الطلاق هو أبغض الحلال وكما يترك آثاره السيئة على كل من الزوج والزوجة فإن الأطفال أيضا يعانون بل إن الدراسات أثبتت أن المراهقين، هم الأكثر تأثرا بانفصال أبويهم خاصة إذا تم الطلاق فى سنوات المراهقة الأولى، حيث يتعرضون للعديد من الاضطرابات النفسية والفسيولوجية، التى تؤثر على سلوكهم وحالتهم النفسية ويتضاعف الأمر بمرورهم بمشكلة انفصال والديهم لتضاعف حاجتهم لكل من الطرفين فى هذه السن. كيف يواجه المراهق هذه الأزمة؟ البعض يرفض الشعور بتحمل المسئولية وينغمس فى مرحلة الطفولة، التى لم يترك أعقابها بعد بينما يميل البعض الآخر، وهى الفئة الغالبة للإحساس بأنه قد كبر فجأة، وأن عليه أعباء كثيرة تجعله يتعامل مع الأمور بمنطق يفوق سنه. د.ستيفان كليرجيه طبيب الأمراض النفسية الفرنسى يلقى الضوء على كيفية التعامل مع المراهق فى هذه المرحلة وضرورة تجنب التلفظ ببعض العبارات، التى تجرح حساسيته المرهفه فى هذه السن. لا تقولى له: «إنت أحد أسباب طلاقى» إذا كانت مرحلة المراهقة تترك آثارها على المراهق فهى تؤثر أيضا بمشكلاتها على العلاقة بين الأبوين خاصة فى مواجهة هذا المشكلات. وقد تشتد الصراعات بين كلا الطرفين فى اتباع أسلوب التربية الذى يراه كل طرف مناسب لكن لا نستطيع القول إن اختلاف الرأى بين الأبوين هو السبب فى الطلاق، فالطلاق يأتى بسبب ضعف الأسس، التى يقوم عليها هذا الزواج مما يجعله ينهار فى أى وقت مع تزايد المشكلات. لاتحملى ابنك فوق طاقته، فالذنب ليس ذنبه فى النهاية ولا تحاولى التنصل من مسئوليتك على حساب حالته النفسية وتوازنه النفسى. عليكى أن تكونى سندا قويا له حتى لا تهتز ثقته بنفسه وبالحياة الأسرية. «إنت الآن رجل البيت» افتقاد الأم لوجود الرجل فى حياتها يجعلها بتحث عن تعويض ذلك فى الأبناء. وهذا الخطأ الكبير لا ينبغى الوقوع فيه نعم هو كبير ويستطيع تولى أموره بنفسه إلى حد كبير ولكن لا تعطيه دور الأب خاصة فيما يتعلق بفرض سيطرته على الأخوة الأصغر سنا. طفلك الكبير ما زال ينتمى لعالم الطفولة حتى لو كان الأكبر سنا فلا تدفعيه لعالم الكبار بدون مبرر وإلا سيأتى عليه يوما يتنصل من مسئولياته، ويرتد إلى السن التى لم يستطع أن يعيشه يوما، ويلقى بكل الأعباء الملقاة على كاهله، والتى يكون قد حملها قبل الأوان. «لن نقول شيئا لأبيك» إن انفصال الأبوين لا يعنى انفراد طرف دون آخر بتربية الأبناء ولكن لابد من احترام كل منهما للآخر وألا يغفل دوره المهم فى التربية. فحين يشعر الأبناء بعدم وجود الرقابة اللازمة عليهم سيمارسون حريتهم بطريقة خاطئة ويحاولون استغلال الموقف لصالحهم. حاولى الاحتفاظ بالعلاقة الطيبة بينكما، فالطلاق ليس نهاية العالم فما زال بينكما رباط من العشرة والأولاد التى يسعى كل منكم للوصول بهم لبر الأمان. «إنت صورة طبق الأصل من أبيك» قد تقول الأم هذه العبارة على سبيل التوبيخ حين تظهر بعض السلبيات فى شخصية الأبناء مما يجعله يشعر بأن أمه لا تحبه بالقدر الكاف. فهى إن كانت قد انفصلت عن أبيه بسبب هذا السلوك أو غيره فهذا إنما يعنى أنها سوف تتخلى عنه يوما لأنه يحمل نفس صفات ابيه وهذا أيضا يجعله يميل لطرف دون الآخر ويشعر بأن هذا الطرف هو الذى تعرض للظلم من الطرف الآخر. يمكنك استغلال الجملة بصورة إيجابية إذا قلتيها له فى السلوك الإيجابى عندئذ سيشعر بالفخر لانتمائه لأبيه برغم بعد المسافة بينهما. «أين إنت؟ متى ستعود؟ لا تتركنى فريسة القلق» بعد الطلاق تنصب اهتمامات الأم على وجه الخصوص على الأبناء لتعويض ما فقدته من حياة ويزداد قلقها من فقد الأبناء سواء بانشغالهم بالحياة أو بتعرضهم للمخاطر. كما أن رغبة الأم فى إجادة الدور الذى تقوم به حتى تضمن سلامة أبنائها يجعلها تحيطهم بهالة من الاهتمام الزائد تجعلهم أكثر اضطرابا. وينتهى الأمر لأحد اثنين، إما يتقوقع الولد داخل عالم الأم خوفا من زيادة قلقها وحرصا على راحتها أو يصيبه العناد ويضع نفسه دائما عرضة للمخاطر ليثبت لها أنه لم يعد صغيرا.