أحمد الإبياري ل«الشروق»: والدي لم يتخلَ عن إسماعيل ياسين.. وانحسار الأدوار عنه بسبب العرض والطلب

* أبوالسعود الإبياري أغلى مؤلف سينمائي في مصر.. وكان رجلا عابرا للزمن.. ولسنا بحاجة للمطالبة بتكريمه
* اعود للمسرح قريبا بعمل جديد من إخراج ابني طارق
حرص الكاتب الكبير أحمد الإبيارى، على توضيح بعض النقاط التى جاءت على لسان حفيدة الفنان الراحل إسماعيل ياسين، فى حوارها مع «الشروق» بمناسبة احتفال مهرجان «الإسكندرية السينمائى» بمرورة 50 عاما على وفاته، خاصة فيما يتعلق بوالده الكاتب الراحل أبوالسعود الإبيارى رفيق درب إسماعيل ياسين فى مشواره المهنى.. وكانت مناسبة جيدة لفتح عدد من الموضوعات معه تخص والده الراحل، والحديث عن مشروعاته الفنية الجديدة، وعودته للمسرح مرة أخرى بعد انقطاع استمر عامين.
فى البداية قال أحمد الإبيارى:
حينما ذكرت حفيدة إسماعيل ياسين قصة خسارته ماديا خلال رحلته إلى سوريا مع فرقته المسرحية، ورغم ذلك قرر منح صغار الفنانين أجرهم كاملا من ماله الخاص، فى حين أن شريكه بالمسرح لم يفعل ذلك، ظن البعض أن المقصود هنا أبو السعود الإبيارى، الذى كان شريكه فى مسرحه بمصر، لكن الحقيقة أن الشريك المقصود هنا هو تاجر لبنانى اسمه كامل قسطندى، فأبوالسعود الإبيارى لم يتخلَ عن الناس الذين عملوا معه، ولا يوجد ما يثبت ذلك.
كما أؤكد على حقيقة أخرى غاية فى الأهمية، وهى أن الراحل إسماعيل ياسين هو صاحب قرار غلق مسرحه بإرادته، ومسألة انحسار الأدوار عنه، تخضع لنظرية العرض والطلب، فإسماعيل لم يكن مطلوبا بقوة فى السنوات الأخيرة من عمره، بدليل أن المخرج فطين عبدالوهاب رفيق درب سمعة أيضا، لم يستعن به فى السنوات العشر الأخيرة من حياته، بخلاف أبوالسعود الإبيارى الذى كان مطلوبا حتى اللحظة الأخيرة من عمره، ورأيت بمكتبه فى آخر سنه من حياته، 8 عقود لأفلام جديدة كان بصدد تنفيذها، وعلى الرغم من هذا، حاول والدى فى فيلمه «صغيرة على الحب» إسناد الدور الذى لعبه الفنان نور الدمرداش ل «إسماعيل»، واقترح اسمه بقوة، لكن قوبل اقتراحه بالرفض، فوالدى لم يتخلَ أبدا عن سمعة صديقه وشريكه.
وأشار: حاولت أن أوضح كل هذه الحقائق فى مسلسل «أبو ضحكة جنان»، وهذا المسلسل كتبته بغرض الحفاظ على التاريخ الفنى الكبير لكل من إسماعيل ياسين وأبوالسعود الإبيارى، والدفاع عنهما من هؤلاء الذين يحاولون التقليل من حجم إنجازاتهما الفنية، فالاثنان نجحا بشكل كبير فى صنع تاريخ وذاكرة فنية تؤرخ لهما فى الفن المصرى، وبخلاف ما يروجه البعض، حقق المسلسل نسبة مشاهدة كبيرة، وحقق تعاطفا كبيرا مع إسماعيل ياسين، وما زال يعرض باستمرار على شاشات التليفزيون المصرى.
وبسؤاله عما إذا كان يرى أن والده الراحل لم يحظ على التكريم الذى يستحقه قال:
فى مشوار أبوالسعود الإبيارى، فاز بجائزة مستحقة عن فيلمه «الزوجة ال13»، ولكن لم يتم تكريمه على مجمل مشواره، بالعكس، لقد واجه فترة صعبة جدا فى الستينيات، وتم محاربته كى يجلس فى بيته دون عمل، بعد ان استكثر عليه البعض، خاصة ممن تقلدوا مناصب فى هذا الوقت، غزارة إنتاجه السينمائى والمسرحى، بل وطالبوا بكل صراحة، أن يجلس فى بيته وقالوا له نصا «كفاية عليك كده، اقعد فى البيت».
وتابع: لكن تحمل والدى بقوة وصلابة وواصل مسيرته حتى آخر يوم فى عمره رغم أنف الجمع، ولدى ما يثبت المعاملة الصعبة التى عومل به، وتجاهل إنجازاته، وظل هكذا طوال آخر 7 أعوام من عمره، وتدخلت الفنانة الراحلة سعاد حسنى بقوة وأجبرت المسئولين حينها على الاستعانة به فى فيلمها» «صغيرة على الحب»، وقد انهالت عليه العروض من شركات الإنتاج الخاصة التى آمنت بموهبته وببراعته، وكما ذكرت فكان متعاقدا على كتابة أكثر من فيلم فى آخر عام من حياته.
