شيع اليوم الأثنين جثمان الملكة إليزابيث إلى مثواها الأخير. وبالرغم من وفاتها منذ أكثر من 10 أيام، إلا أن الناس مازلوا يتوافدون من جميع أنحاء بريطانيا لوداع ملكتهم الحبيبة، فكيف تحولت إليزابيث من مجرد فتاة عادية إلى ملكة أسرت العالم؟ لم يكن مقدرًا لإليزابيث أن تكون ملكة من الأساس فهي ابنة الابن الثاني للملك جورج الخامس، ولذلك عاشت حياتها بهدوء إلى أن تنازل عمها الملك إدوارد الثامن عن عرش بريطانيا في عام 1936، ليصبح والدها جورج السادس الملك الجديد، وتصبح هي بالتبعية وريثة العرش، ولذلك عندما توجت كملكة في 2 من شهر يونيو لعام 1953 لم يتوقع العالم منها الكثير، بل كانوا على العكس يتوقعون فشلها، هذا بحسب ما ذكر في موقع هيستوري. أول تتويج تليفزيوني بدأ ترسيخ فكرة ارتباط الملكة بالجمهور لتحويلها إلى الملكة الشعبية منذ أول لحظة خطت فيها إليزابيث في القصر الملكي، فكان حفل تتويجها كملكة لبريطانيا هو أول حفل تتويج يبث على الهواء مباشرة، ليراه 27 مليون شخص في المملكة المتحدة من إجمالي عدد السكان البالغ وقتها 36 مليون نسمة، هذا بجانب استماع 11 مليون شخص لمراسم التتويج بالراديو، والسماح ل3 مليون شخص بالاصطفاف خارج القصر الملكي لمرافقة إليزابيث إلى أول يوم لها كملكة بقصر باكينجهام. تمردت إليزابيث على هدوءها وكسرت التقاليد الملكية في عام 1970 عندما كانت في جولة مع زوجها الأمير فيليب وابنتها آن إلى أستراليا ونيوزيلندا، فهي أصرت على القيام بنزهة غير رسمية والتواصل مع الجمهور دون الحفاظ على المسافة الآمنة للحماية، مما جعل المخرجين يتهافتوا لتصوير رحلة الملكة وتفاعلها الودود مع الحشود، وأطلق عن هذه الرحلة فيلمًا وثائقيًا عرض عام 1969 وشاهده 40 مليون شخص حول العالم، مما جعل إليزابيث أكثر قربًا من الناس. وفي مناسبة أخرى، وخلال الاحتفال باليوبيل الفضي لتربعها على عرش بريطانيا في عام 1977، أكدت إليزابيث للحشود أنها قطعت عهدًا على نفسها منذ أن كانت طفلة بتكريس حياتها للخدمة، موضحة أنها لم تندم أبدًا على هذا العهد بل تريد أن تجدده مرة أخرى بعد مرور 25 عامًا على توليها لعرش بريطانيا، مشيرة إلى أنها موجودة لخدمة شعبها. دور الأميرة ديانا في حياة إليزابيث مثل انضمام أميرة القلوب الأميرة ديانا إلى العائلة المالكة نقطة فاصلة في حياة إليزابيث، فسلط الإعلام الضوء على القصر الملكي عن أي وقت مضى، لتصبح إليزابيث في المواجهة، مما جعل تفاعلها مع الصحافة أكثر من ذي قبل، وخاصة بعد وفاة ديانا، الذي تساءل فيه الشعب عن موقف الملكة، في ظل الانتقادات التي تعرضت لها العائلة المالكة بعد خيانة تشارلز لديانا وطلاقه منها عام 1996، ووفاة ديانا في العالم الذي يليله. حاولت إليزابيث في البداية أن تتجنب أي موقف يورطها في الحديث عن ديانا، ولكن بناءا على نصيحة مستشاريها، ظهرت إليزابيث لتلقي خطابًا تليفزيونيًا نادرًا لمواساة شعب فقد أميرته، كما ذهبت إلى لندن لاستقبال حشود المعزيين وتحيتهم، مما قربها أكثر من الناس خاصة في أوقات الكوارث. أحب الجمهور إليزابيث أكثر بعدما تعرضت لصدمات حياتية تشبه صدماتهم، ففي نفس عام احتفالها باليوبيل الذهبي لجلوسها على العرش في عام 2002، فقدت إليزابيث شقيقتها الحبيبة مارجريت، كما فقدت والدتها التي توفيت بعد وفاة شقيقتها بعدة أسابيع، مما جعل الشعب يلتف حولها بشكل أكبر، وأصبحت السنوات التي تلت اليوبيل الذهبي أكثر إيجابية بالنسبة للملكة التي أصبحت جزءًا من عائلة أي شخص بريطاني. ورأى العالم الملكة إليزابيث من منظور أكثر رقة عندما شاهدها وهي تتعامل مع حفيدها جورج في عام 2013 على مرأى ومسمع من الجميع، فلمست إليزابيث القلوب كجدة محبة وليست كملكة صارمة تتبع القواعد والتعليمات طوال مدة حكمها، ويعتبر تواجد إليزابيث مع حفيدها الأمير ويليام وابنه جورج هي المرة الأولى منذ عهد الملكة فيكتوريا التي يتواجد فيها ثلاثة أجيال من ورثة العرش الملكي بجانبها بعضهما البعض على قيد الحياة.