مؤتمر إطلاع الرأي العام على غلق اقتراع اليوم الأول بالدوائر الملغاة بعد قليل    بروتوكول تعاون بين جامعتي بدر بالقاهرة والعاصمة    عاجل- البورصة المصرية تسجل إنجازًا تاريخيًا باختراق EGX30 حاجز 42 ألف نقطة لأول مرة    استقرار أسعار العملات العربية في ختام تعاملات اليوم 8 ديسمبر 2025    السفير البريطاني ووزير الكهرباء يبحثان التعاون في مجال الطاقة المتجددة    رئيس الوزراء يبحث مع محافظ البنك المركزي تدبير الاحتياجات المالية للقطاعات الأساسية    الاتحاد الأوروبي يهاجم استراتيجية ترامب    دخول 256 شاحنة مساعدات مصرية وعربية ودولية إلى غزة عبر معبر رفح البري    نتنياهو: حماس تخرق وقف إطلاق النار.. ونقترب من إنهاء أولى مراحل خطة ترامب    رسميا.. استبعاد محمد صلاح من قائمة ليفربول ضد إنتر ميلان    أمير قطر: مباحثات الرياض فرصة لاستعراض آفاق الشراكة الاستراتيجية    تشكيل كأس العرب – الكرتي أساسي مع المغرب.. والهوساوي يقود هجوم السعودية    "إيقاف يورشيتش وسامي".. رابطة الأندية تعلن عقوبات مباراة بتروجت وبيراميدز في الدوري    خبر في الجول - هاني برزي يتبرع ب 25 مليون جنيه لسداد مستحقات أجانب الزمالك    إنجاز أممي جديد لمصر.. وأمل مبدي: اختيار مستحق للدكتور أشرف صبحي    زحام مرورى بمحاور القاهرة والجيزة بالتزامن مع سقوط الأمطار    محمد هنيدي يحتفل بزفاف ابنته فريدة الجمعة المقبل    قبلات وأحضان تثير الجدل في 2025.. من راغب علامة إلى منى زكي وفراج    منزل عبد الحليم يفتح أبوابه رقميا.. موقع جديد يتيح للزوار جولة افتراضية داخل إرث العندليب    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    محافظ الجيزة يبحث مع مدير الشئون الصحية المتطلبات اللازمة لرفع كفاءة العمل بمستشفى الصف    وزير الصحة يبحث مع الأوروبي للاستثمار إطلاق مصنع لقاحات متعدد المراحل لتوطين الصناعة في مصر    وزير الزراعة يكشف تفاصيل جديدة بشأن افتتاح حديقة الحيوان    عرض كامل العدد لفيلم غرق بمهرجان البحر الأحمر السينمائى    الكواليس الأولى من مسلسل «على قد الحب» ل نيللي كريم في رمضان 2026 | صور    بعد ساعتين فقط.. عودة الخط الساخن ل «الإسعاف» وانتظام الخدمة بالمحافظات    إمام الجامع الأزهر محكمًا.. بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة في حفظ القرآن للإناث الكبار    السيدة زينب مشاركة بمسابقة بورسعيد لحفظ القرآن: سأموت خادمة لكتاب الله    وزير إسكان الانقلاب يعترف بتوجه الحكومة لبيع مبانى "وسط البلد"    د. معتز عفيفي يكتب: المسئولية القانونية للذكاء الاصطناعي.. بين تمايز المجالات وحدود الإعفاء المهني    وزير الصحة يتابع تطورات الاتفاقيات الدولية لإنشاء مصنع اللقاحات متعدد المراحل    أمين الأعلى للمستشفيات الجامعية يتفقد عين شمس الجامعي بالعبور ويطمئن على مصابي غزة    فرقة القاهرة للعرائس المصرية تكتسح جوائز مهرجان مصر الدولي لمسرح الطفل والعرائس    نادي قضاة المنيا يستعد لتشييع جثامين القضاة الأربعة ضحايا حادث الطريق الصحراوي    وكيل تعليم بني سويف تبحث استعدادات امتحانات نصف العام لسنوات النقل والشهادة الإعدادية    قطاع الأخبار بموسكو يرصد تصويت المصريين بالخارج في انتخابات مجلس النواب    تعرف على طاقم حكام مباراة برشلونة وفرانكفورت في دوري أبطال أوروبا    «القومي للمرأة» يعقد ندوة حول حماية المرأة من مخاطر الإنترنت    بسام راضي يشرح موقف مصر من سد النهضة أمام المؤتمر الدولي للمياه بروما    انطلاق أعمال المؤتمر الدولي ال15 للتنمية المستدامة بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية    محافظ جنوب سيناء وسفراء قبرص واليونان يهنئون مطران دير سانت كاترين بذكرى استشهاد القديسة كاترينا    موجة تعيينات