بعد تسريب امتحان اللغة العربية بالثانوية العامة.. السجن والغرامة تلاحق المتورطين    لطلاب الشهادة الإعدادية.. تنويه مهم بشأن التقديم بالمدارس الثانوية الفنية    العربى الناصرى: 30 يونيو ثورة تصدت لإرهاب الإخوان وأنقدت مصر من الحرب الأهلية    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 22 يونيو 2024    أسعار الدواجن اليوم السبت 22 يونيو 2024.. الفراخ البيضاء 85 جنيهًا    طلب إحاطة بشأن تراجع إنتاج حقل ظهر وتأثيره على انقطاع الكهرباء    الجيش الإسرائيلي: ننفذ عمليات في مدينة قلقيلية في الضفة بعد مقتل إسرائيلي بهجوم    كوبا تنضم لدعوى جنوب إفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي    امتحانات الثانوية العامة فى غزة بلا طلاب.. الحرب الإسرائيلية على القطاع تحرم 39 ألف طالب من التعليم.. العدوان يدمر نحو 430 من الأبنية التعليمية فى المدينة.. الاحتلال يمنع نحو 800 ألف فلسطينى من الحق فى التعليم    بعد عام ونصف من رحيل أسطورة البرازيل.. وفاة والدة بيليه عن عمر 101 عام    54.3 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحان الثانوية العامة في مادة اللغة العربية بالإسكندرية    انتظام طلاب الثانوية العامة بالوادي الجديد في 11 لجنة لأداء امتحان اللغة العربية    انتشال جثة غريق من الرياح البحيري بمنشأة القناطر    موسم الحج.. مخاوف من وفاة ما يزيد على 1000 شخص بسبب موجة الحر    بتهمة الفسق والفجور.. بعد قليل الحكم على كروان مشاكل وإنجي حمادة    تركي آل الشيخ يرد على المشككين في إيرادات «ولاد رزق 3» القياسية .. ماذا قال؟    مدفعية الاحتلال تستهدف المناطق الوسطى من مدينة رفح الفلسطينية    نقيب الممثلين: فنانون فلسطينيون يشاركون قريبا في أعمال مصرية    تغريدة منسوبة لتامر عاشور تثير جدلا.. ما علاقة شيرين عبد الوهاب؟    حكم زيارة قبر الوالدين كل جمعة وقراءة القرآن لهما.. الإفتاء تكشف    ينهي حياة أبن شقيقة لخلاف على سور وحجرة بالدقهلية    صحة الدقهلية: تدريب مشرفي اللجان الطبية للتعامل مع الحالات الطارئة خلال الامتحانات    "الصحة": تنفيذ 45 برنامجا تدريبيا لرفع كفاءة وتأهيل 1490 صيدلي في 12 محافظة    جامعة القاهرة تخصص 2.5 مليون جنيه لتطوير مركز الدراسات الشرقية    طريقة عمل الجاتوه شاتوه، زي الجاهز وأوفر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-6-2024    كاف يعلن تلقيه عروضا لاستضافة السوبر الأفريقي    وكيل الصحة: مستشفيات مطروح حققت أعلى درجات الجاهزية والاستعداد خلال عيد الأضحى    العاصفة الاستوائية ألبرتو تقتل 4 أشخاص على الأقل في المكسيك    نقيب البيطريين يكشف تفاصيل الأوضاع داخل النقابة بعد توليه المقعد (تفاصيل)    لأول مرة| دراسة ل«القومي للبحوث» تبحث في شخصية المجرم.. خاطف الأطفال    تعرف على متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط» اليوم    يورو 2024| التشكيل المتوقع لمنتخب التشيك أمام جورجيا في بطولة الأمم الأوروبية    تراجع سعر الفراخ.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم السبت 22 يونيو 2024    لوبان: ماكرون سيضطر إلى الاستقالة من أجل الخروج من الأزمة    نوران جوهر تتأهل إلى نهائى بطولة العظماء الثمانية للاسكواش    الخارجية السودانية تصدر بيانا بشأن الأزمة مع الإمارات.. ماذا حدث؟    