بعد تأجيلها في اللحظات الأخيرة، ناسا تعلن موعد إطلاق أول رحلة مأهولة ل"ستارلاينر"    درجات الحرارة اليوم الأربعاء 08 - 05 - 2024 فى مصر    بفضيحة إزازة البيرة، علاء مبارك يوجه ضربة قاضية لمؤسسي مركز تكوين الفكر العربي    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 8 مايو 2024 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    6 مقالب .. ملخص تصريحات ياسمين عبدالعزيز في الجزء الثاني من حلقة إسعاد يونس    حسن الرداد: مبعرفش اتخانق مع إيمي.. ردودها كوميدية    المدرج نضف|«ميدو» عن عودة الجماهير: مكسب الأهلي والزمالك سيصل ل4 ملايين جنيه    بكام الفراخ البيضاء؟ أسعار الدواجن والبيض في الشرقية الأربعاء 8 مايو 2024    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة    بعد احتلال معبر رفح الفلسطيني.. هل توافق أمريكا مبدئيًا على عملية رفح؟    الخارجية: توقيت تصعيد الجانب الإسرائيلي الأحداث في رفح الفلسطينية خطير للغاية    أخبار السيارات| أرخص موديل زيرو في مصر.. أول عربية من البلاستيك.. وأشياء احذر تركها في السيارة بالصيف    مقالب بطفاية الحريق.. ياسمين عبدالعزيز تكشف موقف لها مع أحمد السقا في كواليس مسرحة «كده اوكيه» (فيديو)    سحب لقاح أسترازينيكا المضاد لكوفيد- 19 من جميع أنحاء العالم    عزت إبراهيم: تصفية الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة عملية مخطط لها    وفاة شقيقين مصريين في حريق شقة بأبو حليفة الكويتية    عيار 21 يسجل أعلى سعر.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الأخير    القاهرة الإخبارية: تعرض رجل أعمال كندي يقيم بالبلاد لحادث إطلاق نار في الإسكندرية    عاجل.. أول رد من صالح جمعة على إيقافه 6 أشهر    مكاسب الأهلي من الفوز على الاتحاد السكندري في الدوري المصري    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 8 مايو.. «هدايا للثور والحب في طريق السرطان»    محمد رمضان: فرق كبير بين الفنان والنجم.. واحد صادق والتاني مادي    مفيد شهاب: ما قامت به إسرائيل يخالف اتفاقية السلام وتهديد غير مباشر باستخدام القوة    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    واشنطن: القوات المسلحة المصرية محترفة ومسئولة ونثق في تعاملها مع الموقف    بالمفتاح المصطنع.. محاكمة تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات    نشرة التوك شو| تغيير نظام قطع الكهرباء.. وتفاصيل قانون التصالح على مخالفات البناء الجديد    ياسمين عبد العزيز: محنة المرض التي تعرضت لها جعلتني أتقرب لله    ندوة "تحديات سوق العمل" تكشف عن انخفاض معدل البطالة منذ عام 2017    ماذا يحدث لجسمك عند تناول الجمبرى؟.. فوائد مذهلة    5 فئات محظورة من تناول البامية رغم فوائدها.. هل انت منهم؟    «العمل»: تمكين المرأة أهم خطط الوزارة في «الجمهورية الجديدة»    مغامرة مجنونة.. ضياء رشوان: إسرائيل لن تكون حمقاء لإضاعة 46 سنة سلام مع مصر    رئيس البورصة السابق: الاستثمار الأجنبي المباشر يتعلق بتنفيذ مشروعات في مصر    الداخلية تصدر بيانا بشأن مقتل أجنبي في الإسكندرية    قبل مواجهة الزمالك.. نهضة بركان يهزم التطواني بثلاثية في الدوري المغربي    متحدث الزمالك: هناك مفاجآت كارثية في ملف بوطيب.. ولا يمكننا الصمت على الأخطاء التحكيمية المتكررة    تحت أي مسمى.. «أوقاف الإسكندرية» تحذر من الدعوة لجمع تبرعات على منابر المساجد    عاجل - "بين استقرار وتراجع" تحديث أسعار الدواجن.. بكم الفراخ والبيض اليوم؟    