قضائية غير مسبوقة لدفعات 2024.. فتح باب التقديم في جميع الهيئات لتجديد الدماء وتمكين الشباب    عاجل- الاحتلال الإسرائيلى يواصل خروقاته لوقف إطلاق النار لليوم ال59 وقصف مكثف يطال غزة    حبس زوجين وشقيق الزوجة لقطع عضو شخص بالمنوفية    وزير الثقافة: أسبوع باكو مساحة مهمة للحوار وتبادل الخبرات    أمطار شتوية مبكرة تضرب الفيوم اليوم وسط أجواء باردة ورياح نشطة.. صور    وزارة العمل تحتفي باليوم العالمي لذوي الإعاقة بجمعية المكفوفين    المقاولون عن أزمة محمد صلاح : أرني سلوت هو الخسران من استبعاد محمد صلاح ونرشح له الدوري السعودي    قرار جديد من المحكمة بشأن المتهمين في واقعة السباح يوسف    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر الكامل لسيادة واستقرار ليبيا    كامل الوزير يوجه بإنشاء محطة شحن بضائع بقوص ضمن القطار السريع لخدمة المنطقة الصناعية    الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة    ضمن مبادرة «صحّح مفاهيمك».. أوقاف الغربية تعقد ندوات علمية بالمدارس حول "نبذ التشاؤم والتحلّي بالتفاؤل"    النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة قتلها طليق ابنتها فى الزاوية الحمراء    هويلوند: نصائح كونتي قادتني لهز شباك يوفنتوس مرتين    وزير الصحة يترأس اجتماعا لمتابعة مشروع «النيل» أول مركز محاكاة طبي للتميز في مصر    تايلاند تشن غارات جوية على طول الحدود مع كمبوديا    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«سفاح الجيزة».. خيال هادي الباجورى ينعش انتفاضة أحمد فهمي
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 09 - 2023

من عمل إلى آخر.. يزداد إعجابى بإصرارالمخرج هادى الباجورى على كشفه لحكايات وقصص من وراء ستار وضع اجتماعى ونفسى، ورغم أن أبطال هذه الحكايات دائما ما تكون حياتهم قاسية الملامح ومؤثرة، ويشوب تحركاتها الغموض، إلا أن هادى ينجح دائما فى أن يغلفها بطابع إنسانى حتى يقترب المشاهد شيئا فشيئا من عالمها المدهش مثلما جاء فى «هيبتا، والضيف، وقمر 14، والبحث عن علا».
وإعجابى أيضا بكونه يجرب فى أسلوبه الإخراجى دوما، وقد نضج المخرج الذى أشعر عبر كل فيلم أشاهده له بلهثه من أجل إرضاء نفسه أولا أقصد كفنان ثم باقى البشر من الجمهور.
وعلى شاشة منصة شاهد يقدم الباجورى مسلسل «سفاح الجيزة» الذى يرصد سيرة شبه حقيقية خاصة ومروعة لرحلة «قذافى فراج» مجرم عرف بأنه قاتل متسلسل يحصد الضحية تلو الأخرى، من بين قائمته زوجته، وصديقه المقرب، وأحد الصائغين الذين كان يتعامل معهم، الذين اختفوا فى ظروف غامضة، ولم يتم العثور عليهم.
السفاح الذى حكم عليه بالإعدام 4 مرات، واجه طفولة غريبة بدت ملامحها تتكون منذ أن شاهد أمه وهى تزهق روح أبيه بلا رحمة وهو المشهد الرائع والمتكرر الذى نراه غالبا فى كل حلقة مع نظرة عميقة وموجعة وحائرة بين الماضى والحاضر، نراها فى عينى جابر «اسم السفاح بالمسلسل» والذى يجسده ببريق خاص أحمد فهمى، وقد تولدت لديه عزيمة قوية للتخلص ممن يؤرقونه حتى وإن كانت دوافعها لا ترتقى لبشاعة الفعل، وخلال رحلة الإجرام لم يستطع أحد أن يخترق أو يكتشف منظومته التى شيدها حول سلوكه وحياته فيما عدا زينة «ركين سعد» التى اختطفها ووقع فى غرامها من طرف واحد والتى تعرف تاريخه، بعدما أوهمت أمها بسفرها خارج البلاد من أجل فرصة تمثيل، وفى المسلسل نرى جابر يقود الأحداث، ويدخلنا فى طقوسه الخاصة التى تنطلق من طريقة إمساك السكين الحادة، وإجادته تقطيع وطهى اللحوم بطريقة شهية مع خلفية غنائية لموّال «العدل فوق الجميع» بصوت بدرية السيّد، قبل مشهد الضحية الجديدة، فى مقابل صورة حياة أخرى موازية لحازم رجل المباحث «باسم سمرة» الذى يسعى لفك لغز الجرائم وهو يصطدم دائما بعلاقته المضطربة مع ابنه.
