رغم النفى الرسمى المصرى، تتصاعد الانتقادات الفلسطينية والدولية للجدار الفوذلاى الذى تقول تقارير إعلامية عربية وإسرائيلية ودولية إن مصر تبنيه تحت الأرض على طول حدودها مع قطاع غزة للقضاء على الأنفاق الحدودية ووضع نهاية لعمليات التهريب إلى القطاع المحاصر منذ نحو ثلاث سنوات. ففى بيان مساء أمس الأول، قالت لجنة المتابعة العليا فى الفصائل الفلسطينية بالعاصمة السورية دمشق: «إننا نندد بإقامة الجدار الفولاذى على الحدود المصرية الفلسطينية، ونعتبر أن ذلك يساهم فى خنق وتجويع شعبنا فى القطاع ولا يخدم إلا الاحتلال الإسرائيلى». ودعت الفصائل الجماهير الفلسطينية والعربية عامة إلى التحرك السريع لوقف العمل بهذا الجدار، محذرة من تداعيات هذا العمل الذى وصفته ب«الخطير» على حياة أكثر من مليون ونصف مليون فلسطينى فى غزة المحاصرة إسرائيليا منذ سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على القطاع فى يونيو 2007. وختمت الفصائل بيانها بمطالبة السلطات المصرية بإعادة النظر، ووقف العمل فى هذا الجدار «الذى لا يخدم العلاقات بين الأشقاء، ويساهم فى خدمة إجراءات الاحتلال ضد الشعب الفلسطينى». وفى غزة، وعقب جلسة للمجلس التشريعى (البرلمان) ناقشت قضية الجدار الفولاذى، قال النائب الأول لرئيس المجلس الدكتور أحمد بحر، إن هذا الجدار يمثل فرضا جديدا لسياسة العقاب الجماعى على سكان غزة المحاصيرن. وأضاف بحر أن بناء الجدار من شأنه قطع شريان الحياة الذى يزود أبناء القطاع بالغذاء والدواءة، مشددا على أن الجدار يتناقض مع موقف الرئيس حسنى مبارك الذى أكد أنه لن يسمح بتجويع الشعب الفلسطينى، مطالبا القيادة المصرية باحترام توجهات الرئيس مبارك. وقال إن على مصر أن تدرك حجم مسئوليتها التاريخية والوطنية والأخلاقية والقانونية تجاه الشعب الفلسطينى الذى يتعرض لسياسة الموت البطىء بفعل الحصار. بدوره، قال مسئول الدائرة الإعلامية والسياسية فى الجبهو الشعبية لتحرير فلسطين أبوأحمد فؤاد، إن بناء مصر للجدار الفولاذى «أمر لا مبرر له»، محذرة من تداعيات ذلك على العلاقات الفلسطينية المصرية. ودعا القاهرة إلى تجاوز ما قال إنها ضغوط خارجية تتعرض لها من أجل إقامة هذا الجدار وفى عمان، أدان حزب جبهة العمل الإسلامى، الذراع السياسية للإخوان المسلمين وأبرز احزاب المعارضة فى الاردن، الجدار الفولاذى. ونقل بيان نشر على الموقع الإلكترونى للحزب عن محمد البزور مسئول الملف العربى والإسلامى فى المكتب التنفيذى للحزب، قوله ان «بناء مصر لجدار فولاذى محاذ لقطاع غزة المحاصر جريمة على كل الاصعدة». وكان رئيس «جامعة الإيمان» فى اليمن الشيخ عبدالمجيد الزندانى، قال إن بناء مصر لهذا الجدار «لا يجوز وحرام وباطل». وتساءل الزندتانى مستنكرا: «لماذا هذا الجدار ولمصلحة من؟.. ومن الذى أباح لمسلم المشاركة فى حصار أخيه المسلم؟!». وأضاف البزور أنه كان من المؤمل ان «تفك مصر الحصار عن غزة وتسارع إلى فتح المعابر، لا ان يتم بناء جدار فولاذى لمنع وصول الغذاء والدواء والمواد الأساسية للشعب الفلسطينى»، مشددا على أنه «من العدل ان تسمى مصر الأمور بمسمياتها ولا تختلق اعداء وهميين على حساب الاعداء الحقيقيين». ودوليا، هددت «الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن قطاع غزة» أمس الأول بأن نشطاء أوروبيين يعتزمون إطلاق حملة فى أوروبا لمقاطعة حركة السياحة إلى مصر والمنتجات المصرية، ردا على الجدار الفولاذى. ولا ينفى المسئولون المصريون أو يؤكدون بناء مصر بالفعل لجدار فولاذى، مشددين على أن إجراءات مصر داخل حدودها هى شأن داخلى. وكانت «الشروق» قد انفردت فى الثالث عشر من ديسمبر بتأكيد أمر الجدار الفولاذى نقلا عن مصادر مصرية رفيعة. وفيما يخص مواصفات الجدار، ذكر موقع «الشبكة الفلسطينية الإخبارية» على الإنترنت، نقلا عن مصادر وصفها بالموثوقة، أن آلية للحفر يتراوح طولها بين 7 إلى 8 أمتار تقوم بعمل ثقوب فى الأرض بشكل لولبى، ومن ثم تقوم رافعة بإنزال ماسورة مثقبة باتجاه الجانب الفلسطينى بعمق ما بين 20 و30 متر. وأضافت الشبكة فى تقرير مرفق برسم كروكى لقطاع من الجدار، أن العمل على الآليات الموجودة هناك يتولاه عمال مصريون فى أغلبهم يتبعون شركة «عثمان أحمد عثمان»، بالإضافة إلى وجود أجانب بسيارات جى أم سى فى المكان. ووفقا للمصادر فإن ماسورة رئيسية ضخمة تمتد من البحر غربا بطول 10 كيلومترات باتجاه الشرق يتفرع منها مواسير فى باطن الأرض مثقبة باتجاه الجانب الفلسطينى من الحدود يفصل بين الماسورة والأخرى 30 أو 40 متر. وأوضحت أنه سيتم ضخ المياه فى الماسورة الرئيسية من البحر مباشرة، ومن ثم إلى المواسير الفرعية فى باطن الأرض، مضيفة أنه بما أن المواسير مثقبة باتجاه الجانب الفلسطينى فإن المطلوب من هذه المواسير الفرعية هو إحداث تصدعات وانهيارات تؤثر على عمل الأنفاق على طول الحدود من خلال تسريب المياه. ولفتت إلى أنه خلف شبكة المواسير هذه يتمدد فى باطن الأرض جدران فولاذية بعمق يتراوح بين 3035 متر فى باطن الأرض، وعلاوة على وظيفة هذا الجدار المصمم لكبح جماح الأنفاق إلى جانب أنابيب المياه، فإنه يحافظ على تماسك التربة على الجانب المصرى، فى حين تكون الأضرار البيئية والانهيارات فى الجانب الفلسطينى، على حد قول هذه المصادر.