«أول علاقتى بالرسم بدأت فى مدرسة الجمالية الابتدائية ولم تكن سنى تجاوزت الست سنوات». هكذا بدأ فنان الكاريكاتير مصطفى حسين فى سرد ذكرياته مع الرسم بعد إلحاح شديد من الحضور الذين أتوا ليستمعوا إلى الفنان الذى أضحكهم طويلا وإلى محاضرته عن تاريخ الرسم الكاريكاتيرى منذ الفراعنة وحتى 2010 فى فناء المتحف القبطى بمصر القديمة. «دخل علينا يومها مدرس مادة الرسم وأخذ يحدثنا عن عالم به طيور جميلة بأشكال وألوان مختلفة تزينها هالات مثل التيجان، سرح خيالنا مع هذه الطيور المحلقة التى تحط على فروع الأشجار وانطلقنا نرسم ونرسم وما أن ضرب جرس انتهاء الحصة حتى استوقفنى المدرس مثنيا على عملى». أكد مصطفى حسين من خلال قصة البدايات على أهمية التعليم الذى غرس فى نفسه حب الفن منذ نعومة أظافره، هذا الاهتمام الذى لقيه من مدرس الابتدائى جعله يرتبط بالأستاذ وبحجرة الرسم والأدوات والألوان، وتربى مثل العديد من أبناء جيله على مجلة «سندباد» التى كان يطلقها الفنان بيكار، «كنت متيما بأعمال بيكار فى مجلة السندباد، وبعد ذلك كأستاذ فى فنون جميلة حين التحقت بها ثم عملت معه فى أخبار اليوم، فقد كان يحمل ملامح الفنان فى أدائه وشكله ومواقفه». وقد بدأ صاحب شخصيات «كمبورة» و«الكحيتى» الندوة التى جاءت ضمن برنامج للمجلس الأعلى للآثار فى متاحف مصر، المختلفة باستعراض تاريخ الرسم الكاريكاتيرى الساخر على المعابد الفرعونية وتوقف سريعا عند أهم الأسماء التى كونت الكاريكاتير المصرى فى العصر الحديث. فأشار إلى الرسوم الموجودة على جدران المعابد فى بنى حسن الشروق بصعيد مصر وغيرها وكيف كانت تعبيرا نقديا عن الضيق من السخرة ومن قبضة الحكام، فعبر الفنان المصرى عن هذه الروح الساخرة من خلال العديد من البرديات، مثل البردية التى يقتنيها متحف تورينو كما يقول حسين وتصور فأرا يرتدى ملابس الأشراف وقد تبدلت الأدوار وأصبح القط هو من يقوم بخدمته، فى اشارة إلى خضوع الشعب واستكانته فى خدمة الحاكم المستبد. واعتبر مصطفى حسين أن تعبير الفنان المصرى القديم بالرموز والحيوانات بدون كتابة تعليق كان من أرقى أنواع الكاريكاتير لكنها تعتمد على حس المتلقى وتعليمه وثقافته. كما تناول فى عجالة الصحافة الساخرة مثل مجلة «أبونضارة» ليعقوب صنوع التى سخر فيها من «نوبار باشا» وسماه «غبار باشا» بينما أطق على الفلاح المصرى اسم «أبوالغلب»، وهى أول مجلة فكاهية ساخرة ومجلات اللطائف المصرية وكشكول «التحرير». توقف حسين كذلك عند أهم الاسماء التى طبعت فن الكاريكاتير المصرى مثل رفقى التركى وصاروخان الأرمنى الأصل حتى مجىء رخا بن سنديون بالقليوبية الذى يعد أول ريشة مصرية خالصة فى الكاريكاتير، ابتكر شخصيات رفيعة هانم والسبع أفندى وشخضية ابن البلد، وعبدالسميع وزهدى وطوغان وجاهين وحجازى الذى يسميه حسين فنان الحارة المصرية، ولم ينس الفنان أسماء رجائى ونيس وحسن حاكم الذى ربطته به صداقة قوية. وفى نهاية اللقاء الذى قدمه المذيع الشاب خالد عاشور، زار الفنان مصحوبا بجمهوره المعرض المقام فى مدخل فناء المتحف القبطى والذى يضم إلى جانب بعض أعمال مصطفى حسين رسوما لزهدى وعمرو سليم وغيرهما.