كشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة فى قضية الرشوة بوزارة التجارة المتهم فيها المدير الفنى لصندوق دعم الصادرات و6 آخرون مفاجآت عديدة. تبين أن التحقيقات تناولت وقائع منسوبة لثلاثة مسئولين، تم استبعادهم بعد ثبوت عدم صحة الوقائع المنسوبة إليهم، وضابط أحاله المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام مع باقى المتهمين لمحكمة الجنايات أمس الأول. وأوضحت التحقيقات أن عمليات التلاعب فى صرف دعم الصادرات امتدت إلى 17 شركة، وبلغت مبالغ الرشوة والمبالغ المستولى عليها نحو 100 مليون جنيه فى 7 شهور، وتمكنت الرقابة الإدارية من وقف نزيف إهدار المال العام، واكتشفت تلاعب المتهمين مبكرا، وطلب المتهم المدير الفنى بمفرده مبلغ 11 مليون جنيه، بينما طلب أقاربه 6 ملايين جنيه أخرى. وتبين أن المتهمين تشاجروا فيما بينهم على توزيع مبلغ 6 ملايين جنيه رشوة، فقام أحدهم باصطحاب أقاربه، واقتحم منزل المتهم المدير الفنى لصندوق دعم الصادرات وضربه وكسر ذراعه وسرق مبلغ مليون جنيه من الشقة، وتجمهر الجيران لوقف الشجار، ثم تدخل فيما بعد معارف الطرفين لعقد جلسة عرفية على مقهى فى الشارع، وعرف جميع رواد المقهى بقصة الرشاوى فتدخل شخصان جالسان على المقهى فى النزاع أحدهما مسئول بجهة حساسة، وأصبحا وسيطا رشوة بعد ذلك بالقوة. وبلغ الخلاف بين المتهمين على اقتسام مبالغ الرشوة حد قيام المتهم المدير الفنى لصندوق دعم الصادرات بالحصول على مبالغ الرشوة ثم يبلغ مباحث التهرب الضريبى عن الراشى لتحريك قضية تهرب ضريبى، ثم يطلب مبالغ رشوة جديدة من الراشى لوقف قضية التهرب الضريبى. تبدأ القضية عندما توجه باسم عبد الرءوف عيسى نجل رجل الأعمال عبد الرءوف عيسى إلى مقر الصندوق ببرج التطبيقيين بالعباسية بعد قيام والده بدفع مليون جنيه كجزء من مبالغ الرشوة لرفع الحظر عن شركاته. وفوجئ بأن المتهم المدير الفنى للصندوق يترك مكتبه فى الدور الخامس عشر وينزل لاستقباله قبل دخوله المبنى بترحاب شديد، ثم عرفه على بعض المسئولين فى الصندوق، واتضح فيما بعد أن كبار المسئولين بالصندوق لم يكونوا يعرفون شيئا عن كل وقائع الرشوة، رغم أن المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة أبلغ عن وقائع مشابهة خلال العامين الأخيرين. باشر التحقيقات زياد صادق وأحمد البحراوى رئيسا نيابة أمن الدولة العليا تحت إشراف القاضيين طاهر الخولى المحامى العام وهشام بدوى المحامى العام الأول، ثم أحيلت القضية لنيابة الأموال العامة حيث استكمل التحقيقات طارق الحتيتى رئيس النيابة تحت إشراف القاضيين عماد عبد الله وعلى الهوارى المحامى العام الأول. تبدأ التحقيقات عندما نصب ضباط الرقابة الإدارية كمينا فى مقهى فرحات بجوار النادى الأهلى بمدينة نصر لضبط المتهمين وتسجيل اللقاء بينهم بالصوت والصورة، وجاء فى المحضر الذى حرره الضابط أحمد البنا أنه تم اصطحاب القوة اللازمة لمطعم فرحات، وانتشر الضباط حول المقهى وزرعوا كاميرات التصوير وأجهزة التنصت قبيل وصول المتهمين، وبعد دقائق وصل المتهمون أمين منصور المدير الفنى لصندوق دعم الصادرات بسيارته ماركة هيونداى النترا، كما وصل رجل الأعمال عبدالرءوف عيسى ونجله باسم داخل سيارة ماركة هونداسيفيك. وقام كلا الطرفين بإيقاف سيارته كل منهما بجوار الآخر، ثم ترجلوا إلى داخل المطعم، وأمكن تصوير اللقاء وتسجيله، وتضمن الحديث بينهم المشكلات التى تواجه رجل الأعمال فى تصدير منتجاته ومصانعه وقدرة المتهم المدير الفنى للصندوق على حل المشكلات، وردد رجل الأعمال عبارات لمحدثه المتهم المدير عبارات منها «الخمسة مليون مش مشكلة... أنا عايزك تجيب شقة جديدة بدل الشقة القديمة التى تسكن فيها.. الفلوس فى العربية..