ظلت القهوة إلى عهد قريب على رأس قائمة الممنوعات التى يشهرها الطبيب فى وجه مريضه خاصة مريض القلب إلى أن ترفق العلم بها وكشف أسرار العنصر الفعال فى القهوة: الكافيين. تناول قدرا معتدلا من القهوة يوميا نحو ثلاثة فناجين (300 ميلجرام) قد يكون عكس ما أشيع دائما عنها: منشطا داعما للمزاج منبها وربما أيضا حاميا من متاعب الذاكرة مع التقدم فى العمر. جاءت أيضا فى السنوات الماضية القريبة العديد من الدراسات العلمية التى تنفى أى علاقة بين القهوة وارتفاع مستويات الكولستيرول أو تزايد خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين أو اضطراب انتظام ضربات القلب، لكن بقى احتمال أن تناول القهوة قد يزيد من ضربات القلب أيضا يزيد من ارتفاع ضغط الدم لمن يعانون بالفعل من ارتفاع ضغط الدم رغم تناولهم الأدوية. لكن ما سر ارتباط القهوة باعتدال المزاج وزيادة القدرة على التركيز، الأمر الذى يجعلها المعضلة بلا منافس لدى الكثير من الناس رجالا ونساء؟ سر القهوة هو تلك النكهة الفريدة والطعم المر المتميز إلى جانب تلك الرائحة النفاذة الآسرة التى تتسلل دون استئذان إلى المخ لتهيأ لتلك المتعة الخاصة التى يمارسها محبو القهوة وربما مدمنوها. سر القهوة هو الكافيين: فى هيئته النقية هو مسحوق أبيض يتميز بمرارة فى الطعم. يوجد فى أكثر من ستين نوعا من النباتات أهمها أشجار بن القهوة والكاكاو وبعض من رحيق الزهور. هناك ما يربو على ثلاثين نوعا من أشجار بن القهوة. يشتهر منها نوعان يستخدمان عالميا لتحضير القهوة بأنواعها. النوع الأول هو أشجار البن العربى (Arabic Coffe) أما الثانى فيشار إليه بالروستا Robusta. النوع العربى أقل احتواء للكافيين بنسبة قد تصل إلى 30٪ من الروبتا. تحميض حبات البن وطريقة طحنها تتحكم فى نسبة الكافيين فى فنجان القهوة، حبات البن البنية الفاتحة تحمل قدرا أكبر من تلك الغامقة التى تلقت تحميصا لفترة أطول. يمارس الكافيين الكثير من الأنشطة المفيدة للجسم، فهو يحفز الجهاز العصبى لتثبيط الشعور بالجوع والشعور بالامتلاء. تناول القهوة فى بداية النهار لا تأثير له على النوم ليلا لكن تناول القهوة فى وقت متأخر من النهار قد يسبب الأرق أو على الأقل يقاوم النوم العميق، فهو يعاكس عمل بعض الهرمونات المسئولة عن الاسترخاء والنوم العميق مثل السيرتونين والدوبامين والنورادرينالين. الكافيين منبه للجهاز العصبى المركزى، لكنه لا يسبب إدمانا بل كثيرا ما يتردد الاسم تجاوزا. لا أثر له على الإنسان العادى أما الإنسان الذى تشير طبيعته لأنه قلق بطبعه أو لسبب آخر نفسى فإن المزيد من القهوة، وبالتالى الكافيين قد يتسبب بالفعل فى مظاهر القلق وارتفاع ضغط الدم وسرعة نبضات القلب. يبدو هذا بصورة أكبر لدى من يعانون من متاعب نفسية أو يتعرضون لنوبات الذعر panik altacks. تناول الكافيين مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بسرطان الكبد وتليفه وحدوث ندوب به. للكافيين أثر على الأدينوسين المسئول عن إنتاج ألياف الكولاجين التى تدخل فى بناء الأنسجة المتليفة التى تحل محل الخلايا الحية للكبد وتتسبب فى موتها. تناول الكافيين فى القهوة أيضا يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بحصوات المرارة وقد يعزى هذا لما يحدث من أثر بتحفيز الانقباضات فى المرارة وزيادة إفراز الكوليسيستوكينين ذلك الهرمون الذى يساهم فى هضم الدهون بسرعة أكبر. كيف يمكنك تقدير نسبة ما تتناوله يوميا من الكافيين فى أنواع القهوة المختلفة؟ - كوب من القهوة الأمريكية المفلترة يحتوى على 86 مليجراما من الكافيين. - فنجان من الأسبريسو 30 مليلتر يحتوى على 84 ميلجراما من الكافيين. - كوب من القهوة سريعة التحضير (نسكافيه) بحجم 240 مليلتر يحتوى على 62 ميلجراما من الكافيين. لا تتخيل أن أنواع القهوة التى يسجل عليها أنها خالية من الكافيين بالفعل يغيب فيها تماما! فهناك على الأقل ميلجرام أو إثنان على أقل تقدير فى الفنجان منها. الكثير من الأدوية تحتوى الكافيين مثل الكثير من مسكنات الألم، خاصة مسكنات أنواع الصداع غير المألوفة مثل الصداع النصفى الذى يلعب الكافيين دورا هاما فى تسكين آلامه المبرحة بتقليل اتساع الأوعية الدموية وتخفيف عوامل التهابها. يضاف أيضا لأدوية البرد والسعال لتخفيف الأعراض وحدة السعال. للكافيين آثار على الأدوية الأخرى التى قد يتناولها الإنسان معه فى آن واحد. قد يتسبب الكافيين فى تفتيت الأدوية الأمر الذى يقلل من فاعليتها ويتسبب فى إخراجها من الجسم بسرعة تنهى مفعولها. الكافيين هو سر نكهة القهوة وأصل فعل اعتدال المزاج لكنها بالفعل متعة يجب أن تكون محسوبة حتى لا يطغى المزاج على الصحة وأحوالها.
