفاصيل)    "يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 وأجمل عبارات التهنئة بالعيد    ب800 جنيه بعد الزيادة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من البيت    في 7 خطوات.. حدد عدد المتصلين بالراوتر We وفودافون    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    بالأسماء، إصابة 16 شخصا في حادث الطريق الصحراوي الغربي بقنا    بعد الفسيخ والرنجة.. 7 مشروبات لتنظيف جسمك من السموم    للحفاظ عليها، نصائح هامة قبل تخزين الملابس الشتوية    كيفية صنع الأرز باللبن.. طريقة سهلة    أستاذ قانون جنائي: ما حدث مع الدكتور حسام موافي مشين    في 6 خطوات.. اعرف كيفية قضاء الصلوات الفائتة    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورات العلمية
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 12 - 2023

فى المواد الدراسية التى أقوم بتدريسها خاصة فى الدراسات العليا هناك دائما مشاريع بحثية صغيرة يقوم الطلاب بعملها أثناء الفصل الدراسى، رسائل الماجستير والدكتوراه هى أيضا مشاريع بحثية. أنا أترك للطلاب بعض الحرية فى اختيار السؤال البحثى مع بعض التوجيه من ناحيتى. دائما ما ألاحظ أن الطالب يختار فى البداية سؤالا بحثيا معقدا جدا ويبنى الكثير من الآمال المتعلقة بالنشر فى مجلات أو مؤتمرات مرموقة ثم الحصول على جوائز وشهرة ومال. هذا طبعا نتيجة لعاملين: قلة الخبرة (الطالب لا يستطيع تقدير مدى صعوبة المسألة التى يطرحها) والطموح. لا أحد يكره الطموح لكن البدء فى البحث العلمى وعينك على جائزة وبالتالى اختيار سؤال بحثى يعتقد الباحث أنه «سيكسر الدنيا» ليس بالسياسة الصحيحة. البحث الذى يقوم «بتكسير الدنيا» معناه أنه قام بثورة علمية. ما هى الثورة العلمية؟ وكيف تحدث؟ وهل يمكن أن تبدأ بحثك وفى ذهنك أنك ستقوم بثورة علمية؟ هذا موضوع مقالنا اليوم.
...
فى سنة 1962 نشر فيلسوف ومؤرخ العلوم الأمريكى توماس كون كتابه «بنية الثورات العلمية»، هذا الكتاب أحدث الكثير من الجدل والمناقشات وقد ظهرت عدة طبعات منه وتمت ترجمته للعربية ومناقشته فى إحدى فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب السابقة. الجدل الأساسى الذى أثاره الكتاب هو عن الكيفية التى تحدث بها الثورات العلمية.
قبل هذا الكتاب كان أغلب فلاسفة العلوم والعلماء عامة يؤمنون أن العلم عملية تراكمية وأن الاكتشافات الكبرى ما هى إلا نتيجة هذه التراكمات. الكتاب أعطى نظرية مختلفة وهى أن تاريخ العلم هو فترات من «العلم العادى» التراكمى يتخلله ثورات علمية تغير من نظرتنا لمعلوماتنا فى الماضى، وهذه الثورات تظهر فجأة وليس نتيجة لتراكمات.
هذه النظرية تقودنا إلى سؤالين: السؤال الأول هو إعطاء عدة أمثلة لتلك الثورات العلمية فى التاريخ، السؤال الثانى عن العوامل التى تؤدى إلى الثورة العلمية.
...
هنالك أمثلة عديدة عن الثورات العلمية فى تاريخ العلم، نذكر منها على سبيل المثال:
• من أقدم الثورات العلمية ما أثاره عالم الفلك البولندى نيكولوس كوبرنيكوس من أن الأرض ليست هى مركز الكون، بل تدور حول الشمس. المثير أن كوبرنيكوس استخدم نفس المعلومات تقريبا التى استخدمها بطليموس لكنه أشعل ثورة علمية باكتشافه.
• مع نهايات القرن السابع عشر أشعل العالم الإنجليزى إسحاق نيوتن ثورة علمية أخرى عند اكتشافه قوانين الحركة الثلاثة التى وضعت حركات الأجرام السماوية والأشياء على كوكب الأرض تحت مظلة نفس القوانين، وأنشأت هذه الثورة نظرة جديدة للكون استمرت أكثر من قرن من الزمان.