الجامعات التكنولوجية تستعد لتخريج الدفعة الثانية    البرتغال وتركيا.. مواجهة مشتعلة على التأهل المبكر في يورو 2024    كلب مفترس يعقر 12 شخصا بقرية الرئيسية في قنا    دار الإفتاء تكشف حكم قراءة المرأة القرآن بدون حجاب    التعادل يحسم مباراة هولندا وفرنسا في يورو 2024    فوق ال 7 من 10.. «رابطة الأندية» تكشف مفاجأة بشأن تقييم بيريرا لحكام مباراة الزمالك والمصري    تُلعب فجر السبت.. القنوات الناقلة لمباراة تشيلي وبيرو في كوبا أمريكا 2024    مفتي الجمهورية: عماد عملية الفتوى الإجابة عن 4 تساؤلات    قتيلان ومصابون إثر إطلاق نار بولاية أركنساس الأمريكية    الحجر الزراعي يواصل إجراءات فحص الرسائل الواردة من القمح في الموانئ    بعد تعرضها لوعكة صحية.. نقل لقاء سويدان إلى المستشفى    عمرو دنقل: رحلة فرج فودة الفكرية مصدر إلهامي لانطلاق روايتي "فيلا القاضي" المؤهلة لجائزة طه حسين    أخبار اليوم الأسبوعي| حقائب التحدى ومفاجأة الأعلى للجامعات والجمهورية الجديدة    عضو لجنة العمرة يكشف مفاجأة بشأن وفيات الحجاج المصريين هذا العام (فيديو)    انخفاض سعر السبيكة الذهب اليوم واستقرار عيار 21 الآن بمستهل تعاملات السبت 22 يونيو 2024    دعاء الثانوية العامة مكتوب.. أفضل 10 أدعية مستجابة عند الدخول إلى لجنة الامتحان    لأول مرة.. مشاريع تخرج قسم الإذاعة والتليفزيون ب «إعلام القاهرة» تحظى برعاية 5 وزارات    إيمي سمير غانم ضيفة حسن الرداد في «الليلة دوب».. تعرف على الموعد (صور)    تنسيق الثانوية العامة 2024 محافظة القليوبية المرحلة الثانية المتوقع    التعاون الإسلامي: اعتراف أرمينيا بدولة فلسطين ينسجم مع القانون الدولي    أخبار × 24 ساعة.. التعليم لطلاب الثانوية: لا تنساقوا خلف صفحات الغش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«رابطة كارهي سليم العشي».. سرديات روائية ممزوجة بالغرائبيات
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 10 - 2021

سامح الجباس يقدم إطلالة على عالم الدكتور داهش المثير للجدل
«لن تستطيع أن تفرق بين الحقيقة والخيال فى هذه الرواية».. بهذه الكلمات الصادمة نجد أنفسنا وسط عالم من الغرائبيات الممزوجة بالأحاديث الأدبية، حيث يطوف بنا الكاتب والروائى سامح الجباس، فى مؤلفه «رابطة كارهى سليم العشى» ويكشف لنا العديد من الجوانب الغامضة للشخصية المثيرة للجدل، سليم موسى العشى المعروف بدكتور«داهش».
«حدث لى أمر ما لم يكن مصرحا لى بالكتابة عنه والآن زال هذا العائق أعرف أن ما سأحكيه ربما يثير جدلا كبيرا لكن لابد لى من البوح فليصدقنى أو يكذبنى من يريد»، هكذا استدرج الجباس قارئه ليغوص معه فى نصوصه واستنتاجاته الغريبة قدر غرابة الدكتور داهش.
المؤلف سامح الجباس، هو طبيب، وكاتب، ومترجم من مواليد بورسعيد، وقد نسج سبعة فصول كاملة عن «سليم موسى العشى»، الشخصية اللبنانية شديدة الغرابة والتفرد، والتى تحيط به مجموعة من الألغاز والأسرار الخاصة باعتناقات عقائدية، وممارسات خارقة للطبيعة، الأمر الذى وضعنا أمام نصوص أدبية ذات طبيعة خاصة، من خلال شهادات بعض مريدينه ومنهم أسرة مارى حداد وبناتها وزوجها.
لم يجزم لنا الجباس خلال فصول روايته إذا كانت هذه الشهادات هى شهادات حقيقية أم نسجها خياله الإبداعى فهو تعمد أن يدفع القارئ إلى البحث والاستقصاء وربما استفزازه لكى يتعقب مسار شخصيته الجدلية حيث تعمد الجباس الخلط بين الحقيقة والخيال، ولم يلزم الكاتب نفسه بالتصريح أنه فى صدد تقديم تاريخ بصحة الوقائع وحقيقة الأشخاص والأحداث.
