لجأت أوته رايمر مديرة مكتبة المعهد الثقافى الألمانى بكل من مصر والشرق الأوسط إلى عبارات ساخرة أرادت بها أن تواجه انتقاد عدد من الناشرين المصريين لعدم كفاية مخصصات دعم الترجمة التى يمنحها جوته فى إطار اهتمامه بهذا الشأن، وقالت فى ندوة عقدت على هامش معرض القاهرة الدولى للكتاب «عندما يزيد مخزوننا من البترول، فعندها ربما نتجه لإصدار 100 كتاب مترجم من الألمانية إلى العربية خلال عام واحد»، واستطردت رايمر فى حديثها الذى وجهت فيه اللوم إلى الناشرين «لدينا مخصصات لبرامج دعم الترجمة، ولم تستنفد هذه المخصصات بعد نظرا لقلة الطلبات التى نتلقاها من الناشرين العرب». كانت الندوة التى استضافها جناح معهد جوته الألمانى تحت عنوان «كتبنا للناشرين بالعالم العربى»، بمثابة فرصة للإعلان عن إصدار المعهد لدورية جديدة للناشرين العرب للتعريف بالإصدارات الحديثة بسوق الكتاب الناطق بالألمانية، التى يعتقد القائمون عليه أنها يمكن أن تلقى قبولا فى العالم العربى. ومن ناحية أخرى، استضافت الندوة اثنين من الناشرين المصريين اللذين أصدرا بالتعاون مع معهد جوتة كتابين جديدين مترجمين من الألمانية، دعم فيه المعهد تكاليف الترجمة من الألمانية إلى العربية كاملة وكذلك حقوق النشر، الكتاب الأول هو «خبايا العقل» للألمانى جيرالد هوتر الذى أصدرت ترجمته أخيرا «نهضة مصر للنشر». وحضر عن دار النشر نائبة رئيسها داليا إبراهيم التى استعرضت تجربة الدار فى الاستفادة من برامج دعم الترجمة التى يتيحها «جوته» وتطرقت فى الوقت نفسه إلى أبرز المشكلات التى اعتبرت أنها تعوق دور النشر عن إصدار الكتب المترجمة، على رأسها ارتفاع تكلفة الترجمة، وهو الأمر الذى أكد عليه أيضا فريد زهران مدير مركز المحروسة للنشر الذى أصدر أخيرا ترجمة الكتاب الألماني «المجتمع المدنى» لفرانك أدولف، الذى قال إن مشكلة الترجمة فى مصر مشكلة تكلفة فى المقام الأول لاسيما الكتب الثقافية، لأنها تحتاج إلى تخصص وجهد كبيرين علاوة على ضعف توزيعها، واعتبر فى هذا السياق أن الدور الذى يلعبه معهد «جوته» فى هذا الصدد جيد وإن كان محدودا، خاصة أن الإنتاج الذى يترجم من اللغات الأجنبية، بخلاف الإنجليزية والفرنسية، زهيد. وأضاف أن الجانب الثقافى يعتبر الجانب الأضعف فى أوجه التعاون بين الجانب الأوروبى والعربى مقارنة بالتعاون على صعيد الأجندة السياسية والاقتصادية، وطالب المؤسسات الثقافية الأجنبية بلعب دور أكبر فى التعاون مع المفوضية الأوروبية والهيئات والمؤسسات الأوروبية المعنية لرفع ميزانيات الثقافة قدما، واعتبر أن الدور الذى يقوم به المركز القومى للترجمة فى الترجمة من اللغات الأجنبية وكذلك عدد من المؤسسات العربية يكاد يفوق الدور الذى تقوم به المؤسسات الأوروبية فى هذا الصدد وهو ما اعتبره زهران «أمرا غير منطقى على الإطلاق». استعرضت الندوة الخطوط العريضة التى تناولها الكتابان الحديثان، فيحاول كتاب «خبايا العقل»- الذى يقع فى 5 فصول- تصحيح ما اعتبره مفهوما مغلوطا عن العقل، الذى يجعلنا نعتقد أن مجرد امتلاكنا له يعنى بالضرورة أننا نستطيع استغلاله على أكمل وجه، ومحاولة تصحيح المعلومات المترسخة لدينا التى تنتهى إلى أن سلوكنا وعاداتنا مرجعها جينات موروثة، ويوضح أن ما نرجعه خطأ للجينات يتشكل بشكل أساسي نتيجة الظروف المحيطة التى نشأ فيها العقل. ويقدم الكتاب فى نهايته حلولا لمعالجة الاختلال التى يعانى منها العقل، من خلال الانتباه إلى المؤشرات التى تدل على وجود خلل ما بعقلنا والاستجابة لها حتى لا تتغلب علينا ونصل إلى مرحلة يكون فيها وجود الاختلال فى عمل العقل هو الأمر الطبيعى، أما الكتاب الثانى «المجتمع المدنى» فينقسم إلى جزءين الأول حول تاريخ نشأة هذا المجتمع، والثانى حول التطبيق السياسى والفعلى للمجتمع المدنى وعلاقته بالدولة والحركات الاجتماعية والعمل الأهلى.