بعد تصديق الرئيس السيسي.. تعرف على عدد مقاعد الفردي والقائمة لمجلسي النواب والشيوخ بالمحافظات بانتخابات 2025    الحالات الطارئة من اختصاص المستشفيات وليست العيادات.. أول تعليق لنقابة الأطباء على واقعة وفاة مسنة بعد رفض طبيب الكشف عليها بقنا    ضحى بحياته لإنقاذ المدينة.. مدير مصنع "يوتوبيا فارما" يتبرع بنصف مليون جنيه لأسرة سائق العاشر من رمضان    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الاثنين 9 يونيو 2025    جنود إسرائيليون يحاصرون السفينة «مادلين» المتجه إلى غزة    تريزيجة أفضل لاعب في مباراة الأهلي وباتشوكا    تريزيجيه يُتوج بجائزة أفضل لاعب في ودية الأهلي وباتشوكا    شاهد.. أول ظهور ل أحمد زيزو مع الأهلي أمام باتشوكا (فيديو)    في جنازة مهيبة.. تشييع جثمان بطل واقعة حريق محطة بنزين العاشر من رمضان بمسقط رأسه    وفاة شخص إثر إصابته بطلقٍ ناري بالرأس في مشاجرة بالفيوم    إصابة سائق وطالب في حادث تصادم بين سيارة ملاكي و«توك توك» بالمنيا    جميعهم من قرية واحدة.. وفاة شخص وإصابة 11 آخرين إثر انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا (أسماء)    رسميا.. نتيجة الصف الثالث الابتدائي 2025 في مدارس الإسكندرية.. ومتى تظهر بالقاهرة؟    شديد الحرارة و نشاط رياح| حالة الطقس الاثنين 9 يونيو    وزارة الأوقاف تقيم أمسية ثقافية بمسجد العلي العظيم    آمال ماهر تتصدّر تريند جوجل بعد إنهاء تسجيل "اتراضيت".. وعودة قوية تثير تفاعل الجمهور    مكسل بعد إجازة العيد؟ إليك نصائح للاستعداد نفسيًا للعودة إلى العمل    بدون كيماويات.. طرق فعالة وطبيعية للتخلص من النمل    ترامب يعقد اجتماعا مع قادة عسكريين في كامب ديفيد لمناقشة "مواضيع بالغة الأهمية"    فيديو تشويقي عن افتتاح المتحف المصري الكبير في احتفالية ضخمة 3 يوليو    بسبب شارة القيادة.. ليفاندوفسكي يعلق حذائه دوليًا    كريستيانو رونالدو يغادر مباراة البرتغال وإسبانيا مصابًا    "وراك يا أهلى فى كل مكان".. المتحدة للرياضة وأون سبورت تطلقان حملة للمشجعين لدعم الأهلى    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 9 يونيو 2025 بعد آخر انخفاض    زيلينسكي: بوتين يسعى لهزيمة أوكرانيا بالكامل    الخارجية الفلسطينية تثمن جهود المتضامنين الدوليين على سفينة كسر الحصار وتطالب بحمايتهم    استشهاد 3 فلسطينيين في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    رئيسا الإمارات وأنجولا يبحثان هاتفيًا سبل تعزيز علاقات التعاون    السجن 25 يوما لضابط إسرائيلي رفض الخدمة لمعارضته حرب غزة    أسماء ضحايا حادث انقلاب ميكروباص ترعة الدقهلية    ارتفاع عدد مصابي حادث تسمم داخل مطعم بالمنيا إلى 33 شخصا..بالاسماء    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 9 يونيو 2025    فسحة العيد في المنصورة.. شارع قناة السويس أبرز الأماكن    نقابة الأطباء تتابع واقعة عيادة قوص.. وتناشد بتحري الدقة في تناول المعلومات    4 أبراج «بيشوفوا الأشباح في الليل».. فضوليون ينجذبون للأسرار والحكايات الغريبة    بشكل مفاجئ .. إلغاء حفل لؤي على مسرح محمد عبد الوهاب بالإسكندرية    خلاف غير مقصود.. توقعات برج الحمل اليوم 9 يونيو    تامر عاشور: أتمنى تقديم دويتو مع أصالة وشيرين    استاد السلام يستضيف مباريات الدور النهائي من كأس عاصمة مصر    باتشوكا يتقدم على الأهلي