• الميكانيكا الكمية والتى تحاول شرح حركة الجسيمات الصغيرة داخل الذرة بدأت ثورة علمية أخرى منذ نهايات القرن التاسع عشر امتد حتى القرن العشرين على يد علماء من أمثال نيل بور وماكس بلانك. هناك عدد غير قليل من جوائز نوبل فى الفيزياء تم منحها نتيجة أبحاث متعلقة بفيزياء الكم.
• اختراع الترانزستور يمكن اعتباره ثورة علمية أخرى لأنه بدأ عصر تصميم أجهزة الكمبيوتر بمختلف أشكالها وأحجامها.
القائمة تطول ويمكن أن تغطى مئات من السنوات، ولكن أردنا فقط أن نعطى بعض الأمثلة عن الثورات العلمية. لكن كيف تحدث تلك الثورات؟
...
من الانتقادات التى وجهت لكتاب كون أنه لم يعط معنى دقيق لكلمة الثورة العلمية أو كيف نفرق بين العلم العادى والعلم الثورى. الكتاب أعطى معنى مجازيا وهو أن العلم الثورى هو ما يغير نظرتنا للكون والحياة وطريقة تفاعلنا مع الكون، أو كما يطلق عليه بالإنجليزية (paradigm shift).
هناك نقطة مهمة يجب أن نأخذها فى الاعتبار: الاكتشافات العلمية الثورية تحتاج وقتا حتى تتضح «ثوريتها»، أى نرى فائدتها وتأثيرها. معنى هذا أن أى اكتشاف علمى لا نستطيع أن نطلق عليه أنه ثورى إلا بعد حين. هذا معناه أنه إذا رأينا اكتشافين علميين حدثا فى وقت متقارب لا يمكننا أن نقول أيها يعتبر من الاكتشافات العادية وأيها ثورى.
هناك العديد من الأبحاث والمقالات التى ظهرت بعد كتاب كون تحاول دراسة العوامل التى تؤدى إلى ثورة علمية، ولكن لم تستطع إيجاد خط واضح. هناك بعض الأبحاث التى جاءت نتيجة تراكم أبحاث فى الماضى وجاء البحث الأخير ليضع اللمسة الأخيرة، وأفضل مثال على ذلك هو اكتشاف الفيروسات مثلا. هناك أبحاث أخرى ظهرت نتيجة تفكير مستقل دون النظر فيما مضى مثل نظرية حركة القارات (continental drift hypothesis) التى جاء بها العالم الألمانى ألفرد واجنر. لذلك عزيزى القارئ إذا كنت تبحث عن روشتة لعمل اكتشافات علمية ثورية فأنا ما زلت أبحث عنها مثلك.
لكن كيف نضمن أن نقوم ببحث علمى محترم وجاد؟
...
يجب أن نفرق بين الطموح والمنظرة فى مجال العلم، الطموح يكمن فى الرغبة فى إنتاج علمى متميز، وكلمة «متميز» تعنى أن السؤال العلمى الذى يعالجه البحث مهم وأن البحث قام على أسس منهجية سليمة وأن التجارب تمت بحيادية تامة. هذا هو العلم الجيد حتى ولو كان السؤال البحثى صغيرا ولا يؤدى إلى جوائز. لأنه حتى الأسئلة الصغيرة هى طوبة فى بناء ضخم ولها أهميتها. أما «المنظرة» فهى توجيه النظر من البداية إلى الجوائز والأموال والشهرة، وهذا خطير جدا لعدة أسباب:
• نتيجة لوضع الجوائز نصب عينيك فقد تختار سؤالا بحثيا بعيدا عن قدراتك البحثية. الأسئلة البحثية لها شخصية كما أن الباحث أيضا له شخصية وقدرات، فإذا اختار الباحث سؤالا بحثيا يحتاج قدرات لا يمتلكها فسيفشل، فى حين أنه يمتلك قدرات أخرى تؤهله للنجاح فى أسئلة بحثية مختلفة.
• إذا لم تحصل على الجائزة فستشعر بمرارة وغالبا ما ستلقى باللوم على عوامل أخرى، وهذا سيأخذك بعيدا عن طريقك العلمى وبعيدا عن تنمية قدراتك.
• نتيجة للتركيز على جائزة أو شهرة ما فقد تهمل مشاكل بحثية لها أهميتها بالنسبة لبلدك.
لذلك من المهم جدا وضع خطة للأبحاث العلمية فى بلادنا تأخذ فى اعتبارها المشكلات البحثية للبلاد وقدرات الباحثين والإمكانات والموارد التى تحتاجها تلك الأبحاث والفترة الزمنية التى يمكن أن تثمر خلالها تلك الأبحاث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.