استطاع الجباس أن يقدم لنا شخصية تاريخية، فى قالب فنى روائى، فيذهب بنا إلى رحلة من الإمتاع والإثارة الفنية، يأخذ الكاتب بيد القارئ ليبدأ معه رحلة، ويجعله يتوحد معه خلال مسارات البحث والحيرة والغموض، فيخلق نوعا من المشاركة والتفاعل بينهم.
♦ رسالة غامضة
«فى ذلك اليوم العاشر من يناير فتحت بريدى الإلكترونى بلا حماس فوجئت برسالة من بريد الكترونى لا أعرفه ولا أستطيع ذكره هنا.. السيد سامح نحن مركز ثقافى فى نييويورك تابعنا باهتمام رواياتك لذلك وقع اختيارنا عليك لمنحة كتابة رواية».
وردت العبارة السابقة على لسان راوى العمل واسمه «سامح» حيث وقع عليه الاختيار من جهة ما لكى يكتب رواية عن دكتور داهش، وأن يسافر إلى بيروت للإقامة ويزور الأماكن التى عاش بها، ويعيش فترة معايشة ومحاكاة لكل ما مر به دكتور داهش.
اعتمدت نصوص تلك الرواية على استثمار الظواهر الفيزيائية العجيبة التى اقترنت باسم سليم العشى، للدرجة التى نجد فيها وعاء لغوبا ثريا يربط بين الدكتور داهش وعدد من المدركات غير العقلانية فنجد أنفسنا أما شخصيات قد آمنت بالرجل وأطروحاته العجيبة.
ويتضح من خلال الرواية مجهود بحثى ضخم قام به الجباس حول صاحب العقيدة الداهشية مستعينا بخطاب سردى حافل بالمفاجآت.
♦ أيقونة غرائبية
يعرض الجباس شخصية «دكتور داهش» التى تبنت العقيدة الداهشية وهى عقيدة روحية قامت بتوحيد جميع الأديان السماوية وغير السماوية ليخلق منها منهجا جديدا بأفكار وقواعد تجذب وربما تسحر كل من يتلقاها، لن نذهب بعيدا، فمؤسس العقيدة الداهشية الذى ولد فى بيت لحم عام 1909، وتوفى فى أحد مستشفيات نيويورك عام 1984م، كان قد عرف فى أوساط بيت لحم بكونه ساحرا بالفعل.
وبعد رحيل والده، عاش فترة من حياته فى ميتم، أمضى بضعة أشهر قليلة فى مدرسته، ولم يكمل «العشى» تعليمه، ومع ذلك فقد استطاع أن يؤلف ما يقارب من 150 كتابا، تناولت مختلف الموضوعات الأدبية والفكرية، ومن أشهرهم «ضجعة الموت» وضمت مكتبته الخاصة فيما يقارب ربع مليون كتاب.
قد نجد بعض التناقضات فى فصول الرواية من شهادات عن لماذا تمت تسميته بدكتور «داهش»، يوضح لنا الجباس خلال فصول الرواية أنه تم إطلاق لقب «داهش» بدلا من سليم، يرجع لعدة أسباب أولها من كثرة ما قام من أعمال تدهش الناس، بمعجزاته وخوارقه الروحانية، وثانيها هو انه قد أُلهم الفتى سنة 1929م بأنه يجب أن يغير اسمه ويتخذ، وذلك يجرى من خلال إجراء قرعة، فأخبر تلاميذه بذلك؛ فعمدوا إلى كتابة أسماء كثيرة على قصاصاتٍ من الورق، وخلطوها، واختار سليم منها واحدة، فإذا فيها اسمُ «داهش».
♦ معجزات خارقة
يذكر الجباس، أن جمعية المباحث النفسية الفرنسية قامت باستضافته بعدما ذاع صيته، فسافر إليها، وطلبوا منه أن يعرض لهم معجزة من معجزاته، فطلب منهم وضعه فى صندوق، ويحكم إغلاقه، ويدفن فى قعر نهر السين، سبعة أيام تحت الحراسة المُشددة، وبعدما مضى 7 أيام وأمام 150 شاهدا، رفعوا غطاء الصندوق ليجدوا الجثمان القابع يتحرك، والوجه يبتسم، وبعد هذه المعجزة المذهلة، منح «داهش» شهادة العلوم النفسية، ثم شهادة الدكتوراه منْ قبل معهد «ساج» الإنجليزى فى باريس.
