انتهى اللقاء بين المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل والرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم الجمعة بخلافات في وجهات النظر الفلسطينية الأمريكية كما حدث الليلة السابقة مع الإسرائيليين، ما يعزز أجواء التشاؤم حول إمكانية استئناف مفاوضات السلام المجمدة منذ أكثر من سنة. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات بعد اللقاء الذي استغرق ثلاث ساعات في مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله "لا زال هناك خلاف في وجهات النظر بيننا وبين الإدارة الأمريكية حول استئناف المفاوضات". وألمح عريقات إلى تعرض السلطة الفلسطينية ورئيسها عباس لضغوط أمريكية، مشيرا إلى أن "الجانب الأمريكي يريد استئناف المفاوضات الآن وبدون وقف تام للاستيطان". وقال عريقات أن الرئيس عباس أوضح لميتشل أن الذي يمنع المفاوضات هو "إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي على عدم وقف الاستيطان بشكل كامل وخاصة في القدس وإصراره على تحديد نتائج المفاوضات قبل بدئها من خلال ضم مناطق في غور الأردن ومناطق أخرى في الضفة الغربية". لكن عريقات شدد في الوقت عينه على أن الخلافات بين الجانبين لا ترتقي إلى مستوى الأزمة، موضحا في هذا الصدد انه "لا يوجد مشكلة مع الإدارة الأمريكية إنما المشكلة مع إسرائيل التي تعرقل استئناف المفاوضات وتضع شروطا كل يوم لعرقلتها". ولم يدل ميتشل الذي يغادر المنطقة السبت، بأي تصريحات. وفي أجواء التشاؤم المخيمة على فرص استئناف المفاوضات، قال الرئيس الأمريكي باراك اوباما في مقابلة نشرتها مجلة "تايم" الأمريكية في عددها الصادر الخميس، "أعتقد أننا بالغنا في تقدير قدرتنا على إقناعهم (الإسرائيليون والفلسطينيون)" على استئناف مفاوضات السلام. وأضاف "إنها قضية معقدة"، وتابع أن الإسرائيليين والفلسطينيين وجدوا أن "البيئة السياسية وطبيعة التحالفات أو الانقسامات داخل مجتمعاتهم بلغت درجة جعلت من الصعب عليهم البدء في حوار مفيد". وقال "اعتقد أنه من الصحيح تماما أننا لم نتمكن من تحقيق الانفراج الذي كنا نرغب به" مضيفا أنه لو أن إدارته توقعت الصعوبات السياسية في الجانبين "لما رفعت التوقعات إلى هذه الدرجة". وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينه إن جولة ميتشل الأخيرة في المنطقة "رغم أهميتها لم تحدث اختراقا ولا يوجد حتى هذه اللحظة اتفاق على استئناف المفاوضات". وأعلن أن ميتشل "سيلتقي نتانياهو مرة أخرى غدا قبل أن يغادر المنطقة وسيبلغنا بنتائج اللقاء". وفي الجانب الإسرائيلي، صرح وزير طلب عدم ذكر اسمه لصحيفة "هآرتس" أن "فرص استئناف عملية السلام ضئيلة"، معتبرا أن مهمة ميتشل -الذي التقى نتنياهو مساء الخميس دون أن يتم الإعلان عن أي تقدم- محكومة بالفشل. وفي بيان صادر عن مكتبه قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مساء يوم الجمعة أن "إسرائيل لا تضع أي شروط لاستئناف المفاوضات. الفلسطينيون ينسفون ذلك بوضع شروط لم يفرضوها على أي حكومة إسرائيلية من قبل". ولا تزال مواقف الجانبين متباعدة تماما حول الملفات الرئيسية، مثل حدود الدولة الفلسطينية، والاستيطان الإسرائيلي، والقدسالشرقية، واللاجئين. ولم تقبل السلطة الفلسطينية باستئناف المفاوضات بعد إعلان إسرائيل عن تجميد مؤقت وجزئي للاستيطان لعشرة أشهر من دون أن يشمل القدسالشرقيةالمحتلة. وقبيل وصول ميتشل الذي استهل جولته في المنطقة بزيارة بيروت ودمشق، نشب خلاف بين الجانبين بشأن حدود الدولة المقبلة، عندما أعلن نتانياهو أن إسرائيل ستبقى متواجدة امنيا على طول الحدود الشرقية لهذه الدولة المفترضة في المنطقة المحاذية للأردن، بهدف منع إدخال الأسلحة. ورفض الفلسطينيون على الفور هذه التصريحات، مؤكدين أن إسرائيل "تضع مزيدا من العراقيل" أمام استئناف المفاوضات. ويطالب الفلسطينيون بأن تقوم دولتهم ضمن الحدود التي كانت قائمة قبل حرب يونيو 1967 التي احتلت إسرائيل خلالها الضفة الغربية وقطاع غزة، وأن تكون القدسالشرقية عاصمة لها. وفي إطار الجهود الرامية إلى استئناف عملية السلام يقوم الرئيس عباس ابتداء من يوم الاثنين بجولة أوروبية تشمل كل من روسيا وبريطانيا وألمانيا ، حسب ما أعلن أبو ردينة بعيد مغادرة ميتشل لرام الله.