عندما كتب نائل عبارة «الشباب فى مصر»، على محرك البحث جوجل، «وجد كثيرا من المشاكل التى تستحق التحقيق فى أسبابها، ومعالجتها من الجذور». يعمل نائل فى راديو ألمانيا منذ 15 عاما. ويزور مصر مع وفد صحفى مكون من أربعة أشخاص، فى إطار بروتوكول التبادل الشبابى، بين المجلس القومى للشباب وألمانيا. ضمن اتفاق التعاون بين اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصرى وهيئة الإذاعة الألمانية الموجهة DW دويتشه فيله، للتدريب فى مجالات الإعلام المختلفة بين البلدين. أما كريستينا التى تعمل فى راديو ألمانيا منذ عام واحد، فقد دفعها فضولها للحضور إلى مصر ضمن الوفد الصحفى. شعرت كريستينا صاحبة الثمانية والعشرين عاما، بضرورة تثقيفها قبل الاحتكاك الحقيقى مع الشعب، «اهتمام إعلام ألمانيا بمصر هو المحرك الأساسى الذى دفعنى لاكتشاف هذه الدولة الفرعونية بشعبها». اهتمت الصحفية الشابة بخبرة المحيطين بها، الذين عاشوا فى مصر من قبل، كمصدر رئيسى للمعلومات، مع اطلاعها على الأخبار والتحقيقات الصحفية الخاصة بمصر على الإنترنت وفى الكتب. «الشباب فى مصر مهتم جدا بالسياسة» قالتها كريستينا بحماس. وهذا فى رأيها يرجع إلى مشكلة البطالة التى يعانى منها أعداد كبيرة من الشباب، وفقا لنتائج البحث التى حصلت عليها من الإنترنت. استنتج نائل على أرض الواقع المصرية، أن مشاكل التعليم فى مصر حقيقية «الطالب المصرى يعانى من تكدس الفصول وقلة المدارس». وهذا فى رأيه يجعل الطالب يخرج بتعليم ضعيف لا يؤهله لسوق العمل. نائل المولود لأب عراقى وأم ألمانية يعتذر عن انطباعه السلبى عن الفتاة فى مصر، ويقول بالعربية التى يتعلمها منذ ثلاث سنوات «كنت أعتقد أنها منغلقة». يشبه الأمر برواية بين القصرين، للأديب العالمى نجيب محفوظ . «كنت أظن أنها مازالت فى المنزل تنتظر سى السيد»، ولكنها تحررت من الرجل فى رأيه، وأصبح لها كيان خاص. جعله ينبهر على حد وصفه، «بعض النماذج اللى قابلتها أفضل ممن عرفت فى بلدى». يتهم نائل الإعلام الألمانى بعدم الدقة فى وصف الفتاة المصرية، حتى فى علاقتها بالرجل. «أنا شفتهم منسجمين». نائل يوضح أن هذا أيضا يختلف مع فكرة «سى السيد وزوجته أمينة». حصل الوفد الصحفى الألمانى على مادة صحفية تعتبرها كريستينا «غنية بالمعلومات». جمعتهم لقاءات مع رموز الدين، ممثلة فى د.على جمعة مفتى الديار المصرية، والأنبا موسى أسقف الشباب. لقاءات فكرية وثقافية مع د. عبدالعزيز حجازى رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، وعلى الدين هلال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة. وأسامة سرايا رئيس تحرير جريدة الأهرام، د.مصطفى الفقى رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب. أكثر لقاء مميز فى رأى كريستينا، هو مقابلة الشباب بمركز شباب الجزيرة. وكذلك زيارة جمعيات رعاية الأطفال والفقراء. «نستطيع الآن عمل تقرير إذاعى واقعى عن مصر» كريستينا توضح أن أهم النقاط التى سوف توضحها التقارير، النشاطات الأهلية، ومعاناة الشباب واهتماماتهم. يراهن نائل أن تجذب الحلقة المصرية من البرنامج الإذاعى الذى يقدم معلومات عن دول العالم، أكبر عدد من المستمعين، ويبتسم فى ثقة «أى معلومة عن مصر تجذب المستمع الألمانى». لأن مصر فى نظر ألمانيا تعتبر بوابة الشرق، فضلا عن إنها منطقة سياحية مهمة. «لا توجد مشاكل تواجه الصحفى فى ألمانيا» بحزم شديد نطق نائل الجملة، وتبعته كريستينا «نحن لدينا حرية واسعة بلا حدود». ويعلق نائل مبتسما «الحكومة هناك بتشيل إيديها من الحاجات دى خالص»، مؤكدا أن الصحفى لا يحاسب إلا على الأخطاء المهنية. ولا ينكر نائل وجود الوساطة، «لكن فى أضيق الحدود»، ويشرح أن الدرجة العلمية فقط هى التى تؤهل للعمل فى وظيفة جيدة. فلا يستطيع أب مدير شركة أن يقحم ابنه فى المكان على درجة وظيفية عالية، لكن عليه «أن يبدأ من الصفر أولا». يتذكر نائل أنه عندما قرأ عن أحداث نجع حمادى، شعر باستغراب شديد، «عناوين الجرائد المصرية تعلن عن فتنة طائفية»، على الرغم من أن الصحف الألمانية، «اعتبرتها حادثة قتل عادية» سببها خلافات بين المسلمين والمسيحيين. تبتسم كريستينا فى خجل «كنت أظن أنه لا يوجد مسيحيون فى مصر»، خاصة مع تعاملها المباشر مع الشعب، «الناس هنا رائعون» قالتها كريستينا بالألمانية، معبرة عن قوة ترابط المصريين، والكرم والمعاملة الحسنة التى وجدتها فى «كل شارع فى مصر». نائل الذى زار مصر من قبل كسائح مازال متأثرا «بطيبة قلب الشعب المصرى»، خاصة تلك الابتسامة التى ترتسم على الوجوه، عندما يقول إن والده عراقى ويفسرها «أنهم عايزين ياخدونى بالحضن».