، ورد عليه المتهم المدير الفنى قائلا عبارات منها: «فكرنى بكره بالفواتير.. أنا عملت اللى عمرك ما تحلم به.. أنا قادر على تأخير صرف الدعم لأى شركة لعدة شهور بأساليب مختلفة مثل الاستفسار من الجمارك ودى فيها شهر.. واستفسر من البنوك ودى فيها شهر كمان». وواصل المتهم المدير الفنى حديثه قائلا: «شريف أول من ركبنى عربية.. وأنا الكل فى الكل»، وعقب انتهاء اللقاء خرج الثلاثة إلى الشارع، وقام المتهم نجل رجل الأعمال بفتح شنطة سيارته وأخرج منها كرتونة مياه معدنية زرقاء اللون ماركة نستلة ووضعها فى سيارة المتهم صندوق، وانصرف كل منهما بسيارته تحت سمعنا وبصرنا، وانقسمت القوة فريقين، الأولى سارت خلف المتهمين رجل الأعمال ونجله، وألقت القبض عليهما، والثانية توجهت خلف المتهم مدير الصندوق واعترضت سيارته وأوقفها وألقت القبض عليه، وتم اقتياد الجميع إلى مقر نيابة أمن الدولة العليا. وكان المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات قد أعار المتهم المدير الفنى للعمل بوزارة التجارة بدلا من الجهاز. وفى التحقيقات أخذ المتهم رجل الأعمال يروى قصته فى دفع الرشاوى قائلا إنه فى عام 2005 قرأ فى الصحف أن الرئيس مبارك أصدر قرارا بصرف دعم للشركات الوطنية لتشجيعها على التصدير للخارج، بحيث يتم صرف 10% من قيمة السلع للشركة المصدرة من الدولة. وأضاف توجهت إلى صندوق دعم الصادرات وبدأت عملية التصدير، ولكن ما حدث هو أن مسئولى الجمارك ادعوا أننى أصدر الطماطم على أنها أثاث كنوع من الغش وحرروا لى قضية كسب غير مشروع لا تزال محل التحقيق حتى الآن، فقمت بتأسيس 4 شركات أخرى باسم أبنائى الأربعة حتى يتم صرف الدعم لنا. لكن فور علم مسئولى صندوق الدعم الصادرات بأنهم أبنائى قاموا بوقف الدعم فورا، فلجأت لشركات أخرى اتخذتها ستارا لتصدير منتجاتى على أن يقاسمنى أصحاب الشركات فى حصة الدعم التى أصرفها واستمر الحال لفترة من الوقت، ولكن فور علم المسئولين بالأسلوب الجديد لصرف الدعم أوقفوا صرف الدعم لهذه الشركات أيضا. وواصل المتهم رجل الأعمال اعترافاته قائلا إنه تلقى اتصالا ذات يوم من المتهم الثالث أخبره فيه أنه يمكنه حل مشاكله إذا دفع رشاوى لمسئولى صندوق دعم الصادرات، وطلب منه إحضار 200 ألف جنيه والتوجه معا لمطعم بالقاهرة لمقابلة مسئول مهم يمكنه حل المشكلة، وبالفعل تقابلنا مع شخص قال إنه اسمه عبدالمنعم. واتضح فيما بعد أن هذا الاسم حركى وغير صحيح وأن اسمه الحقيقى عدنان، وحتى يثبت عدنان قدرته ونفوذه أخرج صورة ضوئية من شيكات قيمتها 38 مليون جنيه تستحق شركاتى صرفها ولكن تم سحبها، ثم عرض على العديد من المكاتبات بين المسئولين داخل صندوق دعم الصادرات، وطلب رشوة 5 ملايين جنيه قال إنه سيتم اقتسامها بين مسئولى الصندوق، وحررت له 5 شيكات بالمبلغ واتفقنا على أن يصرف شيك واحد بمليون جنيه عقب إلغاء قرار صرف الدعم 4 شركات، على أن يتم صرف إجمالى المبلغ برفع الحظر عن 17 شركة مع صرف جزء من الدعم. وأضاف أنه بعد فترة اتصل به المتهم عدنان وأبلغه رفض مسئولى الصندوق التعامل بشيكات وأنهم يرغبون فى أخذ الرشاوى نقدا حتى لا يكون هناك دليل إدانة لهم، وبالفعل تم تسليمه مبلغ المليون جنيه عبارة عن دولارات وجنيهات مصرية بحيث يكون إجماليها مليون جنيه، وبعدها أرسلت نجلى المتهم باسم لصندوق دعم الصادرات للتأكد من إلغاء قرار إيقاف الدعم عن 4 شركات. وقبيل دخول نجلى لمقر الصندوق فوجئ بالمتهم المدير الفنى للصندوق يستقبله خارج مقر الصندوق بحفاوة وترحاب شديدين، ثم صعدا إلى مقر الصندوق وأخذ المتهم المدير الفنى للصندوق يعرفه على كل المسئولين بالصندوق وبعد القبض علمت بأن المتهم كاذب بادعاء صلته بالرئيس التنفيذى للصندوق ويفعل ذلك حتى لا يرفض أى مسئول أوامره. وواصل رجل الأعمال اعترافاته قائلا إن المتهم المدير الفنى عرض على نجلى عدة شيكات قيمة دعم لشركاتى قيمتها 10 ملايين جنيه، قال إنه سيتم صرفها خلال أيام، ولكن ما حدث أنه بعد أسبوع حضر مخبر من مباحث التهرب الضريبى لمنزلى وأبلغنى أننى متهرب من دفع ضرائب مستحقة عن المليين العشرة التى صرفتها، فأوضحت له أننى لم أصرفها بعد، وأصر رؤسائه على تسليمهم شهادة من صندوق دعم الصادرات بعدم صرفى المبلغ. وعندما توجهت للمتهم المدير لصندوق دعم الصادرات فوجئت به يخبرنى بأن هناك من أبلغ من مسئولى الصندوق مباحث التهرب الضريبى بصرفى المبلغ، وطلب مليون جنيه جديد مقابل إمدادى بخطاب للمباحث يفيد عدم صرفى المبلغ بعد مما يترتب عليه حفظ القضية ضدى ولكنى رفضت، وبعد يومين اتصل بنجلى يخبره بأن المتهم الرابع عدنان اقتحم شقته ومعه بلطجية ضربوه وسرقوا مبالغ بالعملات الأجنبية قيمتها مليون جنيه، وحضر الجيران وأوقفوا الاعتداء عليه، وأنه لم يحرر محضرا بالواقعة منعا للفضيحة.