«فى السنوات الأخيرة زادت احتمالات تعرض الدانمارك لهجمات إرهابية». المعلومة جاءت على لسان آنيا نيلسن، مديرة جهاز الأمن الوقائى بالمخابرات الدانماركية، أثناء محاضرة قصيرة أمس الأول أثناء مؤتمر «آليات العمل من أجل نبذ العنف»، الذى نظمه المعهد المصرى الدانماركى للحوار. فسرت آنيا هذا الازدياد بقرار الدانمارك فى 2003 المساهمة فى قوات التحالف الدولية أثناء حرب العراق، ثم ازداد الخطر، طبقا لآنيا، بعد نشر جريدة يولاندس بوستن الدانماركية رسومات كارتونية للنبى محمد (صلى الله عليه وسلم). وبعد أن تلقى بعض الرسامين، الذين أساءوا للرسول تهديدات بالقتل، قامت بعض الصحف الدانماركية فى 2008 بإعادة نشر الرسوم لإعلان تأييدها لحرية رأى الرسامين، وهو ما تعلق عليه آنيا قائلة «إعادة نشر الرسومات كان أمرا شديد الخطورة، فقد كان أثره التهديد المباشر من تنظيم القاعدة»، ففور إعادة النشر أعلن التنظيم الإرهابى الأشهر مسئوليته عن تفجير انتحارى استهدف سفارة المملكة فى باكستان. وردا على سؤال «الشروق» حول ما إذا كانت احتمالات الخطر قد ارتفعت بعد مطالبة اليمين الدانماركى للبرلمان بإجراء باستفتاء شعبى لمنع إقامة مآذن فوق أرض المملكة، قالت إن البرلمان الدانماركى أكثر ميلا إلى أن يترك مسألة السماح ببناء المآذن للسلطات المحلية والبلدية. وكان المجلس المحلى للعاصمة كوبنهاجن قد وافق على السماح بإقامة مسجد بمأذنة العام الماضى بعد استفتاء عام، رغم ذلك، أكدت آنيا أن الدانمارك أكثر عرضة للاستهداف بهجمات إرهابية فى المستقبل عن باقى الدول الإسكندنافية، بما فى ذلك سويسرا التى رفض شعبها إقامة مآذن على أرض الدولة فى استفتاء بنوفمبر الماضى. مشيرة إلى أن الإرهاب الذى تخافه الدانمارك ليس من الضرورى أن يأتى من الخارج، بل من المحتمل أن يكون «إرهابا محلى الصنع» مصدره متطرفون إسلاميون يعيشون بالمملكة. كان اليمين الدانماركى قد اتهم المسلمين بتلقى تمويلات من السعودية وإيران من أجل بناء المسجد الذى لم يتم العمل فى إنشائه بعد، وهو ما نفت آنيا أن يكون لديها معلومات تؤكد أو تنفى ذلك بحجة أن مراقبة التمويل «أمر يخرج عن نطاق اختصاص الجهاز»، مؤكدة أنه لا يوجد من حيث المبدأ ما يمنع تلقى المسلمين الدعم من أى جهة طالما كان ذلك فى إطار قانونى. وشرحت آنيا مهام الجهاز الذى ترأسه، قائلة إنه مسئول التنبؤ بالأخطار الأمنية المحتملة ومساعدة السلطات المحلية فى أنشطة منع انتشار التطرف والعنف بين جميع طوائف المجتمع، «لكن الإسلاميين المسلحين هم على رأس القائمة التى نقوم بمراقبة أنشطتها، لأن عنفهم هو الأكثر انتشارا على مستوى العالم». أحد التحديات التى يواجهها الجهاز، طبقا لآنيا، هو مراقبة احتمالات انتشار أيديولوجيات متطرفة بين الشباب المسلم تحديدا، دون أن يكون فى ذلك أى نوع من الاضطهاد أو التمييز العرقى ضدهم. وتشدد على أن الجهاز «يقوم بتعليم أفراده الفارق بين الإسلام كدين والأيديولوجيا الإسلامية، والأنشطة الراديكالية الإسلامية المسلحة من جانب آخر»، مشيرة إلى أن دوافع حالات التطرف الدينى فى الدانمارك أسبابها اجتماعية ونفسية متعلقة بالبحث عن هوية وكيان، فى حين تأتى الأسباب الأيديولوجية تأتى فى المقام الثانى. أما التحدى الأكبر فى رأيها، فهو إزالة الصورة السلبية عن الجهاز بين المجتمع الإسلامى الدانماركى، «فبعض الشباب المسلم فى الدانمارك يعتقد أن مهمتنا هى التجسس عليهم، فى حين أننا نؤكد أنه لا نية ولا مصلحة لنا فى ذلك». وأكدت آنيا أن مكافحة الإرهاب والتطرف لم تعد قاصرة على القبض على المتطرفين ومحاكمتهم وغيرها من الأشكال التقليدية، بل صار هناك حاجة ملحة للجوء لأساليب أقل حدة و«أكثر إنسانية». هذه الأساليب تتمثل فى الحوار مع المتطرفين وتنظيم البرامج. التى تمنح العفو للإرهابيين المستعدين عن التراجع عن أفكارهم المتطرفة ومساعدتهم فى العودة للحياة بشكل طبيعى من خلال منحهم هويات جديدة وتوفير فرص عمل وحياة كريمة لهم. وفى المقابل يتعاون الإرهابيون السابقون مع الأجهزة الأمنية فى الإرشاد عن معاقل الإرهاب ومكافحة التطرف.