«الدنيا زحمة، وكل واحد هايموت على أنبوبة والخناقات ما بتنتهيش». أمل عثمان، 56 عاما، صاحبة مطعم كشرى فى عرب راشد إحدى عشوائيات محافظة حلوان، تقف فى طابور طويل من السيدات أمام مستودع الأنابيب بمنطقة المساكن الاقتصادية فى حلوان. مكتوب على حائط المستودع باللون الأحمر إن «ملى الأنبوبة ب 2.50 جنيه، وممنوع بيع الأنابيب للتجار». بجوار طابور السيدات يمتد طابور أكثر طولا من الرجال، وبينهما يتجمع الأطفال. تقول أمل عثمان بصوت مرتفع وهى تقف فى منتصف الطابور، وبدت فى حالة تضايق «أنا هنا من الفجر، وسايبة المحل فيه 3 صنايعية غرب، وبادفع ايجار 1600 جنيه فى الشهر، وبيتى هيتخرب من غير الأنابيب». «ممكن نقف طول النهار، وفى الآخر نمشى من غير أى أنابيب». وهى تحاول البحث عن أنابيب غاز كبيرة الحجم، لأن الأنابيب صغيرة الحجم لا تقضى حاجة المطعم. حالة الملل التى بدت على أمل، كانت ذات الحالة التى سادت على وجه جميع السيدات والرجال والشباب والأطفال الواقفين فى انتظار أنبوبة، مع نشوب مشاجرات بين الحين والآخر على حجز الأماكن فى الطوابير التى سدت الشارع بدورها. «تغيير الأنبوبة عندنا فى المنشية 20 جنيها، وهنا من المخزن 2.50 جنيه، تهون الوقفة ولا أدفع 20 جنيها». هدى إمام، 46 عاما، تسكن فى منطقة المنشية إحدى عشوائيات حلوان، وتعانى من مشاكل قلبية فلا تتحمل الوقوف كثيرا وسط الازدحام، مما أصابها بالإغماء فى الأسبوع الماضى، بعد وقوفها 7 ساعات انتظارا لتغيير أنبوبتها وفى النهاية لم تستطع. لا يوجد من ينوب عن هدى فى الوقوف فى طابور الأنابيب، لأن بنتيها مشغولتان بالامتحانات فى الجامعة، أما زوجها فحالته أصعب لإصابته بجلطة فى القلب ولا يتحمل التحرك كثيرا. «ممنوع تغيير أنابيب للتجار، عشان بيملوها رخيصة وبيبعوها غالية للناس». يحذر احد المسئولين فى المستودع من التعامل مع البائعين لأنهم «بيستغلوا الأزمة». «أنا حالى واقف من شهر، لما ما يرضوش يبيعوا لنا أنابيب، يعنى مش هانشتغل، وما عنديش شغلانة تانية أشتغلها». عبدالرازق، 50 عاما، أحد تجار اسطوانات الغاز كبيرة الحجم، لا يبيع إلا للمطاعم وصالات الأفراح بحلوان، ومعه خطابات رسمية بشراء الأنابيب من مستودع أنابيب حلوان، إلا أن مدير المستودع رفض تغيير الأنابيب التى يريدها عبدالرازق. ينفجر الصراخ فى مشادة كادت تصل لحد التشابك بالأيدى، لكنها تنتهى كما بدأت فجأة. «الخناقات ما بتعديش أكتر من كده، لأننا بنتدخل، مش هانستنى المصيبة تحصل وحد يروح فيها». يقول المسئول، الذى رفض ذكر اسمه، إن المستودع يستقبل 5 آلاف أنبوبة يوميا، زادت إلى 6 آلاف حاليا، وهو ما يعد مؤشرا على قرب انتهاء الأزمة.