واستطرد: الغريب أن محاربة والدى استمرت حتى وفاته، حينما فوجئنا بعد وفاته بمسح شرائط مسرحياته التى تقدر ب 55 مسرحية تقريبا من مكتبة التلفزيون، بحجة أن هذا حدث نتيجة خطأ موظف، ولأن التلفزيون المصرى هو الجهة الوحيدة التى تمتلك حق التصوير والتوزيع، فلا نمتلك كأسرة الإبيارى نسخا من هذه الشرائط، ليضيع رصيد والدى المسرحى بشكل لا يصدقه عقل.
وأشار: والدى كان يكتب، ويعمل ما يؤمن به، وكان أغلى مؤلف سينمائى مصرى فى وقته، وكان رجلا عابرا للزمن، مثله مثل أم كلثوم، وعبدالحليم، وعبدالوهاب، صاحب قامة فنية كبيرة، بدليل أن افلامه لا تزال تحقق نجاحا كبيرا حتى الآن.
وعما إذا كان بصدد المطالبة بتكريم أبوالسعود الإبيارى، رفض وقال: لم ولن أطالب بتكريمه، فأنا مؤمن أن الجمهور هو الجائزة الكبرى، والحقيقة أن الجمهور فى مصر والوطن العربى كله، كرم وما زال يكرّم والدى، ومواقع التواصل الاجتماعى تشهد على هذا، فنحن أمام رجل صاحب رصيد فنى غزيز فى عالم الكوميديا، وأعماله سواء المسرحية أو السينمائية حققت نجاحا كبيرا، وأشعر أنه نال تكريما مستحقا من قبل الجمهور الذى قدر قيمته كما ينبغى، لكن إذا أراد أى أحد أو جهة تكريمه، فأهلا وسهلا، لكننا كأسرته لن نطالب بهذا أبدا.
وبسؤاله هل كان اسم أبوالسعود الإبيارى جواز مرور لأبنائه فى مجال الفن بعد رحيله فأجاب:
لا أنكر أننى استفدت كثيرا من اقتران اسمى باسم أبوالسعود الإبيارى، ويكفى أننى «حجيت» مجانا لأننى ابنه، ولمست حجم تقدير الأشقاء فى الدول جميع العربية له ولفنه، لكن على المستوى المهنى، لم استفد أبدا، بالعكس هناك من حاربنى لأننى ابنه، وظللت أعوام أكتب لصالح مؤلفين آخرين، أو أكتب أعمالا ولا أتقاضى مستحقاتى المالية، إلى أن قمت ببيع شقتى، وأنتجت أولى مسرحياتى، وبعدها انطلقت فى عالم المسرح.
وعما إذا تكرر الحال مع ابنه الفنان طارق الإبيارى قال: طارق لم يتلق عروضا منذ ثلاثة أعوام تقريبا، فآخر مسلسل شارك فيه كان مسلسل «فالانتينو» مع عادل إمام، رغم أنه موهوب ودارس فن، وحقق نجاحات كثيرة وأشاد الجميع به، وطارق يعشق الفن، ولا يريد أن يعمل «والسلام» بدليل أنه رفض أكثر من عمل، لأنه لا يحقق طموحه الفنى، ولأنه معروف عن أسرتنا عدم الاستسلام، فطارق لم يتوقف عن العمل، فهو يكتب سيناريوهات، وأخرج عددا من المسرحيات، ويستعد قريبا لإخراج المسرحية الأخيرة لى، فقد توقفت عن العمل بالمسرح قرابة عامين بسبب فيروس «كورونا» بعد آخر مسرحية لى «الزهر لما يلعب» بطولة الراحل سمير غانم، وأنا أستعد للعودة قريبا من خلال عمل مسرحى جديد، سيقوم ببطولته نخبة من النجوم الكبار.
وعن سر ارتباطه بالمسرح فقط دون العمل بالسينما قال: غرزت رجلى فى المسرح، ولم أستطع الخروج منه، بخلاف والدى الذى جمع بين الاثنين، لكن عشقت المسرح، وأعطيته وقتى وجهدى، رغم أن لدى سيناريوهات لمسلسلات تليفزيونية مكتوبة كاملة.
وبسؤاله لماذا لم يتعاون مع الفنان عادل إمام، رغم تعاونه مع معظم نجوم الكوميديا قال: عادل إمام اعتاد أن يستمر عرض مسرحيته الواحدة لأكثر من 7 أعوام، وكنت أرى أنه خلال هذا الوقت أستطيع أن أقدم أكثر من عرض مسرحى، بخلاف أنه كان مرتبطا بالمنتج والمؤلف سمير خفاجى، لكن والدى تعاون مع عادل إمام فى واحد من أنجح أفلامه «البحث عن فضيحة».