قررت المحكمة الانتخابية العليا في البرازيل أنّ جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية ستُجرى في 30 أكتوبر الجاري بين المرشحين الفائزين بأعلى نسبتين من الأصوات لويس إيناسيو لولا دا سيلفا وجايير بولسونارو. وتصدر الرئيس اليساري الأسبق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة في البرازيل أمس الأحد، متقدّماً على الرئيس اليميني المتطرّف المنتهية ولايته جايير بولسونارو، لكنّ تقدّمه جاء أقلّ ممّا توقّعته استطلاعات الرأي، وبالتالي ستُجرى جولة ثانية في 30 أكتوبر الحالي. وبعد فرز 99.96% من الأصوات، حاز لولا 48.42% من الأصوات، أي نحو 57.228.195 صوتاً. أما الرئيس الحالي جايير بولسونارو، فحاز 43.21% من الأصوات، أي 51.064.641 صوتاً. وبذلك، يكون مجموع الأصوات 123.640.309 أصوات. وأدلى الناخبون البرازيليّون، أمس الأحد، بأصواتهم في انتخابات رئاسيّة شهدت توتّراً شديداً، وكان لولا يأمل الفوز فيها من الدورة الأولى على بولسونارو الذي سبق أن هدّد برفض الاعتراف بالنتائج. وأدلى المرشّحان لولا (76 عاماً) وبولسونارو (67 عاماً) بصوتَيهما في الصباح الباكر أمس، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتشكّلت صفوف انتظار أمام مراكز الاقتراع وقف فيها ناخبون يرتدون ملابس بلون العلم الوطني تأييداً لبولسونارو، وآخرون يرتدون الأحمر تأييداً للولا. وأدلى الرئيس اليساري الأسبق (2003-2010) بصوته في ساو برناردو دو كامبو، الضاحية العمّاليّة لساو باولو، حيث اشتهر بكونه زعيماً نقابيّاً. وقال لولا الذي خاض سادس معركة انتخابيّة رئاسيّة في مسعى منه للفوز بولاية ثالثة بعد 11 عاماً من مغادرته الحكم مع شعبيّة غير مسبوقة: "بالنسبة إليّ، إنّها الانتخابات الأكثر أهمّية". وصرّح معلّقاً على الانقسام الذي يسود البرازيل: "لم نعد نريد كراهية وخلافات. نريد بلداً في سلام". بُعيد ذلك، أدلى بولسونارو بصوته في ريو دي جانيرو، مرتدياً قميص المنتخب الوطني لكرة القدم الأصفر والأخضر فوق سترة واقية من الرصاص، ولوّح مجدّداً بإمكان الطعن في النتائج. وقال الرئيس المنتهية ولايته الذي انتقد مراراً نظام الاقتراع الإلكتروني: "إذا كانت الانتخابات نظيفة، فلن تكون هناك أيّ مشكلة. ولينتصر الأفضل!". وظهراً، أكّد رئيس المحكمة الانتخابية العليا، ألكسندر دي مورايس، أنّ التصويت يجري "بلا مشاكل، وفي هدوء تامّ"، مؤكداً "موثوقيّة" نظام الاقتراع الإلكتروني و"شفافيّته". وكان آخر استطلاع للرأي أجراه معهد "داتالوفها" قد توقّع فوز لولا بحصوله على 50% من الأصوات في مقابل 36% لبولسونارو. ومع إغلاق صناديق الاقتراع عند الخامسة مساءً (20,00 بتوقيت غرينيتش)، تجمّع أنصار كلا المرشّحَين لمتابعة النتائج. امتدّت طوابير انتظار طويلة منذ الصباح الباكر أمام مراكز الاقتراع، وخصوصاً في العاصمة برازيليا. في ريو دي جانيرو، قالت عالمة النفس المتقاعدة البالغة 67 عاماً كايا فيراري: "أكره بولسونارو". في ساو باولو، قالت لوسيا إستيلا دا كونسيساو: "كوني امرأة سوداء، صوّتت لمرشّح ملتزم مكافحة التمييز"، بعدما أدلت بصوتها للولا. وأضافت: "نعيش في مرحلة فوضى، وآمل أن يجري كلّ شيء على ما يرام اليوم، وألّا تحدث اضطرابات". وقالت جوليانا تريفيسان: "إنّها أوّل مرّة أدلي بصوتي في فندق. جيّد أن يرى السائحون أنّنا في ديمقراطيّة أو أنّنا على الأقل نناضل لحمايتها". شهدت هذه الانتخابات الحاسمة لمستقبل الديمقراطيّة في البرازيل مواجهة شديدة بين أبرز مرشّحَين، وحجبت تماماً المرشّحين التسعة الآخرين الذين لم يكُن لهم حضور يُذكر. وفي حال فاز لولا في الدورة الثانية، سيُشكّل ذلك عودةً إلى الحياة السياسيّة لم يكُن يأمل بها بعد سجنه المثير للجدل في قضايا فساد، غير أنّ تنظيم دورة ثانية سيُتيح لبولسونارو تعبئة مؤيّديه والتقاط أنفاسه. وقد نشر في حسابه بموقع التدوينات القصيرة "تويتر" رسائل دعم تلقّاها من حلفائه النادرين، أمثال نجم كرة القدم نيمار، والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي دعا البرازيليّين إلى "إعادة انتخاب أحد أعظم الرؤساء في العالم". ولوّح الرئيس المنتهية ولايته بتحرّكٍ عنيف، ما أحيا مخاوف من حصول أحداث شبيهة بالهجوم على مبنى الكابيتول في اشنطن في يناير 2021، بعد هزيمة ترامب الانتخابيّة. ولم تصدر أيّ مؤشّرات قلق من جانب الجيش. وأعلنت الولاياتالمتحدة أنّها ستتابع الانتخابات في البرازيل "من كثب"، ونُشر أكثر من 500 ألف عنصر من قوّات حفظ النظام تولّوا ضمان الأمن. وانتخب البرازيليون، أمس الأحد، نوّابهم الفيدراليّين ال513 وحكّام الولايات ال27 ونوّاب مجالس الولايات. ويُنتخب هؤلاء المسؤولون لولاية من 4 سنوات. كذلك، سيجري تجديد ثلث مقاعد مجلس الشيوخ ال81 ل 8 سنوات.