تعيش مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور غربي السودان، تحت وطأة القصف المتبادل بالمدفعية الثقيلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ يوليو الماضي، في ظل انقطاع كامل لشبكات الاتصال في أجزاء واسعة من المدينة. وفي مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي "AWP"، قال المحامي صلاح آدم النور، عضو هيئة محامي دارفور التي تراقب الصراع في الإقليم، إن الأوضاع في مدينة نيالا تأزمت منذ 15 يوليو، مشيرا إلى أن المواجهات تطورت وأصبح الطرفان يتبادلان القصف بالمدفعية الثقيلة. وأضاف: "كنا نعتقد أن الجيش وحده يمتلك المدفعية الثقيلة؛ لكن فوجئنا بأن قوات الدعم السريع تمتلك نفس الأسلحة.. المدنيون في الأحياء يكتوون بالنيران من هنا وهناك". وأوضح أن قوات الدعم السريع ترتكز في الأحياء الشمالية والشمالية الشرقية، قائلا إنها تتقدم أحيانا للمناطق المتاخمة لسوق المدينة الكبير وتقصف قيادة الفرقة 16 في وسط المدينة، بينما ترد مدفعية الجيش باتجاه الأحياء الشمالية والشرقية. وأضاف: "القصف المتبادل أسفر عن مقتل عدد كبير وسط المدنيين من منتصف شهر يوليو حتى نهايته، قتل 35 شخصا وجُرح 80 آخرون". وتوقف القتال حوالي 3 أيام، قبل أن يتجدد في مطلع أغسطس. وحتى الثامن عشر من الشهر ذاته، بلغ عدد الضحايا جراء القصف المتبادل حوالي 70 قتيلا و200 جريح، بحسب آدم النور. وأوضح أن العدد الكلي للضحايا في مدينة نيالا منذ بدء القتال بين الطرفين في 15 أبريل بلغ 268 قتيلا، إلى جانب حوادث الاغتيالات الفردية وسط الأحياء بدافع السرقة، والتي وصلت إلى حوالي 15 قتيلا، ليرتفع العدد الكلي إلى 283 قتيلا في نيالا. * قصف عشوائي واتهمت قوات الدعم السريع في السودان الجيش يوم الثلاثاء بالتسبب في مقتل 42 شخصا؛ جراء قصف على مدينة نيالا. وقال بيان للدعم السريع، إن الجيش شن قصفا مدفعيا عشوائيا على أحياء شرق نيالا تسبب أيضا في إصابة العشرات، مشيرا إلى أن غالبية القتلى من الأطفال والنساء. وأضاف البيان، أن القصف الذي يشنه الجيش مستمر منذ أيام، وأنه دفع معظم سكان الأحياء الشرقية في مدينة نيالا إلى الفرار من منازلهم. لكن صلاح، قال إن هذا القصف يعود إلى 22 أغسطس الجاري ولظروف انقطاع شبكات الاتصالات عن أجزاء واسعة بالمدينة، لم يتمكن الناس من نشر الواقعة في حينها للرأي العام. وكانت القوى المدنية والإدارة الأهلية في ولاية جنوب دارفور، نجحت في وقف القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع بعد توقيع وثيقة تراضي مجتمعي في 11 مايو الماضي؛ لكن سرعان ما خرق الطرفان الوثيقة باندلاع مواجهات عنيفة في نهاية يونيو حزيران تستمر حتى الآن. وذكر صلاح، أن المدينة تعيش ظروفا إنسانية صعبة، قائلا: "الناس فقدت مصادر دخلها؛ المؤن الغذائية انتهت؛ وجميع الأسواق أُغلقت، عدا سوق موقف الجنينة، إلى جانب السوق الشعبية وسوق الجبل، اللذان يعملان جزئيا في القترة الصباحية". وأشار إلى حركة نزوح كبيرة وسط السكان صوب ولايتي الفاشر والضعين بشمال وشرق دارفور. * العلاج تحت ظلال الأشجار وأبلغ مصدر طبي في وزارة الصحة بولاية جنوب دارفور، وكالة أنباء العالم العربي، بأن عدد الجرحى والمصابين في فترة تبادل القصف فاق القدرة الاستيعابية للمستشفى التركي، بعد خروج مستشفى الوحدة من الخدمة واللحاق ببقية المرافق الصحية في المدينة، التي خرجت تباعا من الخدمة منذ اندلاع الصراع المسلح في 15 أبريل الماضي. وأضاف المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه: "البعض يفترشون ظلال الأشجار في باحة المستشفى التركي لتلقي العلاج"، مشيرا إلى تعرض جميع الأدوية للنهب من صندوق الدواء الدائري. وقال: "الآن، هناك انعدام الأدوية المنقذة للحياة، كما تتعرض الكوادر الطبية لمضايقات، مما دفع الكثير منهم إلى مغادرة المدينة". وحذر المصدر، من أن المبادرات والناشطين الذين يساعدون في تقديم يد العون للمرافق الصحية وغرف الطوارئ يواجهون وضعا خطرا ومهددون، ولا يستطيعون أن يقوموا بواجباتهم ويخافون على سلامتهم وسلامة أسرهم.