أعلنت السفارة الإسبانية بالقاهرة، أنه ابتداء من يوم 9 فبراير الجاري بمدينة الأقصر، ستكون مقبرتي كل من جحوتي وحري -اللذان شغلا مناصب رفيعة في عصر الأسرة الثامنة عشرة في مصر القديمة- متاحة للزيارة أمام الجمهور. وقالت، في بيان صحفي اليوم الخميس، إنه تم اكتشاف المقبرتين في سياق عمل البعثة الأثرية "مشروع جحوتي" التي يتولاها المجلس الأعلى للبحوث العلمية بإسبانيا، الذي قام بدوره على مدار أكثر من 20 عاما، بكشف النقاب عن توابيت سليمة ومومياوات و"الحديقة الجنائزية" الوحيدة التي تم اكتشافها حتى يومنا هذا. وذكرت السفارة الإسبانية بالقاهرة، أنه منذ عام 2002، كانت بعثة مشروع جحوتي -بقيادة المجلس الأعلى للبحث العلمي بإسبانيا (CSIC)- تقوم بأعمال الحفر والترميم، وكذلك نشر العديد من النتائج البحثية المتعلقة بالمقابر الموجودة في منطقة تل ذراع أبو النجا في الأقصر (مدينة طيبة القديمة). وأوضحت السفارة، في بيان، أنه اعتبارا من 9 فبراير، سيتاح لجمهور الزائرين دخول الموقع الأثري والاستمتاع بزيارة مقبرتي حري وجحوتي، متابعة: "فنجد أن المقابر مزينة بالنقوش ومضاءة باستخدام طاقة نظيفة منتجة من ألواح الخلايا الشمسية التي قام الفريق الإسباني بتركيبها فوق مقبرة حجوتي، بحيث تكون غير مرئية داخل صرح مبنى شيد في حقبة قديمة، لإضفاء نوع من المهابة على الواجهة". وأشارت إلى أن هذه المقبرة تعتبر مثالًا كلاسيكيًا لدفن الأسرة الحاكمة في ذلك الوقت، وهي عبارة عن مقابر تعود لكبار المسؤولين في الأسرة الثامنة عشرة من مصر القديمة، ويرجع تاريخها إلى حوالي 1500 ق.م. وتابعت: حضر الافتتاح كل من رئيسة المجلس الأعلى للبحث العلمي بإسبانيا البروفيسور إليوسا دي إلبينو، وسفير إسبانيا بمصر، ألبارو إيرانثو، والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور مصطفى وزيري. وقالت إنه يقوم بإدارة هذه البعثة الإسبانية-المصرية الباحث بالمجلس الأعلى للبحث العلمي بإسبانيا بمعهد لغات وثقافات المتوسط والشرق الأقصى، خوسيه مانويل جالان. واستطردت أن المقابر المشار إليها، والتي يتم فتحها للزيارة أمام الجمهور، ترجع إلى شخصيتين بارزتين أثناء واحدة من أهم حقبات التاريخ المصري، وهي بداية الأسرة الثامنة عشرة، لتزامنها مع فترة تاريخية جديدة، تعرف باسم المملكة الجديدة. وتبدأ بإعادة توحيد مصر في عهد الملك أحمس (1530 ق.م.) وبداية الإمبراطورية المصرية، لتمتد من النوبة في الجنوب وحتى سوريا - فلسطين في الشمال. وزادت: وكان جحوتي هو المشرف على خزانة الدولة، وكذلك أعمال الحرفيين الذين عملوا في خدمة الملكة حتشبسوت، وهي واحدة من السيدات القلائل اللاتي حكمن البلاد كفرعون في مصر القديمة واستمر حكمها لمدة 22 عامًا، إلى نحو 1470 ق.