«الطريق أمام مصر طويل لمكافحة الظاهرة والوفاء بالالتزامات التى تقرها الاتفاقات الدولية فى هذا الصدد».. الباحثة هبة جمال الدين، أخصائى التعاون الدولى بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تشير فى دراستها بعنوان «مصر والتجارب الدولية فى التصدى للتغيرات المناخية» إلى أن الجهود المصرية تفتقر إلى غياب رؤية علمية للمواجهة. تقول الباحثة إن جهود الدولة تتركز حتى الآن فى تطبيق آلية التنمية النظيفة التى أقرها بروتكول كيوتو، والقيام بتبادل المعلومات حول أبعاد الظاهرة وانعكاساتها البيئية، ورفع الوعى العام بالظاهرة وأبعادها الاقتصادية والتعامل معها، وبناء القدرات، وتفعيل برامج المساعدات الدولية المالية والفنية، كما تضع على أولوياتها نقل التكنولوجيا، وتسعى جاهدة إلى تفعيل برامج مشاركة الجمعيات والمنظمات غير الحكومية. نقص فى الأبحاث إلا أن الباحثة ترصد فى المقابل عددا كبيرا من جوانب القصور فى الموقف المصرى، من بينها ضعف الاهتمام بمجال البحث العلمى فى مجال تغير المناخ، على الرغم من الالتزامات الدولية المفروضة. فعلى سبيل المثال هناك نقص فى مجال البحوث والتكنولوجيات الهادفة إلى استغلال طاقة الرياح والطاقة الشمسية فى تحلية المياه وترشيد استخدام الطاقة وتوفير الميزانيات المناسبة للبحث العلمى والتنفيذ فى هذه المجالات. كما أن هناك فراغا بحثيا فى مجال الدراسات الخاصة بتحديد خيارات القطاعات المائية والزراعية والساحلية والصحية فى مجال التكييف باستخدام التكنولوجيات البسيطة منخفضة التكاليف. نقل التكنولوجيا الحديثة وهناك حاجة لوجود كيان بحثى متخصص فى مجال بحوث تغير المناخ يهدف إلى تنسيق الجهود بين المعاهد البحثية المختلفة بالدولة مع تجميع جميع نتائج الدراسات والبحوث على المستوى المركزى وتقييمها من أجل اتخاذ القرارات المناسبة ووضع الخطط والسياسات القومية. فضلا عن الحاجة إلى الاهتمام بأساليب البحوث والمراقبة المنهجية لتعظيم الاستفادة من النماذج الرياضية التى تتنبأ بمخاطر التغيرات المناخية على القطاعات المهددة، خاصة قطاع الموارد المائية والسواحل والزراعة. أما فيما يتعلق بمجال نقل التكنولوجيا، كما تضيف الباحثة، فإن مصر لا تفعل آلية نقل التكنولوجيا التى نصت عليها الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة لمواجهة التغيرات المناخية والبروتوكول المرتبط بها، ولكن ذلك لا يرجع لخطأ مصر وحدها وإنما يعود إلى الدول المتقدمة التى لا ترغب فى تفعيل هذه الآلية حيث تتلاعب لتحقيق صالحها الخاص وتطالب بتوقيع التزامات جديدة على الدول النامية حتى تقدم لها الدعم المطلوب وتسمى هذه المطالب بالالتزامات الطوعية، وتنتهز فرصة غياب هيكل مؤسسى قوى وقادر على تفعيل نقل التكنولوجيا للدول النامية. ودور للمجتمع المدنى وفى مجال تدريب الكوادر البشرية هناك نقص فى الاهتمام بتدريب الكوادر وانشاء النظم المؤسسية والتنسيق بين القطاعات المتأثرة، كذلك الحال فيما يتعلق بنشر الوعى البيئى بتغيرات المناخ، فهناك ضرورة للتركيز على دراسة إمكانات التكيف وترشيد الطاقة والمياه، وتبادل حالات النجاح على مستوى القطاعات المختلفة والدول العربية الأخرى. على الرغم من أن وزارة الاستثمار ووزارة البيئة تقوم بإشراك القطاع الخاص فى التصدى للظاهرة، إلا أن هناك نقصا فى الجهود المبذولة فى إشراك القطاع الأهلى وكذا المواطنين فى التصدى للكارثة. وهكذا تنتهى الباحثة إلى أنه لا توجد خطة استراتيجية قومية للتصدى لتغير المناخ. وعلى صعيد المقارنة بين مصر والهند، تشير الدارسة إلى أن الهند استطاعت على خلاف مصر إدراج مؤسسات المجتمع المدنى ضمن خطتها للوفاء بالتزاماتها وتعهداتها، كما طبقت سياسة نشر الوعى المجتمعى بخطورة الكارثة وضرورة التصدى لها. كما يتضح مدى الفجوة الشديدة بينهما على الرغم من أن الآثار الكارثية لتغير المناخ على مصر أشد وأخطر وطأة من الهند إلا أن الهند هى من تتبنى برامج فعلية للتطبيق تؤدى لمواجهة الكارثة أما مصر فالخطة تتجسد أكثر فى شكل تقارير ومستندات أكثر من كونها برامج فعلية على الرغم من أن كلاهما يقع فى مصاف الدول النامية.