محافظ أسيوط يتفقد المدارس في اليوم الأول من انطلاق العام الدراسي    قيادات جامعة قناة السويس تشارك طلاب كلية علوم الرياضة مراسم تحية العلم    جامعة حلوان تُعلن رفع بيانات طلاب المرحلة الثالثة والشهادات المعادلة على منظومة الكشف الطبي    ننشر حركة تداول السفن والحاويات والبضائع العامة في ميناء دمياط    روسيا اليوم: وفاة 13 طفلا بينهم 10 أجنة في مجمع ناصر الطبي جنوب غزة    وكيل "عربية النواب": مؤتمر حل الدولتين محطة تاريخية مهمة لبناء توافق دولي    بعد غد.. ملك الأردن يلقي خطابا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة    تصعيد دموي في غزة.. 40 شهيدًا مع استمرار غارات الاحتلال    شوبير: ياسين منصور يترشح على رئاسة الأهلي في حالة واحدة    فيديو.. الأرصاد: درجات الحرارة مستقرة على مدار الأسبوع    الداخلية تكشف ملابسات فيديو لشخص يفرض إتاوات ويتحرش بالفتيات بكفر الشيخ    تموين الأقصر.. ضبط 131 مخالفة تموينية متنوعة خلال 72 ساعة    العالم يشهد اليوم كسوفًا جزئيًا في الشمس| هل يظهر في مصر؟.. خبير يوضح    دعوى إبراهيم سعيد ضد طليقته للمطالبة بضم حضانة ابنتيه.. اليوم    تحقيقات واقعة سرقة إسورة المتحف المصري: المتهمة كسرت الفص ب زرادية لإخفاء أثريتها    الثلاثاء.. مؤتمر صحفي لإعلان تفاصيل الدورة ال41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي    انضمام محمد الشاعر لعضوية اللجنة العليا لمهرجان الغردقة لسينما الشباب    وائل جسار يعيش انتعاشة غنائية شتوية بين لندن وباريس والمغرب وأمريكا    قصر ثقافة بورسعيد كامل العدد في العرض المسرحي "حواديت"    مواقيت الصلاة في المنيا اليوم 21 سبتمبر 2025.. كيف تعرف أوقات الصلاة بدقة    أدعية مستحبة وقت كسوف الشمس.. ماذا كان يفعل الرسول والصحابة عند حدوث الظاهرة؟    رئيس هيئة الرعاية الصحية يتفقد مركز أورام المنيا    دواء إتانيرسيب لعلاج السكتة الدماغية: دراسة تكشف الحقيقة الكاملة    مجلس الوزراء: مدينة الدواء "جيبتو فارما" صرح قومى للأمان الدوائى واستثمار فى صحة المصريين    المؤسسة الخيرية لمصرف أبوظبي الإسلامي تفتتح مدرستين جديدتين في قنا والأقصر    وزير الصحة يبحث التعاون مع «نينغبو» للباثولوجيا الإكلينيكية بالصين    كتب ممنوعة (3) .. نقد كتاب.. الإسلام وأصول الحكم!    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 21 سبتمبر 2025    قبل لقاء أرسنال.. برناردو سيلفا: غريمنا الأكبر هو ليفربول    جيوكيريس: بعدما بدأت الاحتفال بتلك الطريقة سجلت مزيدا من الأهداف    وزير الاتصالات يبحث سبل تعزيز التعاون مع الشركات الأمريكية    توقيع مذكرة تفاهم بين الأكاديمية الوطنية للتدريب وكلية الخدمة المدنية السنغافورية    أمين الفتوى يوضح أوقات استجابة الدعاء    موعد أذان الظهر ليوم الأحد ودعاء النبي عند ختم الصلاة    شيكولاتة وبالونات وعلم مصر.. أجواء احتفالية ببداية العام الدراسي في بورسعيد - صور    محافظ بني سويف: هدفنا عام دراسي منضبط يرسخ الانتماء للوطن    النقل تطلق حملة "سلامتك تهمنا" للتوعية بالسلوكيات السلبية    انطلاق تجربة تسجيل الغياب إلكترونيًا في مدارس شبين الكوم بالمنوفية - صور    مصلحة الضرائب تسعى لإيجاد حلولًا متكاملة لدعم مجتمع الأعمال بالحزمة الثانية من التسهيلات    ب22 هدفًا.. ميسي هداف الدوري الأمريكي    الكرة الذهبية 2025.. لماذا يُترقّب محمد صلاح ودور ديمبلي؟    