م. يذكر أن حري، عاش قبل ذلك ب50 عامًا، وكان مشرفا على المزرعة المملوكة، بالمشاركة لكل من الزوجة الملكة والملكة الأم إياح حتب. وبذلك قام هو وجحوتي بأداء عملهما الإداري الموكل إليهما تحت قيادة سيدتان. وتحيط آثارهما الجنائزية حكايات، سواء كانت قديمة أم حديثة. وعانى جحوتي مما يسمى ب"دامناتيو ميموراي" أي "محو ذكراه"، فنجد أن اسمه ووجهه تضررا بشكل منهجي بهدف محو هويته، وبالتالي فقد القدرة على أن يتم تذكره أو التمتع بالأبدية. لم يتزوج ولم يكن لديه أطفال، الأمر الذي كان غير شائع بين النخبة المصرية في العصور القديمة، ويلقي ذلك، ضمن أسباب أخرى، بظلال من الشكوك حول فكرة الحفاظ على ذكرى المتوفي من خلال الطقوس الجنائزية. ويبدو أن والده ليس من أصل مصري، ولكنه مواطن من سورياوفلسطين، الأمر الذي دفع جحوتي إلى محاولة التأكيد على إتقان الكتابة المصرية ومعرفته بأقدم النصوص والشعائر الدينية. من الواجهة إلى غرفة الدفن، تم تصور معبده/ مقبرته ك"نصب تذكاري للرسائل المكتوبة". وشغل حري أيضا منصبًا بارزًا في إدارة مدينة طيبة القديمة. بصفتها الملكة الأم إياح حتب، كانت تحكم البلاد فعليا بينما كان ابنها الملك أحمس يقاتل في شمال البلاد، وفي أثرها الجنائزي، منح حري مكانة بارزة لوالدته إياح مس. لم يتم تصوير والده في أي من المشاهد التي تزين جدران المقبرة، ولم يذكر في النقوش، وكذلك لم يذكر الملك أحمس. وهكذا، فإن مقبرته تعكس بشكل جيد الوضع السياسي والاجتماعي لطيبة القديمة نحو 1520 ق.م. وأوضحت السفارة الإسبانية: في طريقهم إلى مقابر جحوتي وحري، سيتمكن الزوار من مشاهدة المدن الجنائزية والجبانات التي ترجع للعصور القديمة وملاحظة الوضع الذي كانت عليه "الحديقة الجنائزية" نحو 2000 ق.م. يشار إلى أن "الحديقة الجنائزية" الأصلية المبنية بالطوب والطين لا تزال مدفونة، محمية تحت هيكل معدني مغطى بألواح عازلة، ولكن فوقها بقليل تم تركيب نسخة طبق الأصل من الحديقة، صنعت مسبقا في ورش عمل "فاكتوم أرت" في العاصمة الإسبانية مدريد، ثم نقلت لاحقا إلى الأقصر عام 2019. مشروع جحوتي تعمل بعثة مشروع جحوتي على التنقيب والترميم، وكذلك النشر والترويج للنتائج البحثية لمجموعة من المعالم الجنائزية ومقابر أفراد من الطبقة الوسطى والعليا بمنطقة تل ذراع أبو النجا، في الناحية الشمالية من مقبرة مدينة طيبة القديمة. بالإضافة إلى مقبرتي جحوتي وحري، كان للعقدان من الزمن من الحفريات، الفضل في تسليط الضوء على اكتشافات مهمة من تاريخ مصر القديمة: لوحة مدرسية تتضمن صورة أمامية للملكة حتشبسوت، مجموعة من الأقراط الذهبية وجدت عند مدخل غرفة الدفن، 8 من باقات الزهور الخمسين التي يعود تاريخها لقبل 3000 عام، تم العثور عليها في حفرة مفتوحة في فناء مدخل مقبرة جحوتي، تابوت سليم ل"نب"، رجل من الأسرة السابعة عشرة (1600 ق.م.)؛ تابوت لفتاة تبلغ من العمر 15 عامًا عاشت قبل 3600 عام، ودُفنت بأربعة قلائد رائعة وأقراط وخاتمين؛ أو الكشف عن "الحديقة الجنائزية" الوحيدة المكتشفة حتى الآن. وسيتم عرض مجموعة مختارة من أكثر القطع ندرة والموجودة في موقع مشروع جحوتي بمتحف الأقصر. كما سيتم افتتاح المعرض يوم 9 فبراير، مصحوبًا بفتح الموقع أمام الجمهور على الضفة المقابلة للنيل.