الناقد خالد محمود: العديد من الشخصيات في الدراما تستخدم التدخين بصورة "أوفر" لضعف المخرج أمام رغبات المنتج ونجوم العمل عُقدت أمس الأربعاء بأحد فنادق القاهرة، ندوة أعدتها منظمة الصحة العالمية وجمعية مكافحة التدخين لمناقشة دور الإعلام والدراما فى مكافحة التبغ في مصر، وانتهاكات الدراما فيما يخص الترويج والإعلان لمنتجات التبغ وجهود وزارة الصحة في مكافحة هذه الظاهرة وكيف يمكن للإعلام والدراما أن تسهم بشكل إيجابي وفعال في مكافحة التبغ بمختلف منتجاته. شارك في الندوة نخبة من الفنانين والنقاد على رأسهم المخرج الكبير محمد فاضل والفنانين نهال عنبر ومحمد أبو داوود وطارق دسوقي وكاتب السيناريو أيمن سلامة والنقاد حنان ابو الضياء وخالد محمود، ومن منظمة الصحة العالمية الدكتورة راندا أبو النجا، مسئول الأمراض غير السارية والصحة النفسية، كما شاركت عبر الفيديو كونفرانس الدكتورة نعيمة القصير ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر، وأدار الندوة الدكتور ابراهيم الكرداني. في البداية قال المخرج الكبير محمد فاضل، إن مشاهد التدخين في مسلسلات رمضان لا تقل عن الأوبئة التي يتعرض لها المجتمع، مشيرًا إلى أنه لابد أن تكون رسائل الدراما رسالة إيجابية وتهدف على مساعدة الانسان في الحياة. وأضاف فاضل، أن الندوة التي أعدتها منظمة الصحة العالمية وجمعية مكافحة التدخين لمناقشة مكافحة التبغ في مصر، تتناول قضية خطيرة منذ عشرات السنين، وان الدراسة التي رصدت نسب التدخين في رمضان في درما رمضان 2021 لابد من التركيز عليها اعلاميًا لمحاصرة هذه الظاهرة والحد منها وصولا الى منعها تماما. وأكد المخرج الكبير، أن الدراما التلفزيونية تعد قوة ضاربة مؤثرة لأن الفيلم أو المسرحية الشخص يذهب إليهم على عكس الدراما التلفزيونية التي تصل إلى جميع البيوت على شاشات التلفزيون، لذلك فأن الدرما التلفزيونية تلعب دورا خطيرا. وكشف فاضل، أنه في مسلسل "للعدالة وجوة كثيرة" الذى اخرجه عام 2000 بطولة يحيي الفخراني أتفقت أننا لن نقدم شخصية مدخنة، حتى ديكور المقهى قمنا بتعليق لافتات تشير إلى منع التدخين، وفي النهاية نجح المسلسل بدون أي تأثير، وأن عدم تدخين البطل لم يؤثر على العمل. وأكد المخرج الكبير، أن وزير الإعلام الراحل صفوت الشريف كان قد اصدر قرارا بمنع ظهور التدخين في الدراما وإذا احتاج مخرج أن يظهر ممثل يدخن كان لابد أن يحصل على تصريح. وقال فاضل، إن الأفلام القديمة كان غالبا ماتجظ فيها ديكور "بار"وكان البطل لو حدثت له أي مشكلة يذهب للبار ويأخذ كأس وسيجارة والان ديكور البار غير موجود ولم يؤثر على السياق، وأنه تم منع التدخين في الطائرات والمطارات والعديد من الأماكن ولم يحدث شيء. وأكد فاضل، أنه لابد أن يراعي الفنان ان الدراما عنصر أساسي في المجتمع ومراعاة التطورات، وأن الدراما لا تنقل الواقع بل تعمل إعادة صياغة للواقع وتستعملها في رسائل جديدة تدفع المجتمع للأمام وهذا يعد دور رئيسي للفن والدارما على وجه الخصوص. من جانبها، شددت الدكتورة راندا أبوالنجا مسئول الأمراض غير السارية والصحة النفسية بمنظمة الصحة العالمية، على أهمية مكافحة التبغ والاثار الصحية والاقتصادية المدمرة لاستهلاك التبغ، مشيرة إلى أن التبغ يكلف المصريين 90 مليار جنيه كل عام أي ما يعادل 2,1% من الناتج المحلي الاجمالي. وقالت راندا الو النجا إن الاستثمار الآن في تدابير مكافحة التبغ سيوفر أكثر من 249 مليار جنيه مصري، وأن التبغ المسخن من الانواع المستحدثه الآن والتى تزعم الشركات المنتجة انه اقل ضرر على أساس أنه يسخن ولا يحرق، وهذا الكلام غير حقيقي لانه يحتوي على سموم مثل الدخان العادي. وعن الوضع الحالي