رئيس البعثة: الكل كان يبحث عن فرصة للنجاة والفرار وسيطرة طالبان فاجأتنا أمين «البحوث الإسلامية»: لمسنا متابعة دقيقة من الجهات المعنية منذ اللحظة الأولى لتأمين عودتنا عاشت بعثة الأزهر الشريف فى أفغانستان أياما ثقيلة فى العاصمة كابول بعد سقوطها فى قبضة حركة طالبان المتشددة، كان بطلها الأول مشاعر الذعر والفوضى التى عمت العاصمة، إلى أن جاءتهم اتصالات محملة بآمال العودة إلى تراب الوطن فى طائرة عسكرية نقلت المصريين العالقين. البعثة الأزهرية فى أفغانستان، مكونة من 23 فردا، رئيسها عمره 58 عامًا، وباقى البعثة يتراوح أعمارهم ما بين الأربعينيات فما فوق، وأصغر مبعوث 32 عامًا، واقتصر تواجدها فى كابول فقط، بسبب الظروف الأمنية، بعضهم كان يقضى عامه الأخيرة فى مهمة تستغرق 3 سنوات لنشر الإسلام الوسطى، وتعليم المناهج العلمية الرصينة، وتعزيز العيش المشترك ونشر نهج الأزهر. أمين عام مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، الدكتور نظير عيّاد، قال إن الدولة بذلت جهدًا كبيرًا جدًا فى رجوع أعضاء البعثة الأزهرية بأفغانستان بشكل كامل فى سلم وسلامة، وما تم أمر متوقع وليس بغريب على الدولة وقواتنا المسلحة. وأضاف عياد فى تصريحاته ل«الشروق» أنهم وجدوا دعما وعناية وعودة البعثة بهذه الطريقة خير شاهد على ذلك، لافتا إلى أن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب تابع أولًا بأول، وأكد على التنسيق مع الجهات المعنية ووجه بذلك لفضيلة وكيل الأزهر الدكتور محمد الضوينى. وأشار إلى أن هدف الوجود الرئيسى للبعثة والمقصد هو نشر الإسلام الوسطى، وتدريس المناهج العلمية الرصينة وتعزيز العيش المشترك ونشر نهج الأزهر، وبالإضافة إلى الجانب العلمى هناك جانب مجتمعى، وهناك ثناء حقيقى على دور البعثة المنوط بها، ووزارة الخارجية المصرية أثنت على دور بعثة الأزهر. ومن جانبه، قال رئيس بعثة الأزهر الشريف فى أفغانستان شوقى أبو زيد، إن الإجراءات السريعة من جانب الجهات المعنية ودعم وتوجيه الرئيس عبدالفتاح السيسى والقوات المسلحة والأزهر الشريف أفضت إلى عودتنا بسلامة الله إلى أرض الوطن. وأضاف ل«الشروق»: «البعثة قوامها 23 شخصا، وقد سافرنا منذ 3 سنوات وكان من المقرر أن تكون تلك السنة هى الثالثة والأخيرة لنا، لكن بسبب ما حدث من ظروف طارئة ومخيفة لم تكتمل سنة البعثة الأخيرة». سافرت هذه المجموعة فى 2019 وكانت تمكث 10 شهور وتحصل على إجازة شهرين لمصر فى نهاية العام ونعود بعد 31 ديسمبر، لكن فور تغير الظروف وصلهم قرار من الإمام الأكبر بضرورة مغادرة البلاد. يشير إلى أن البعثة لها محاور متعددة وهى التدريس فى معهد كابول الأزهرى الذى يشمل مراحل دراسية ثلاثة، ومن ينهى الدراسة الثانوية يمكنه استكمال دراسته فى الأزهر الشريف. معهد كابول الأزهرى هو معهد تم إنشاؤه عام 2009، عبر بروتوكول تعاون بين وزارة المعارف الأفغانية ومشيخة الأزهر الشريف، وتعداد الطلاب فى آخر عام بلغ 800 طالب فى كل المراحل الدراسية، والشعب الأفغانى يعشق الأزهر الشريف وبعضهم يقدم الشفاعات والوساطات لتدريس أبنائه فى الأزهر، والحاصلين هذا العام على الثانوية 28 طالبا، و150 حاصلين على منحة للدراسة فى الأزهر تكلفتها 50 ألف دولار. وتابع قائلًا: «المعهد بنين فقط وكنا فى طريقنا لإنشاء معهد فتيات، وكان الاتصالات مع الحكومة الأفغانية لكن الظروف الطارئة أوقفت التعاون». يؤكد أيضا أن تعامل المجتمع والشعب الأفغانى معهم كان فى غاية الود والاحترام، قبل مجىء جماعة طالبان، الطوائف فى المجتمع ككل كانت فى غاية التقدير والإعزاز للبعثة الأزهرية، وشهدنا فى كل المناسبات وفى الجامعات حفاوة بالغة على المستوى الشعبى. قابلت البعثة الرئيس الأفغانى الذى غادر البلاد إلى الإمارات أشرف غنى مناسبتين الأولى فى حفل بداية العام الدراسى، ومرة ثانية فى شهر رمضان فى حفل الحاصلين على المراكز الأولى فى حفظ القرآن الكريم، إذ شارك رئيس البعثة كمُحكم فى مسابقة الحفظ على مستوى جمهورية أفغانستان. وعن الخطاب الدعوى لحركة طالبان قال: «مما رصدناه كظواهر دعوية أن طالبان كانت لهم آراء مختلفة عن البعثة الأزهرية، وكان منهجهم مختلفا عن منهجنا فى نشر الإسلام الوسطى، ونبذ كل صور الإرهاب، وممارسة الدين بلا إفراط ولا تفريط». وعن وجود إرهاصات ومؤشرات لسيطرة طالبان على كابول قال: «ما كنا نعتقد أن تصل الأوضاع لهذا الوضع المفاجئ، لم تكن هناك علامات أو إرهاصات، بين ليلة وضحاها حدث ما حدث، وتدفقت عشرات الآلاف من عناصر طالبان فى الشوارع، رغم أن كل المؤشرات كانت تقول إنهم لن يتمكنوا من دخول العاصمة كابول إلا بعد 3 شهور وعبر مفاوضات». وذكر: «حينما حدث ما حدث، ودخلت طالبان العاصمة، جاءتنا تعليمات بسرعة التوجه إلى مقر السفارة المصرية فى كابول، والمسافة بين مقر إقامتنا وهو القنصلية هو 10 كيلو مترات كنا نقطعها فى وقت قصير فى الظروف الطبيعية، لكن حينما حدث ما حدث أخذنا وقتًا طويلًا نظرًا لتكدس السيارات وانتشار العناصر فى الشوارع، وجموع الشعب الخائفة المرعوبة الباحثة عن فرصة للفرار والنجاه بأرواحهم». مكثت البعثة نحو 10 أيام فى مقر سفارة مصر حتى موعد الإجلاء، أما المشهد فى المطار حينما وصلوا، فكان مختلفا، زحام غير مسبوق لكل من يبحث عن فرصة سفر للفرار والنجاة، يختم شوقى أبو زيد.