يهتم الدكتور سعيد الصباغ فى كتابه «العلاقات المصرية الإيرانية بين الوصال والقطيعة» الذى صدر عن سلسلة التاريخ الجانب الآخر التابعة لدار الشروق بالأساس بعلاقات مصر وإيران، دون التعرض المباشر لقيام الحكم الإسلامى فى إيران. ولكن الدكتور الصباغ لم يغفل ذلك بل فى إشارات عديدة يحاول تقديم وجهات نظر حول الثورة الإسلامية، إذ يقول: «بداية كان الرئيس السادات مقتنعا بتحليل هنرى كيسنجر لأسباب قيام الثورة فى إيران، وكان مفاده أن الشاه أراد أن يقفز بإيران إلى القرن العشرين تماما، كما أعادها الخمينى إلى القرن العاشر، كلاهما لم يعجبه واقع إيران، فالشاه كان يقوم بتطوير عنيف لبلاده وبينما لم تكن لديها استعداد، كذلك فهو كان أسرع من الشعب، الأمر الذى أدى إلى اتساع الهوة بين الاثنين. وكان هذا من شأنه أن يقلق الناس وأن يجعلهم يلتفون إلى صيغ سياسية أخرى تنقذهم من الضياع الذى أسقطهم فيه الشاه باسم التطوير العنيف». ويوضح الدكتور الصباغ أن إدراك الرئيس السادات للثورة الإيرانية، كان إيجابيا، فى البداية، وأنها ثورة إسلامية على الفساد، الذى كان الشاه قمته. وقال الصباغ: «وقد تمنى لها السادات أن تنجح فليس أعظم من الإسلام دينا وليس أروع من تعاليمه ولا أكمل. فإذا جاء رجل يصلح الفساد وينشر الحب ويبشر بالعدل، فمن الذى لا يقف تحية له، ويشاركه فى الدعاء بحسن الختام. ومع ذلك رأى السادات أن الثورة «خرجت.. انحرفت.. أفلتت». وفى هذا السياق، عندما أخذ الرئيس السادات يجرد بعد ذلك الثورة الإيرانية من صفة الإسلامية فإنه فى الوقت نفسه كان يؤكد أيضا مسئولية آية الله الخومينى عن ذلك، لأنه رجل دين وليس رجل سياسة. ويزيد الدكتور الصباغ فى رؤيته حول إدراك السادات للثورة الإسلامية قائلا: «بيد أن الموضوعية، تجعلنى أميل إلى القول بأن قرار مصر الرسمى بشأن استقبال الشاه المخلوع على أراضيها لم يكن عملا موجها ضد نظام الجمهورية الإسلامية فى إيران أو معاديا للثورة، وذلك لاعتبارات عديدة منها ما هو مرتبط بإدراك السادات نفسه، ويقينه أن إيران لفظت إمبراطورها لأسباب قومية، ومنها ما يتصل أيضا بخبرته السياسية الطويلة التى كانت تجعله واقفا على حق الشعب وواجب زعمائه، وعارفا أيضا أين يقف الشعب وأين يجب أن يقف. يذكر الكتاب أن العلاقة بين مصر وإيران تعرضت للتوتر عام 1979 بعد استيلاء الثورة الإسلامية على حكم إيران، بعدما كانت جيدة عقب وفاة عبدالناصر عام 1970. ويسعى الدكتور الصباغ إلى عرض علاقة مصر وإيران بالقوتين العظمتين «روسيا وأمريكا» وكيف كان لذلك أثر على علاقة كل منهما بالأخرى، والتطورات التى حدثت فى مصر بعد تولى «السادات» الحكم، وتغير جميع المعادلات السياسية على المستويين الداخلى والخارجى، وتناول تأثير الجانب الإسرائيلى على العلاقة بين البلدين، وكيف وصلت لأقصى تدهور لها فى مرحلتين أساسيتين أولهما عندما اعترفت إيران واقعيا بإسرائيل كدولة عام 1960 والثانية عندما وقعت مصر مع إسرائيل معاهدة السلام عام 1979 ومن هنا يشير إلى مدى ما تمثله إسرائيل من أهمية فى علاقة البلدين. وأوضح الكاتب التحول الإيجابى فى العلاقة بين عامى 1970 و1978 والعوامل التى أدت إليه، وأهمها العلاقة الشخصية بين الشاه والسادات، وإعجاب كل منهما بالآخر، وكيف كان السادات يوجه للشاه خطابات مجاملة تحتوى على كلمات التعظيم دائما فى حين كان الشاه محافظا بشكل دائم على نبرة التعالى فى معظم عباراته. ثم انتقل إلى ما بعد الثورة الإسلامية ونظرة السادات لها، ولجوء الشاه المخلوع إلى مصر، والتحريض الإيرانى لقلب نظام الحكم فى مصر، مستغلة الصدام بين السادات ومعارضيه فى الداخل، واستثمار الرأى العام العربى ضد مصر بعد توقيع معاهدة السلام.