لاستهلاك التبغ في مصر، قالت أبوالنجا، ان مدخنوا التبغ الحاليون 22,7% من البالعين وترتفع إلى 43,5 بين الرجال، وأكثر من 80 % مدخنون يوميًا وأن نسبة التدخين بين طلاب الجامعات بلغت 16,5 %وارتفعت إلى 29% بين الذكور، وأن متوسط الانفاق الشهري على السجائر المصنعة بلغ 410 جنيه. وعن الآثار الصحية لاستهلاك التبغ، أكدت أن ما يقرب من 95 ألف مصري يموتون كل عام من أمراض مرتبطة بالتبغ، و17 ألف منهم يموتون بسبب التعرض للتدخين غير المباشر، وأنه يمكن للحكومة أن تنقذ 586,345 حياة وأن تقلل من انتشار المرض في غصون 15 سنة قادمة. وأكدت أن نجاح مكافحة التبغ لابد أن تكون عن طريق منع الإعلان عن التبغ نهائيًا، مشيرة إلى أن شركات التبغ تضع صور كثيرة لمنتاجتها في امكان عديدة وتتحايل بطرق غير مباشرة للإعلان عن منتجاتها منها الدرما التي تعد أهم الإعلانات عن التبغ. وقالت أبوالنجا، إن التحذيرات التي توجد على علب السجائر موجودة غصب عن شركات السجائر، مشيرة إلى أن شركات التبغ مافيا واربحها تفوق ارباح المخدرات والسلاح، وأنها لن تسمح أن يقلع شخص واحد عن التدخين حتى لا تتراجع الارباح وحتى لو مات الشخص لابد من ادخال بديل له فى مستنقع التدخين. أما الفنانة نهال عنبر فقد أعربت عن كرهها الشديد للتدخين، مؤكدة أنها لا تتواجد في أي مكان يوجد به تدخين، حتى في البيت ممنوع أي ضيف يدخن سيجارة ولو أصر يبقى في البلكونة، مشيرة إلى سعادتها بالفترة التي تم فيهامنع ظهور التدخين في الدراما، ولكن الآن تم كسر القانون وأصبح هناك العديد من الأبطال يستخدمون السجائر في الدراما والأعمال. وتابعت عنبر، أنه لابد على الدولة أن يكون لها دور كبير في منع التدخين، ولابد أن يتنامى دور الأم في التوعية بأضرار التدخين ولابد أن تقوم المدارس بدور أكبر في التنبيه والتوعية وكذلك في كل وسائل الإعلام. وقالت عنبر: عرض عليا في أحد الأعمال الفنية أن أمسك "سيجارة" ولكني رفضت الإقدام على تلك الخطوة نهائياً، وتحايلت على الموقف بأداء مقنع كما يريد المخرج ولم استخدم السيجارة. وأضافت عنبر خلال كلمة لها في منتدى منظمة الصحة العالمية وجمعية مكافحة التدخين لمناقشة دور الإعلام والدراما في مكافحة التبغ في مصر،" إن الطفل الصغير يري النجم أو الفنان وهو غالبا ما يعتبره قدوة يقدم على التدخين كنوع من التهدئة، وبالتالي يري أن يقوم بعادة جيدة ويحاول تقليده، موضحة إنه لابد من منع كافة مشاهد التدخين في الأعمال الدرامية. السينارست أيمن سلامة أكد أنه ليس من الصعب إيجاد بديل في تقديم أدوار التدخين في المسلسلات، مشيرًا إلى انه ناقش موضوع خطير في مسلسل ولد الغلابة وهو الاستروكس. وتابع سلامة، أن صندوق مكافحة الادمان التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية يقوم بمجهود كبير ويمتلك لجنة رصد درامية ويقوم بشكل دوري بعقد جلسات مع صناع الدراما، مشيرًا إلى أن تم اتفاق على ان مسلسلات المتحدة يراعي فيها عدم التدخين. وأكد أن فكرة منع الإعلان عن التدخين صعبة جدًا ومستحيلة، وأن الحل الوحيد هو عقد ورش للمؤلفين يتم خلالها وضع مخاطر التدخين ليحدث نوع من الوعي ليبدأو تقليل ذلك. وقال سلامة، إن شركات التبغ تعلن عن منتجاتها في المسلسلات بصور غيرة مباشرة، وانه في الخارج استغلوا هوس النجوم وبدأوا في تمويل شركات الإنتاج والمؤلفين ليضعوا البطل وهو يدخن ويعمل دعاية كبيرة بطرق غير مباشرة. وتابع: فى مسلسل اسمه اكسلانس جه اسبونسر عشان يدفع فلوس كتير لمجرد ان احمد عز يفتح التلاجة يلاقي مشروب معين. الفنان محمد ابو داوود قال رغم إنني مدخن فأنا ممنوع أدخن في منزلي حرصا على صحة أهل بيتي، وأعتبر نفسي مدخن غير شره، وأطالب بتطبيق