هناك أشياء عدة مدهشة، وربما ستدخل العمل الدرامى وصناعه مكانة أخرى، أولها الأداء التمثيلى الرائع لبطل العمل أحمد فهمى الذى بذل جهدا نفسيا وربما بدنيا كبيرا ليصل لدرجة من تقمص حقيقى توحد معه المشاهد لشخصية سفاح الجيزة، وكان التنوع فى طبيعة نمو أحلام أو أوهام جابر نفسه طريقا ممهدا لأن يتألق فهمى من تعبير راسخ أمام الكاميرا، وهنا لابد أن أذكر براعة التصوير والإضاءة والديكور، وخاصة فى ظل أجواء مظلمة وقاتمة والمؤثرات الصوتية والبصرية، التى لعبت دورا كبيرا بإحياء عالم الجريمة المنشود، وكان لفهمى أكثر من مشهد وصل فيه لمرحلة تؤهل للرهان على الفوز بأفضل ممثلى العام، حيث كان صامد الأداء ومخلصًا للشخصية الدرامية، خاصة بتلك اللقطة التى جمعته مع عمته «ميمى جمال» وهو يقدم لها طبق البسبوسة ثم يكتم أنفاسها، أيضا نظرته لكل ضحية عقب نهايتها، وخاصة جريمته الأول بذبح نجلاء «جيهان الشماشرجى»، بعد أن أوهمها بحبه، ثم يستدرجها من الخلف ويقطع رقبتها.
وحواراته مع أمه التى يبدو فيها وكأن كل طرف كاشف للآخر فى العقل الباطن. كانت الحوارات بينهما بمثابة المطر الذى ينعش جابر من لحظة ضعف إلى قوة.. فكم تفوق فهمى على نفسه فى أكثر من مشهد استخدم فيه ذكاءه الشديد للتمويه والتخفى.
فى مسألة الأداء أيضًا نجد الرائع باسم سمرة الذى جسد شخصية الضابط حازم وقد شكل عالمه الخاص الهادئ وبأداء متزن سواء فى أسلوب البحث عن لغز الجرائم أو علاقته المتأزمة مع ابنه المراهق.
وكذلك الأداء المدهش لحنان يوسف أم جابر، التى تألقت فى رسم أبعاد شخصيتها التى تحمل نصف قاسية ونصف حنونة وربما ستفاجئنا فى الحلقات القادمة بدراما أكثر سخونة فى مواجهة ابنها، بينما ميز أداء ركين سعد الموهوبة تلك التعبيرات التى مزجت بين الاتزان والقلق فى أحضان السفاح وحياتها الوهمية وقلق أمها، فيما استطاع صلاح عبدالله أن يبشرنا بشخصية جديدة كصاحب مصنع وزوج لامرأة خائنة ويهوى العلاقات النسائية التى يدفع ثمنها.
الشىء الآخر، المعالجة الدرامية لتلك القصة والتى كتبها محمد صلاح العزب وجاءت وفق حبكة مميزة وسرد ملىء بعنصر التشويق والإثارة الدرامية دون ضجيج لإنجى أبو السعود، وعماد مطر، رغم أن الحبكة تعتمد على أحداث واقعية وبالقطع كل الشخصيات المشاركة فى العمل مركبة، وبها تعقيدات نفسية.
الموسيقى المؤثرة لمريم جابر عبرت بحق عن مشاعر كل شخصية ووقفت توطد من واقعية الصورة والحدث بأجواء دراما جريمة على خيوط هادئة، وفى كل لحظة تكتشف الدور الهام للمونتاج الذكى لأحمد فوزى فى تنقله بين الأزمنة، وخاصة حينما كان يذهب بنا جابر إلى سنوات صباه ثم يعود لعمر الشباب، المونتاج قدمه جويل كوكسى ووسط النجوم أحمد فهمى وباسم سمرة وركين سعد.
أحمد فهمى وهادى الباجورى لديهما الإصرار على البقاء فى التاريخ الفنى بمكانة مميزة عن أبناء جيلهما، فهمى يحاول أن يغير من جلده ويتنوع ويتألق وهو قادر على ذلك وكأنه يريد أن يقدم جميع الشخصيات الدرامية الموجودة على سطح الأرض وتتميز بالاختلاف ومواصفات خاصة متجاوزا كونه فنانا كوميديا فقط، ولن ننسى دوره الأخير فى فيلم «مستر إكس» ومن ثم «السفاح» فمازال حلم أحمد ينتفض ومازال خيال هادى ينبض بإيقاعات ولوحات درامية حية ومخلصة لفن كبير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.