♦ شهادات المريدين
«منذ عامين فقط عرفته فتغيرت حياتى تماما.. حكت لى أمى مارى حداد عن طفولته حكاية لا أنساها.. كنت فتاة صغيرة فى ذلك الوقت لكنى كنت أدرك أن الحياة قد تغيرت تماما منذ أن آمنت أسرتنا برسالة الدكتور داهش».
يعرض لنا الكاتب سامح جباس شهادة أحد أتباعه وأنصاره وهى «ماجدا حداد»، التى آمنت أسرتها برسالة الدكتور داهش وكان لإيمانهم ضجة كبرى فى جميع الأوساط وعقيدته وخروجهم عن الكنيسة الكاثوليكية، بحسب ما ذكره الجباس.
كما يعرض لنا شهادة يوسف الحاج، والذى وفقا لما ذكره الجباس، كان يؤمن بدكتور داهش واصفا إياه بأنه مغمور بفيض سماوى عجيب وأن روحه أخذت تسمو فوق جميع الأقطاب الروحانية.
♦ تقمص الأرواح
«انا أؤمن بأنه توجد عدالة سماوية، وأن جميع ما يصيبنا فى الحياة الدنيا من منغصات، ما هو إلا جزاء وفاقا لما اجترحناه فى أدوارنا السابقة من آثام وشرور، ولهذا يجب علينا ان نستقبل كل ما يحل بنا من آلام الحياة ومآسيها غير متبرمين ولا متذمرين، بل قانعون بعدالة السماء ونظمها السامية».
أسس المذهب الداهشى أو الداهشية عام 1942 وهى عقيدة جديدة هدفها التقريب بين كل الأديان التوحيدية وغير السماوية أيضا، وتقوم على مبدأ تقمص الأرواح.
ويكشف لنا الكاتب سامح الجباس، أنه بحسب مذهب الداهشية فإن حلول الروح أو تناسخها هو معتقد بأن لشخص الواحد أكثر من حياة وأن روح الشخص تحل فى أجسام مختلفة، وذلك ما كان يستطيع دكتور داهش إثباته.
♦ داهش فى مصر
«وصل إلى مصر الدكتور داهش، المنوم المغناطيسى والعالم الروحانى وهو الذى أدهش العلماء بواسطة وسيطه «انتوانيت» يقرأ افكار الناس ويعلم ما يجول بخاطرهم، ويقرأ الخطابات المقبلة ويخبرهم عن أحوال الغائبين والتائهين وعن أحوال التجارة والزواج والسفر ونتائج القضايا، سواء عن الماضى والحاضر والمستقبل، كل ذلك ببراهن علمية ثابتة»، كان ذلك إعلان فى مجلة الصرخة التى تصدر تحت اشراف روزاليوسف ومحمد التابعى مجلة الصرخة نفس العدد صفحة رقم 24.
تكررت زيارة دكتور داهش إلى مصر أكثر من مرة، وبحسب استنتاجات الجباس خلال الرواية، فإن تأثير خفى قد امتد من الدكتور داهش إلى عدد كبير من الكتاب والادباء فى مصر ممن احتوت اعمالهم بشكل غريب على أفكار وتيمات أساسية كان يروج لها دكتور داهش.
ويذهب الجباس إلى أن سمة ارتباط واضح بين قصة نجيب محفوظ «السماء السابعة»، والافكار التى روج لها الدكتور داهش، وأيضا الأديب توفيق الحكيم الذى كتب عن فكرة التقمص وهى من أساس الذهب الداهشى.
وبقدر غرابة الرواية والشخصية التى ركزت عليها، تضم مجموعة من الأسئلة الغريبة الذى يترك اجابتها إلى ذهن القارئ ومخيلته ومقدار ما سيقوم به من البحث والتقصى، هل الحياة التى نعرفها هى الحقيقة المطلقة، والأهم كيف نقترب من فهم تلك الحياة، وهل يلزم أن نقضى فصولا طويلة من عمرنا لتأمل النور الذى يبين لنا الطريق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.