بهدف كينيدي    مكونات بسيطة تخلصك من رائحة الأضاحي داخل منزلك.. متوفرة لدى العطار    وكيل صحة سوهاج: تقديم الخدمة الطبية ل8 آلاف و866 مواطنا مؤخرًا بمستشفيات المحافظة    هجوم روسي مكثف بطائرات مسيّرة يستهدف كييف ومناطق أوكرانية أخرى والدفاعات الجوية تتصدى    حدث بالفن | شيماء سعيد تستعيد بناتها وحلا شيحة تحلم ب يوم القيامة    جولات ميدانية مفاجئة وإشادات وزارية بأداء المنشآت الصحية في المنوفية    الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع الأسعار تحرم المصريين من الأضحية فى زمن الانقلاب    تعديلات تشريعية جديدة.. الدولة تعزز التمثيل النيابي للشباب والمرأة وذوي الهمم    مؤسسة أبو هشيمة عضو التحالف الوطني توزع لحوم الأضاحي بمحافظة بني سويف.. صور    الوفد النقابي في جنيف: مصر نموذج للدفاع عن كرامة العمال    فضيلة الإمام الأكبر    5 أيام يحرم صومها تعرف عليها من دار الإفتاء    تنسيق الجامعات 2025، قائمة الجامعات المعتمدة في مصر    الداخلية تواصل تطوير شرطة النجدة لتحقيق الإنتقال الفورى وسرعة الإستجابة لبلاغات المواطنين وفحصها    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    منافذ أمان بالداخلية توفر لحوم عيد الأضحى بأسعار مخفضة.. صور    محافظ أسيوط: لا تهاون مع مخالفات البناء خلال إجازة عيد الأضحى    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سامى نصار يكتب: إنها قصة حبى.. يعقوب بين عفيفى وغربال
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 07 - 2021

رواية (يعقوب) لمحمد عفيفى قصة حب متعددة الأبعاد والأشكال.. مراوغة المعانى ومتنوعة التأويلات
كان صوت أم كلثوم يصدح فى الأفق محمولا على نسائم البحر الرقيقة وأنا أقلب صفحات رواية (يعقوب) للصديق المؤرخ الكبير الدكتور محمد عفيفى. كانت الست تشدو بقصيدة (ذكريات) لشاعر الكرنك أحمد فتحى، فكأن التاريخ تكثف فى لحظة واحدة، وخاصة عندما يرتفع صوت الست قائلة (إنها قصة حبى) وكأنها تقدم ملخصا لذكرياتها.
ورواية (يعقوب) للدكتور عفيفى هى قصة حب متعددة الأبعاد والأشكال، مراوغة المعانى، متنوعة التأويلات، وتستثير فى العقل والنفس المعانى والأحاسيس والرؤى التى تجعل التاريخ يتجلى أمامك بكل أبعاده الإنسانية. رواية يتجلى فيها شغف الباحث، وفضول المؤرخ، وشوق المحب، ووجد الصوفى.
الرواية تدور حول غرام المؤلف بشخصية تاريخية لعبت دورا كبيرا أثناء الحملة الفرنسية على مصر، إنه المعلم يعقوب حنا المولود فى ملوى بصعيد مصر فى منتصف القرن الثامن عشر، وهو صاحب شخصية ملغزة ذات وجوه متعددة فهو المباشر أو الموظف جابى الضرائب، وهو الجنرال قائد الفيلق القبطى أثناء الحملة الفرنسية، وهو المتمرد دائما، والمقبل على كل ملذات الحياة، والرافع لشعار «المجد لمن قال لا» فى مواجهة صديقه جرجس الجوهرى الذى يرى «أن على ابن الطاعة تحل البركة». إنه المتمسك بأهدافه والملتزم بمشروعه لاستقلال مصر والخائف عليه حتى فى لحظات موته ليطمئنه صديقه الفارس لاسكاريس بأن « مشروعه لن يموت». إنه الشخصية التى اختلف حولها المؤرخون، فالجبرتى وهو معاصر ليعقوب، اعتبره خائنا ومعاديا لأبناء بلده، وخادما للاحتلال الفرنسى وقال عنه فى كتابه عجائب الآثار فى التراجم والأخبار: «وكل كليبر يعقوب يفعل فى المسلمين ما يشاء». بينما يعتبره المؤرخ الكبير المعاصر شفيق غربال أنه صاحب أول مشروع لاستقلال مصر.
