اعتبرت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، أن الدعم الصينيلروسيا في ظل الحرب الأوكرانية، فتح المجال أمام تعزيز علاقات كان يشوبها التوتر بين الولايات المتحدة وشركائها في منطقة المحيط الهادئ، وسهلت على واشنطن عزل الصين في تلك المنطقة الاستراتيجية الهامة. واستعرضت الشبكة في تقرير لها عددا من المؤشرات على تعزيز تلك العلاقات، ومنها تعهد اليابان بمضاعفة الإنفاق العسكري والحصول على أسلحة بعيدة المدي من واشنطن، كما أكدت كوريا الجنوبية أن الاستقرار في مضيق تايوان ضرورة لأمنها القومي، فيما منحت الفلبين للولايات المتحدة الحق في الوصول واستخدام المزيد من قواعدها العسكرية، كما تبحث تسيير دوريات مشتركة في بحر الصين الجنوبي مع أستراليا واليابان والولايات المتحدة. ويري محللون أن الحرب في أوكرانيا، ودعم الصينلروسيا، ساعد في تسريع تلك الخطوات. وأشارت الشبكة الإخبارية الأمريكية، إلى تصريحات رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا خلال مؤتمر دفاعي كبير في سنغافورة الصيف الماضي قال فيها "لدي شعور قوي بأن أوكرانيا اليوم قد تكون شرق آسيا غدا". ونوهت بأن اليابان، التي اقتصر دستورها بعد الحرب العالمية الثانية على قوات "الدفاع الذاتي"، تعمل حاليا على شراء صواريخ توماهوك كروز بعيدة المدى من الولايات المتحدة، التي يصل مداها إلى داخل الصين. ونقلت "سي.إن.إن" عن جون برادفورد، الأكاديمي في كلية إس راجاراتمان للدراسات الدولية في سنغافورة قوله إن "الوضع في أوكرانيا جعل الشعب الياباني يشعر بمزيد من الضعف كأمة". وأوضح برادفورد، أن اليابان تعزز موقفها الدفاعي منذ سنوات، لكن، الوضع في أوكرانيا جعله العنصر الرئيسي في استراتيجية الأمن القومي الجديدة لكيشيدا. وتابع أن "الخطوات المتوقعة لهذا التعزيز باتت أسهل سياسيا". وعلى نحو مماثل، تراقب القيادة في كوريا الجنوبية الوضع في تايوان، حيث صرح بارك جين، وزير الخارجية الكوري بأن "السلام والاستقرار في مضيق تايوان أساسيان للسلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية، ولا غنى عنه لأمن وازدهار المنطقة ككل". كما يتزايد القلق في سيول من أنه إذا انجذبت القوات الأمريكية، إلى أي صراع مع الصين بشأن تايوان، فإن كوريا الجنوبية ستبدو ضعيفة في نظر كيم جونج أون، زعيم كوريا الشمالية المسلحة نوويا، وفقا ل"سي.إن.إن". في ذلك السياق، ارتفعت الدعوات في كوريا الجنوبية لأن تكون أكثر اعتمادا على ذاتها في الدفاع عن نفسها، بما في ذلك دعوتها لامتلاك أسلحتها النووية. وتعمل سيولوطوكيو معا بشكل وثيق في المسائل الدفاعية، بما في ذلك التدريبات البحرية المشتركة مع الولايات المتحدة، كما تشهد كوريا الجنوبية أيضا طلبات متزايدة على الأسلحة التي تنتجها، مثل الدبابات ومدافع الهاوتزر والطائرات المقاتلة. وعلى صعيد آخر، تجري الفلبين محادثات مع الولايات المتحدةوأستراليا واليابان للقيام بدوريات مشتركة في بحر الصين الجنوبي، كما وافقت مانيلا، الشهر الماضي، على منح واشنطن مزيدا من الوصول إلى القواعد العسكرية الفلبينية. من جهته، أوضح بليك هيرزينجر، وهو باحث وخبير سياسة الدفاع في المحيطين الهندي والهادئ في معهد أمريكان إنتربرايز، أن "استفزاز خفر السواحل الصيني لبحارة خفر السواحل الفلبيني باستخدام الليزر (مؤخرًا)، ساعد في إثبات ضرورة وجود تحالف أقوى مع واشنطن". وتحدث جيفري أوردانييل، مدير الأمن البحري في منتدى المحيط الهادئ والأستاذ المساعد في جامعة طوكيو الدولية عن أن "سنغافورة وفيتنام أصبحا أكثر انفتاحا على وجود أمريكي أكبر في المنطقة، مضيفا: "إنهم لا يريدون أن تهيمن الصين على جنوب شرق آسيا". في المقابل، اعتبر محللون آخرون أن حرب أوكرانيا لم تثمر بنتائج بالنسبة للشراكة الأمريكية الرئيسية في المحيطين الهندي والهادئ، وتحديدا التحالف الرباعي غير الرسمي الذي يربط بين الولايات المتحدة واليابان وأسترالياوالهند، حيث لم تدن نيودلهي الحرب الروسية لأوكرانيا. وقال ديريك جروسمان، كبير محللي الدفاع في مؤسسة "راند" إنه "عندما حاولت الولايات المتحدةوأستراليا واليابان إدانة روسيا من خلال بيان مشترك، رفضت الهند، قائلة إن الرباعية لا تتعامل إلا مع التحديات في المحيطين الهندي والهادئ، وبما أن روسيا ليست في المنطقة، فلا يمكن التطرق إلى هذا الموضوع". وأفاد جروسمان، بأن الانقسام في التحالف الرباعي لا يصرف الانتباه عن تركيزه الأساسي حول كيفية التعامل مع الصين.