فوز توجيه الصحافة بقنا بالمركز الرابع جمهورياً في "معرض صحف التربية الخاصة"    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    «خيمة رفيدة».. أول مستشفى ميداني في الإسلام    رئيس جامعة الإسكندرية يشهد الندوة التثقيفية عن الأمن القومي    موقع «نيوز لوك» يسلط الضوء على دور إبراهيم العرجاني وأبناء سيناء في دحر الإرهاب    كيف صنعت إسرائيل أسطورتها بعد تحطيمها في حرب 73؟.. عزت إبراهيم يوضح    بعد تصريح ياسمين عبد العزيز عن أكياس الرحم.. تعرف على أسبابها وأعراضها    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    ما هي كفارة اليمين الغموس؟.. دار الإفتاء تكشف    دعاء في جوف الليل: اللهم امنحني من سَعة القلب وإشراق الروح وقوة النفس    صدمه قطار.. إصابة شخص ونقله للمستشفى بالدقهلية    وفد قومي حقوق الإنسان يشارك في الاجتماع السنوي المؤسسات الوطنية بالأمم المتحدة    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجرية    طريقة عمل تشيز كيك البنجر والشوكولاتة في البيت.. خلي أولادك يفرحوا    الابتزاز الإلكتروني.. جريمة منفرة مجتمعيًا وعقوبتها المؤبد .. بعد تهديد دكتورة جامعية لزميلتها بصورة خاصة.. مطالبات بتغليظ العقوبة    إجازة عيد الأضحى| رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك 2024    القيادة المركزية الأمريكية والمارينز ينضمان إلى قوات خليجية في المناورات العسكرية البحرية "الغضب العارم 24"    ضمن مشروعات حياة كريمة.. محافظ قنا يفتتح وحدتى طب الاسرة بالقبيبة والكوم الأحمر بفرشوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تخريجة الاعتداء على السكان المدنيين
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 10 - 2023

ها أن دوائر الغرب الاستعمارية والاستخباراتية تنجح من جديد فى مهزلة التلاعب بالألفاظ التى برعت فيها عبر القرون. فهى تصف رد الفعل الفلسطينى تجاه عقود من الإذلال والحصار، وسرقة الأرض وما عليها، وتهجير ملايين الفلسطينيين والفلسطينيات خارج أرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم.. تصف ذلك باعتداء إرهابى ضد سكان مدنيين عزل.
فهل حقا إن الجيوش الجرارة من الذين جاءت بهم الحركة الصهيونية العالمية، بمباركة ومعاونة مالية وتسليحية من بعض دول الغرب الاستعمارى، ليقتحموا البيت الفلسطينى ويقيموا المستعمرات المدججة بالسلاح، ويحاصروا، مثلا، غزة سنة بعد سنة، ويمنعوا عن أهل البيت الماء والغذاء والدواء والكهرباء متى شاءوا وكيفما شاءوا، ويمنعوا التعليم عن أولاد البيت أحيانا كعقاب وأحيانا كنكاية، ويأخذوا الأرض الزراعية المحيطة بغزة ويحرثوها والبنادق فوق أكتافهم أو يستعبدوا أهل غزة ليقوموا بحرثها كعبيد مطأطئى الرءوس من أجل لقمة عيش مذلة.. هل هؤلاء حقا يمكن وصفهم، زورا وبهتانا، وكذبا ونفاقا، وتلاعبا حقيرا بالألفاظ، بأنهم مدنيين عزل؟
ومن يقود تلك الحملة الجائرة ويجيش كل القوى الإعلامية الصهيونية وأنصارها من الانتهازيين لطمس الحقائق، لجعل المجرم القاتل ضحية والضحية المتهالكة هى المجرم؟ إنها الولايات المتحدة الأمريكية التى يعطى دستورها الحق لصاحب كل بيت أن لا يسمح لأى متطفل حتى بالمرور فى أرض بيته أو أملاكه، بل والحق فى أن يحذره مرة واحدة، فإذا لم يستجب ويخرج من أرضه يطلق عليه النار من بندقيته ويرديه قتيلا. هناك يعتبرون الدفاع عن ملكية صغيرة فى شكل بيت أو مزرعة وقتل حتى من يجرؤ على أن يدخلها بالغلط هو حق دستورى مشروع، وهنا فى فلسطين يعتبرون مقاومة سرقة وطن بكامله إرهابا ضد مدنيين.