بالعمة والقفطان.. انتظام المعاهد الأزهرية في أول يوم دراسي بالقليوبية    لهذا السبب.. مي كمال الدين تتصدر تريند "جوجل"    محافظ الدقهلية يتفقد موقف قولنجيل بالمنصورة مع بداية العام الدراسي (صور)    تليجراف: بريطانيا تفرض عقوبات جديدة على حماس اليوم    مواعيد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025: كل ما تحتاج معرفته    ياسر ريان: حسام غالي "أخل بمبادئ الأهلي".. ولن يكون له دور الفترة المقبلة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 21 سبتمبر 2025    جدول مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة.. مانشستر سيتي وآرسنال    صعود جماعي لرأس المال السوقي وتباين في مؤشرات البورصة المصرية خلال الأسبوع الماضي    لم يزره أحدًا منذ أيام.. العثور على جثة متحللة لموظف في شقته بالبحيرة    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في عطلة الصاغة الأسبوعية الأحد 21 سبتمبر 2025    ترامب يهدد أفغانستان بعواقب "وخيمة " إذا رفضت تسليم قاعدة باغرام الجوية للولايات المتحدة    إياك وتداول الشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 21 سبتمبر    «هتفضل عندي أغلى من الياقوت».. مي كمال الدين توجه رسالة مؤثرة ل أحمد مكي    ترامب: أعتقد أننا توصلنا إلى إجابة بشأن التوحد وسأصدر إعلانا يوم الإثنين    منتخب مصر تحت 20 سنة يتفوق على نادي سان لويس التشيلي بخماسية استعدادًا لمونديال الشباب    حسام الغمري: خبرة بريطانيا التاريخية توظف الإخوان لخدمة المخططات الغربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيطان الذى فى التفاصيل
نشر في الشروق الجديد يوم 30 - 01 - 2010

يبدو أننا فى موسم العناوين الكبيرة، فقبل أيام قليلة أطلق الرئيس حسنى مبارك دعوته إلى ضرورة تبنى «خطاب دينى مستنير» وترسيخ قيمة «المواطنة»، حين تطرق إلى الأحداث الطائفية التى وقعت مؤخرا فى «نجع حمادى»، كما تحدث عن موضوع «الأمن القومى» لمصر باعتباره مسئولية أولى له، فى سياق إشارته إلى موضوع السور الفولاذى والأنفاق المقامة بين قطاع غزة وسيناء. وهو الملف الذى ثار حوله لغط كثير طوال الأسابيع الأخيرة، ترددت خلاله عناوين أخرى مثل «تأمين الحدود» و«السيادة الوطنية»، ولم يخل الأمر من تراشق اتهم فيه الناقدون لاشتراك مصر فى محاصرة قطاع غزة والضغط لإسقاط حكومة حماس هناك بأنهم دعاة «الدولة الدينية» الذين يهددون «المجتمع المدنى»، وفى ثنايا ذلك السجال، قال نفر من المعلقين إن الإشكال الفلسطينى الفلسطينى يمكن حله «فى خمس دقائق»، كما قال أحد الخبراء فى أحد البرامج التى بثها التليفزيون المصرى، وهذا الحل السحرى تلخصه كلمة واحدة هى: «المصالحة».