قانون يمنع التدخين بالدراما. كما دعا إلى زيادة الوعي ومحاربة الجهل باعتبارهما أفضل الطرق لمواجهة التدخين، مشيرًا إلى أهمية وجود منتج حقيقي مش مجرد "شوال فلوس" ومؤلف كويس ومخرج جيد ونجوم مثقفين. وتابع داود قائلًا: "أنا مدخن بقالي أكثر من 30 سنة ولما يجيلي ضيف عاوز يدخن ادخله البلكونة، وانا لي ادوار شريرة وكنت أدخن في بداية مشواري، ولكن مع زيادة الوعي واقتناعي بفكرة الامتناع عن التدخين أصبحت رافضا لأي مشهد يتضمن الترويج للتبغ. وأشار إلى أن هناك استثناءات واضحة مثل شخصية الزعيم جمال عبدالناصر ورأفت الهجان، وبخلاف ذلك أرفض رفضا تاما المشاهد التي تتضمن تدخين أو ترويج للمخدرات، ومن غير المعقول أن يقوم الممثل بإشعال سيجارة حشيش، وبعدها يصبح خفيف الظل وفى حالة من السعادة لأن ذلك سيدفع المشاهدين وخاصة الشباب الى تقليد الفنان فى تناول الحشيش. الفنان طارق الدسوقي، قال إنه عضو مؤسس في جميعة حياة بلا تدخين وهدفها منع التدخين والتحذير من خطورته، وأضاف أنه يمكننا مواجهة التدخين عن طريق القضاء على الجهل وزيادة الوعي عن طريق الثقافة. وأكد الدسوقي أنه لابد من عمل قوافل تنويرية بها فنانين وممثل للصحة العالمية ونفتح باب الحوار مع الطلبة والطالبات في الجامعات، ونقدم لهم أفضل طرق للاقلاع عن التدخين وكذلك عن طريق برامج التوك شو. وتابع دسوقي قائلًا: " أن مسلسل الاختيار عرض مشهد ايجابي عندما قال أحمد مكي لكريم عبدالعزيز كفاية سجاير لو عايز تموت موت شهيد مش بعد التاريخ ده كله تموت بسبب السجائر، وعندما نشرت المشهد على الفيس بوك تلقينا انذار من شركة الفيس بوك. وقال الدسوقي، أن الاسباب الي تقال لتبرير التدخين باطلة، وأن المليارات الي تصرف على علاج اثار التدخين اكثر بكتير من أموال التدخين. الناقدة الفنية، حنان أبوالضياء، انه لابد أن نقوم بالعديد من الحملات التي تواجه التدخين مثل برنامج الخاسر الاعظم الذي ساعد العديد من الأشخاص على فقدان الوزن، فلابد أن تقوم وزارة الصحة بعمل برنامج عن الناجح الاكبر بالامتناع التدخين، وكذلك يجب استغلال مآسي أشخاص بسبب التدخين ونقدم ذلك بشكل واعي. وأكدت أبوالضياء، أنه لابد أن نحذر دائمًا من تأثير التدخين على أجهزة الجسم، مشيرة إلى أن تركيا ألغت مسلسلا بلجيكيا لأن بطل العمل قام بالتدخين في المسلسل، لذلك نجد انخفاض كبير في نسب التدخين بتركيا. واستكملت أبوالضياء قائلة: "الرئيس الكوري عمل مصيبة وهو رايح يقابل ترامب وظهر وهو بيدخن". وقال الناقد خالد محمود، انه يوجد العديد من الشخصيات في الدراما التي تقوم باستخدام التدخين بصورة كبيرة " أوفر"، وذلك يرجع لضعف المخرج أمام رغبات المنتج ونجوم العمل ونصح محمود بعمل أفلام تسجيلية قصيرة عن أضرار التدخين وخطورتها تعرض قبل برامج التوك شو التي يتابعها العديد من الاشخاص، ونحذر خلالها من أضرار التبغ على صحة المدخنين. وعبر تقنية الفيديو كونفرانس، أكدت الدكتورة نعيمة القصير ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر، أن المنظمة تدعم مصر في مواجهة أمراض القلب والتنفسية وأمراض الصدر والسكرى والسرطان ووباء كورونا، مثمنة دور جمعية مكافحة التدخين برئاسة الدكتور عصام المغازي ومنظمات المجتمع المدني في مكافحة التبغ. قالت القصير، إنه لابد من التركيز على دور الإعلام في مكافحة ظاهرة التدخين، لانه يؤثر على الصحة العامة ويسبب العديد من الأمراض، مشيرة إلى إنفاق شركات التبغ ملايين الدولارات للإعلان عن مختلف منتجات التبغ في كافة الوسائل ومنها الدراما وخاصة شهر رمضان الذي يمثل ذروة المشاهدة، وتتدخل هذه الشركات لإضافةً العديد من المشاهد الخاصة بالتدخين دون أي فائدة درامية.