لكن هل هناك غرابة فى ذلك؟ ألم يعتبر المجتمع الأمريكى فيما مضى راعى البقر الكاوبوى، الذى يذهب إلى الغرب الأمريكى، ويخرج الهندى الأحمر من أرضه تحت تهديد السلاح بطلا مغوارا؟، بل ويعتبر قادة ذلك المجتمع أن ذلك ما هو إلا استجابة لأوامر المسيح بتطهير أمريكا من الهنود الكفار ليحل محلهم المؤمنون الغزاة الأنجلو سكسون؟!!! ألم تتهم الهندى الأحمر بالإجرام والتوحش والإرهاب إذا تجرأ ودافع عن أرضه وعرضه؟.
والأمر نفسه ينطبق على ما فعله المستعمرون المستوطنون الفرنسيون فى المغرب العربى.. فدفاع أصحاب البلاد كان يعتبر اعتداء على مدنيين مسالمين (حتى ولو كانوا مدججين بالسلاح ومن القتلة وحثالات الأرض). والأمر نفسه فعله الاستعمار الإنجليزى فى الهند: يسرق وينهب ويذل، حتى إذا ما تجرأ غاندى على المقاومة اعتبر إرهابيا فى ثوب رجل كاهن.
الواقع أن هذا العالم، وعلى الأخص العرب والمسلمون، قد ملّ وهو يرى الغرب الاستعمارى يتعامل معه كما تتعامل بائعة الهوى مع محيطها، فأمام مرآتها أنواع من المكياجات، فإن أرادت الذهاب إلى حانة لتغوى وضعت مكياجا معينا، وإن أرادت أن تتظاهر بامتلاكها العفة وتذهب يوم الأحد للكنيسة وضعت مكياجا آخر، وهكذا هناك مكياج أمام مرآتها لألف موقف، لا يوجد خجل ولا ضمير ولا قيم، هناك فقط لذة الإغواء والابتزاز والنفاق.
الآن، ونحن نرى رئيس دولة مخرّف، ورئيس وزراء دولة لم يقرأ تاريخ البلاد التى جاء منها حتى يبقى انتهازيا مقبولا فى البلاد التى هاجر إليها، ورئيس دولة لا تهمه حتى مشاعر الملايين ممن أصولهم مغربية إسلامية، نرى هؤلاء يذهبون ليقبلوا وجنة المجرم ويذرفوا دموع الكذب والنفاق ويتحسروا على موت من يدعون بأنهم من المدنيين العزل من المستوطنين السارقين لأرض غيرهم، الحاملين لأفتك الأسلحة، المذلين لكل ذرة فى الشعب الفلسطينى.. يتحسرون على أولئك، ولكنهم لا يذكرون ولا بكلمة تعاطف واحدة الضحية الحقيقية، ولا يرف لهم جفن لبكاء ما بقى من نتف جثث أطفال غزة.
لا، ليس المستوطنون المحيطون بغزة من السكان المدنيين، إنهم جزء من جيوش المرتزقة الذين عبثوا بفلسطين طيلة العشرات من السنين. وإذا كنتم، يا رؤساء الغرب، لا تعرفون الفرق بين المدنى المسالم والمستوطن المعتدى فارجعوا إلى مفكريكم عبر تاريخكم الطويل. ولكن لا ترجعوا إلى أمثال مكيافيلى، بل اقرأوا ما كتبه أمثال برتراند رسل وشومسكى وغيرهما من أحرار الغرب غير الاستعمارى، بما فيهم الكثير من الأحرار اليهود الرائعين.
يوجع قلبنا أن نتحدث هكذا عن ثقافة غربية رائعة، تعلمنا منها الكثير. لكن بعضا من ساسة الغرب دمروا تلك الصورة وشوهوا صورة ذلك الغرب الجميل، وقلبوه إلى غرب قبيح انتهازى صهيونى حتى النخاع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.