مشكلة هذه العناوين أنها فضفاضة يحيث يتعذر الاختلاف معها. فلا أحد يمكن أن يعترض على الخطاب الدينى المستنير أو المواطنة. ولا يقبل أحد بتهديد الأمن القومى للبلد أو المساس بالسيادة، وبالمثل فإن أحدا لا يمكن أن يتردد فى تأمين الحدود أو المصالحة. كما لا يمكن أن يقبل بفكرة الدولة الدينية أو يتشكك فى أهمية وحيوية دور المجتمع المدنى.. إلخ. ولأنها فضفاضة فإن كل عنوان منها يمكن أن يحمل بأكثر من وجه. بل إنها تتسع بحيث يمكن أن تؤول على معنيين أحدهما يتناقض مع الآخر وذلك مصدر للخطورة فيها.
خذ مثلا مصطلح الخطاب الدينى المستنير، الذى هو أكثر العناوين شيوعا بين المثقفين، فالبعض يفهمه بحسبانه دعوة للتوسع فى الاجتهاد الذى يلبى متطلبات التوافق مع نوازل العصر ومستجداته، بما لا يتعارض مع تعاليم الدين وثوابته، وهو عند آخرين خصم من الدين ورفض بعض أحكامه من خلال فصل الدين عن السياسة، وهو عند فريق ثالث انخلاع من الدين بالكلية، بحجة أنه يدفع الناس إلى التعلق بالغيبيات والخرافات التى تتعارض مع فكرة التنوير. والحاصل فى محيطنا الثقافى أن كل الذين دعوا إلى التفلت من الدين أو الانخلاع منه لم يقل أحد إنه ضد الدين، ولكنهم جميعا تحدثوا عن ذلك التدين المستنير.
هذا الذى يقال بشأن الخطاب الدينى المستنير ينطبق على كل العناوين الأخرى، الأمر الذى يعنى العبرة بالتفاصيل، لأن الشيطان يكمن فى تلك التفاصيل كما يقول المثل الإنجليزى. ذلك أن الأهداف الشريرة كلها غلفت بعناوين رقيقة وجذابة. والأشرار كانوا ولايزالون من أبرع الناس فى صياغة المفردات الناعمة، فالاستعمار مصطلح ظاهره البراءة والسعى إلى الإعمار. والاستيطان دعوة إلى تسكين أناس لا مأوى لهم، ونحن أكثر من يدرك أن سلسلة من الشرور والجرائم التاريخية ارتكبت باسم هذين العنوانين.
وفيما نحن بصدده، وجدنا أن مصطلحى الأمن القومى والسيادة استخدما لإحكام الحصار حول الفلسطينيين فى غزة، دون التدقيق فيما إذا كان هناك تهديد أمنى حقيقى وعدوان على السيادة أم لا ودون مراعاة لخصوصية وضع أهل القطاع تحت الحصار منذ ثلاث سنوات، فى حين تم السكوت عنها حينما تكرر انتهاك إسرائيل للسيادة على الحدود من خلال القصف الجوى الذى يتم بدعوى تدمير الأنفاق، كما أن مصطلح الدولة المدنية طرح ليكون غطاء للتحلل من الانتماء الإسلامى، الذى وصم بأنه استحضار لفكرة الدولة الدينية التى لا وجود لها أصلا فى الواقع.
ينسحب ذلك أيضا على فكرة المصالحة، لأن كثيرين يرددون العنوان دون أن يسأل أحد عن تفاصيل تلك المصالحة وبنودها. مما يغيب حقيقة أنها تمرر التنسيق الأمنى مع إسرائيل.
وتطالب حركة حماس بالخضوع لشروط الرباعية التى فى مقدمتها إنهاء المقاومة ونبذها.
إن مثل تلك العناوين الكبيرة ينبغى أن تستقبل بما تستحقه من حذر، بحيث لا تؤيد إلا بعد التدقيق فيما تبطنه من ألغام وفخاخ، وإذا كان إطلاق أى واحد منها يجيب عن السؤال ماذا؟ فإن الحفاوة بها لا تتم إلا بعد الرد على الايجابى على الأسئلة الأخرى، التى فى مقدمتها كيف ومن ولماذا ومتى، لأن تلك هى الوسيلة الوحيدة للتعرف على مكامن الشيطان ومظانه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.