تباينت ردود الفعل حول المبادرة السياسية الجديدة التي طرحها المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي، أمام مجلس الأمن الدولي أمس الإثنين. وتقضي المبادرة بتشكيل لجنة توجيهية رفيعة المستوى تجمع كل أصحاب المصلحة، والمؤسسات، والشخصيات، وزعماء القبائل، والنساء والشباب، مهمتها الوصول للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وفي حين التزمت عدة جهات الصمت حتى الآن بخصوص المبادرة، على رأسها المجلس الرئاسي، والمجلس الأعلى للدولة، وحكومة الوحدة الوطنية(المنتهية ولايتها)، والمشير خليفة حفتر، أعلن مجلس النواب والحكومة المكلفة من طرفه عن موقفهما من المبادرة. وأصدر مجلس النواب، اليوم الثلاثاء، بيانا أشار فيه إلى أن "نصوص الاتفاق السياسي الليبي حصرت الدعوة لانعقاد لجنة الحوار في طرفي الاتفاق، وهما مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة دون غيرهما من الكيانات". وأكد المجلس أن "العملية السياسية ملكية ليبية، وهي الضامن الوحيد لإنجاح أي مبادرات في هذا الشأن"، واعتبر أن إحاطة المبعوث الأممي "حملت مغالطات بخصوص فشل مجلسي النواب والدولة في إقرار القاعدة الدستورية المنظمة للانتخابات". وعبر المجلس عن استغرابه من عدم تطرق باتيلي ل"عرقلة المصالحة وتعطيلها، وكذلك الفساد وإهدار المال العام، وتأثير كل ذلك على تعطيل العملية الانتخابية بالبلاد"، معتبرا أن هذا الأمر "يضع البعثة الأممية في دائرة الكيل بمكيالين، وعدم الحياد بين الأطراف الليبية". وأشار المجلس إلى عمله مع مجلس الدولة والبعثة الأممية في إنجاز القدر اللازم لإجراء الاستحقاق الانتخابي في أقرب الآجال، رغم ما وصفه بالتعقيدات المحلية والدولية المصاحبة، وأكد أن تحميل مجلس النواب وحده مسؤولية الإخفاق "أمر ينافي الواقع الليبي". وقال المجلس إن "التدخل الخارجي، وعدم إكمال خريطة مخرجات جنيف في الآجال المحددة بالفعل، وعدم استكمال مساري: المصالحة والأمن، هي أهم العوائق أمام إنهاء الأزمة الليبية". ومن جهتها، حيت خارجية الحكومة المكلفة من مجلس النواب كل الجهود المبذولة لإيجاد مخرج للأزمة السياسية، وذكِّرت في الوقت نفسه المبعوث الأممي بأن الاتفاق السياسي الليبي الموقع بالصخيرات سنة 2015 "هو الأساس الذي تستند عليه وتتعزز به شرعية مجلسي النواب والدولة". وأوضحت أن الحكومة التي يرأسها، فتحي باشاغا، والتي لم يأت باتيلي على ذكرها في الإحاطة، قد "انبثقت عن مجلس النواب بالتوافق مع مجلس الدولة"، معتبرة أن محاولة تجاوز الأجسام السياسية الرسمية "لا يساعد في الوصول إلى حلول ناجحة ومرضية، ويضع البعثة في موقف متناقض وغير محايد". في المقابل، وبحسب الإحاطة، فقد انطلق المبعوث الأممي في مبادرته مما وصفه ب"استمرار مراوحة العملية السياسية الليبية في مكانها، وعدم توافق مجلسي النواب والدولة على إطار دستوري لإنجاز الانتخابات، وخسارة معظم المؤسسات الليبية شرعيتها منذ سنوات طويلة، ورغبة البعض في بقاء الوضع كما هو عليه، وكذلك، نفاد صبر الليبيين وتشكيكهم في رغبة الأطراف الحالية في إجراء الانتخابات". وخلت المبادرة من ذكر عدة تفاصيل، منها تكوين اللجنة، وعدد أعضائها، وإطار عملها الزمني، وما إذا كانت ستكلف بصياغة قاعدة دستورية للانتخابات، أو ستتكفل فقط بالنقاط الخلافية بين المجلسين وتقر ما سبق واتفقا عليه، هذا فضلا عن البت في مسألة الحكومة التي ستشرف على الانتخابات ، وسط انقسام تشهده البلاد منذ سنة بين حكومة الوحدة الوطنية(المنتهية ولايتها) التي يرأسها، عبد الحميد الدبيبة، والأخرى المكلفة من مجلس النواب، برئاسة باشاغا. وتعقيبا على إحاطة باتيلي، رحب نجل العقيد الراحل معمر القذافي، والمترشح للانتخابات الرئاسية، "سيف الإسلام" بالمبادرة، وأكد دعمه المطلق لها، بحسب ما أعلنت عنه قناة الجماهيرية ليلة أمس. كما أبدت عدة أحزاب سياسية "في بيانات منفصلة" ترحيبها بتشكيل اللجنة الجديدة والتوجه للانتخابات خلال العام الحالي، واحترام إرادة الناخبين، ومن ضمنها تكتل إحياء ليبيا، وحزب التغيير، ومبادرة القوى الوطنية، وتجمع الأحزاب الليبية. وقال المتحدث باسم تجمع الأحزاب الليبية، فتحي الشبلي، اليوم لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "نرحب بالمبادرة، شرط أن يتم هذا العمل فعلا، وأن تضم اللجنة مختلف الأطراف الليبية المعنية بمن فيهم ممثلو الأحزاب السياسية المعتمدة، وأبرز الشخصيات السياسية، وزعماء القبائل، ومنظمات المجتمع المدني، والأطراف الأمنية الفاعلة، وممثلون عن المرأة والشباب". ودعا المتحدث باسم التجمع، الذي يضم 24 حزبا، إلى "تفادي الأخطاء السابقة المتمثلة في انعدام التمثيل الحقيقي للنسيج الاجتماعي الليبي، وانعدام إجراءات تعزيز النزاهة ومحاربة الرشوة والفساد". يذكر أن مجلسي النواب والدولة فشلا في التوافق على قاعدة دستورية وقوانين تنظم الانتخابات الرئاسية والتشريعية المؤجلة منذ ديسمبر 2021 لأجل غير مسمى.