مع احتجاج الممثلين والكتاب في هوليوود حاليا جزئيا بسبب المخاوف بشأن الذكاء الاصطناعي، أصبح ما كان سابقا مجرد فرضية في الأفلام هو ما يحدد قطاع السينما الآن. ولكن التحول للأتمتة ليس مجرد مصدر قلق بالنسبة لصناعة السينما، حسبما أظهر استطلاع جديد بصحيفة لوس انجليس تايمز. فقد خلص استطلاع أجراته شركة ليجير لاستطلاعات الرأي، التي تتمتع بخبرة في الاستطلاعات الأمريكية، ومقرها كندا، لصالح صحيفة لوس انجليس تايمز، إلى أن نصف الأمريكيين تقريبا-45% منهم- قلقون بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على مجال العمل الخاص بهم، مقارنة ب 29% لا يشعرون بالقلق. ويتسق مستوى القلق بين كافة الفئات، ويرتفع إلى 57% بين من تتراوح أعمارهم ما بين 18 و34 عاما. ويشار إلى أنه من غير المرجح أن يعرب الأمريكيون أكبر من 55عاما عن قلقهم إزاء تأثير الذكاء الاصطناعي على عملهم. وقال نحو ثلثي الأمريكيين البالغين إنهم يرون أن النقابات الترفيهيه لديها ما يبرر جعلها الذكاء الاصطناعي محور مطالبها خلال المفاوضات. وقال جريج كروس، المدير التنفيذي لشركة سول ماشينس الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي" هذه ليست فقط ظاهرة في هوليوود"، مضيفا: "الذكاء الاصطناعي يأكل العالم حرفيا". كما أظهر نفس الاستطلاع أن مزيدا من الأشخاص يتعاطفون مع أعضاء النقابات أكثر من الاستديوهات ومنصات البث والشبكات. ويعد صعود الذكاء الاصطناعي في عالم الترفيه مجرد أحد القضايا التي تؤجج الاضرابات الحالية، التي جعلت نقابة الكتاب الأمريكيين ونقابة ممثلي الشاشة - الاتحاد الامريكى لفناني الإذاعة والتلفزيون يوقفون الانتاج ويحتشدون خارج الاستديوهات بحثا عن الأمن الوظيفي والأجور الأكثر عدالة. ولكن الذكاء الاصطناعي طالما مثل نقطة خلاف بارزة، حيث يطالب الكتاب بوضع حدود على النصوص التي يتم كتابتها بصورة آلية، في حين يدفع الممثلون لوضع قيود على استخدام التكنولوجيات المتطورة " لاستنساخهم" رقميا- مما يمكن الاستديوهات من تنفيذ أعمال جديدة بدون الحاجة للممثل في موقع التصوير. وقال دونكان كاربتري-إيرلندا المدير التنفيذي وكبير المفاوضين في نقابة ممثلي الشاشة - الاتحاد الأمريكى لفناني الإذاعة والتلفزيون لصحيفة لوس أنجليس تايمز "استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التي تم ذكرها لصلتها بعمل المؤدي في المشاريع تعد أمرا إلزاميا في المساومة وفقا لقانون العمل الاتحادي". وأضاف: "القانون يطلب من الاستديوهات المساومة على ذلك معنا، وهذا ما نقوم به حاليا". وقال تحالف منتجي السينما والتلفزيون، الذي يتفاوض بالنيابة عن شركات الترفيه والاعلام، إنه فيما يتعلق بكتابة النصوص" فإن الذكاء الاصطناعي يثير أسئلة مهمة وإبداعية وقانونية للجميع"، مضيفا أن النصوص المنشئة آليا ليست مؤهلة لكي تحصل على التصديق . وفيما يتعلق بالتمثيل، طالب التحالف بما يطلق عليه موافقة مسبقة وأجور عادلة في الحالات التي يتم فيها استنساخ الممثلين بصورة رقمية. واستمرت استديوهات هوليوود وشركات البث في التكيف مع ثورة البرامج، حيث تنتعش الوظائف التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في ظل الاضرابات المزدوجة. ومن بين الوظائف المطروحة، على شبكة نتفليكس، منصب إدارة المنتجات الذي يركز عل تكنولوجيا تعلم الآلة، ويبلغ راتبه نحو 900 ألف دولار سنويا. وقد تم طرح وظائف أخرى في هذا المجال في شركات سوني، وسي بي اس وديزني. ويشار إلى أن الذكاء الاصطناعي يشق طريقه في عملية صناعة السينما منذ قبل أن تبدأ الاضرابات، حيث تظهر شركات في لوس انجليس ومدن أخرى تهدف لتغيير كل شيئ من الدبلجة و أداء الحركات الخطيرة إلى التقاط الصور وتصور النص. وكان مؤتمر "ساوث باي ساوث ويست" لهذا العام، الذي يعد رائدا في مجال أحدث ما تم التوصل إليه في التكنولوجيا والاعلام، يمتلئ برواد الأعمال الذين يتعهدون بتغيير خريطة ثقافة البوب من خلال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي. وقال سومان كانوجانتي، المدير التنفيذي لمنصة " بيرسونال دوت ايه أي" للرسائل باستخدام الذكاء الاصطناعي" ربما يعد قطاع الترفيه أول قطاع تخترقه تكنولوجيا جديدة وسائدة ومبتكرة". ولكن عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي، من المرجح أن لا يكون الأخير. ووفقا لشركة الابحاث السوقية " بيتشبووك" فإن مبالغ طائلة تتدفق على القطاع، حيث تم استثمار 7ر22 مليار دولار خلال الربع الأول من هذا العام. وتنتظر القطاعات المختلفة مثل القانون و التجزئة والشرطة والصحافة اختراق الذكاء الاصطناعي لأعمالها في المستقبل. ولذلك ربما لا يمثل تعاطف الأمريكيين الواسع مع مخاوف المضربين في هوليوود أي مفاجأة. ولا يعد الأمن الوظيفي هو السبب الوحيد لذلك. وبالسؤال حول ما إذا كان يجب تضمين إخلاء ذمة في المحتوى المنشئ آليا، وهي مسألة تتعلق بحقوق المستهلكين بالأساس، أيد نحو ثلث الذين تم استطلاع أرائهم ذلك. وارتفعت النسبة إلى 80% بين الأمريكيين الذين يبلغون من العمر 55 عاما فأكثر. كما أبدى الأمريكيون انفتاحا نحو مستوى آخر من السلطة: حيث قال 55% ممن شملهم الاستطلاع إنهم يؤيدون فرض قيود حكومية على الذكاء الاصطناعي، في حين رفض 26% فرض أي قيود. وجاء الدعم لفرض قيود أقوى بين الأشخاص الذين صوتوا لصالح الرئيس الأمريكي جو بايدن عام 2020 مقارنة بالذين صوتوا للرئيس السابق دونالد ترامب، ولكن هذا كان الرأي الذي حظى بالأغلبية من الجانبين. ويشار إلى أن الاستطلاع شمل 1002 شخص، وأجرى ما بين 28 و30 يوليو الماضي. ويقدر أن هامش خطأ النتائج عموما هو 3 نقاط مئوية .