وقد استولت هذه الشخصية بكل تناقضاتها وألغازها على الدكتور عفيفى منذ وقت مبكر فى حياته، وأصبحت علاقته بها مثل أبطال التراجيديا الإغريقية القديمة الذين تدفعهم أقدارهم دفعا إلى الكشف عن سر أخفته عنهم آلهة الأوليمبوس. فيعقوب، فى مسارات حياته، موجود دائما، يتجلى فى الحضور والغياب، وبالمصادفة والقدر، سواء فى الغرفة المظلمة المكدسة بالوثائق بقسم التاريخ بكلية الاداب، أو فى البطرخانة الأورثوذكسية بالقاهرة، أو حتى أثناء لقاء غرامى على ضفاف السين، أمام المدرسة الحربية فى باريس. ومن ثم جاءت مقاربته لهذه الشخصية من منظور مغاير.
فرواية (يعقوب) تعبر عن شعور الباحث المثقف بالاغتراب الذى ينتابه نتيجة لحيرته بين سلطة تخصصه وحقله المعرفى وما تفرضه عليه من قواعد وقيود، وبين وعيه وتمرده عليها من أجل إنتاج خطاب جديد ومغاير ومضاد، فرواية يعقوب ليست نصا Text تاريخيا مكبلا بقيود الأكاديميا، ومثقلا بادعاءات الوثائق وشهود الوقائع، وإنما هى نص مضاد بالمعنى الحرفى لكلمة Con text يعبر عن سياق ينبض بالحياة ومفعم بتفاعلات البشر فى مختلف أحوالهم، مما يجعل للتاريخ روحا ومعنى.
وهنا تدخلنا رواية (يعقوب) فى شكل سردى تاريخى يتجاوز سلطان الوثائق وجدران دور المحفوظات، فهى نص مراوغ مفتوح على قراءات متعددة وتصل بك إلى ما تشاء من معان وأحكام كان يمكنك أن تصل إليها من خلال بحث أكاديمى مدعم بالوثائق حول ذات الموضوع. فالتاريخ فى أصله قصص يرجعها أفلاطون إلى «قصص المرضعة» التى اختلطت فى بادئ الأمر بالأساطير والملاحم التى انتقلت من جيل إلى جيل عبر الوجود اليومى والذاكرة والمشافهة والرواية والوثائق وغيرها من أشكال الذاكرة الخارجية التى ابتعدها الإنسان عبر التاريخ. فالتاريخ لون من ألوان القص، والقص عماد التاريخ وإن اختلفت مناهجه وخطاباته واشكاله وسردياته. وكل منتج إبداعى هو تاريخ بما يحمله من معنى يرتبط باللحظة التاريخية التى انتجته وبالظروف التى ظهر فيها. كما أن كلمة تاريخ فى معظم اللغات الأوربية فى أصلها بدءا من اليونانية القديمة واللاتينية واللغات الحديثة تعنى قصة. فكتاب شفيق غربال (الجنرال يعقوب والفارس لاسكاريس ومشروع استقلال مصر فى سنة 1801) ورواية (يعقوب) يدوران حول نفس الشخصية، أى شخصية يعقوب، وكتاب غربال بحث أكاديمى رصين اعتمد على منهج البحث التاريخى المحكم المعتمد على الوثائق والذى يحمل وجهة نطر المؤلف وتفسيره للأحداث ورؤيته لشخصية يعقوب، بينما جاء كتاب يعقوب للدكتور محمد عفيفى فى شكل رواية تعكس رؤية المؤلف للتاريخ كمساحة رمادية يختلط فيها الأبيض بالأسود، والخير بالشر، والذاتى بالموضوعى، ليبقى المعنى فى عقل القارئ، وتبقى القصة ماثلة أمام البشر، وتظل العبرة فيها لمن اعتبر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.