لعقود عديدة شحنت ملايين الماشية من الصومال إلى المملكة العربية السعودية خلال مواسم أداء فريضة الحج في مكةالمكرمة وذلك لإطعام نحو مليوني حاج من جميع أنحاء العالم. وهو ما كان عملاً مربحاً لتجار الماشية الصوماليين تقدر أرباحه بنصف مليار دولار في السنة. لكن هذا العام وضمن تداعيات تفشي وباء كورونا كوفيد- 19، أعلنت السلطات السعودية خفض أعداد الحجيج إلى نحو 1000 شخص فقط ممن يعيشون داخل المملكة. وهو ما وضع قطاع تجارة الماشية الصومالية على مفترق طرق، وفق تقرير لموقع "كوارتز أفريكا"، فلم يتم شحن لا ماعز ولا غنم ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى فقدان عشرات الآلاف لمصدر رزقهم. بحسب الموقع يقول عبدي علي، تاجر من مدينة هرجيسا الصومالية:" لا يمكنني تصدير الماشية، ولا يوجد لدي سوق محلي، تجار ومربي الماشية، يعانون بسبب إلغاء الحج. لقد استثمرت كل شيء تقريبًا في هذا العمل لأنني أعلم أن الأرباح جيدة." وتقدر قيمة الصادرات السنوية من الماشية في كامل منطقة القرن الأفريقي بنحو مليار دولار، وتحقق منها "أرض الصومال" الدولة المعلنة ذاتيا (غير معترف بها دوليا) في شمال غرب الصومال، 250 مليون دولار إلى 300 مليون دولار كل عام. وتستورد المملكة العربية السعودية أكثر من 3 ملايين رأس من الماعز والأغنام والماشية والإبل خلال موسم الحج، وفقًا لمجلة الطب والعلوم البيطرية 2019. الثروة الحيوانية هي النشاط الاقتصادي الرئيسي للصومال، وتشكل نحو 75 ٪ من صادرات البلاد وتساهم في حوالي 40 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وهي واحدة من قصص النجاح الاقتصادي القليلة. وتعتبر تجارة الإبل "الجِمال" على وجه الخصوص نشاطاً تجارياً كبيراً في الصومال، التي تمتلك من الإبل أكثر مما لدى أي دولة أخرى، وتقدر قيمة الصادرات السنوية منها بأكثر من 250 مليون دولار. إلى جانب المملكة العربية السعودية - أكبر مستورد للماشية من الصومال، يتم التصدير أيضًا إلى دول أخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت وعمان ومصر. تتم معظم هذه التجارة أثناء موسم الحج. إغلاق الحدود ضاعف قرار السعودية بخفض أعداد الحجيج هذا العام، من التحديات الأخرى التي تواجه تجارة الماشية الصومالية، مثل عمليات إغلاق الحدود المرتبطة ب كوفيد- 19 مع الدول المجاورة التي تستورد الماشية الصومالية أيضًا. وبالرغم من بيع بعض الماشية محليًا لكنها تباع بأسعار منخفضة، ما يزيد من صعوبة توفير الأسر لاحتياجاتها الأساسية، ومن ضمنها الغذاء. انخفضت أسعار الإبل أيضا إلى النصف تقريبا، بحسب منظمة "العمل ضد الجوع"، وهي منظمة غير حكومية تعمل في الصومال تساعد في مكافحة الجوع، أن أسعار الإبل، من 1000 دولار إلى 500 دولار. تعمل المنظمة الخيرية على سد تلك الفجوة من خلال دعم 8000 أسرة فقيرة بالتحويلات النقدية، وزيادة البرامج التنموية مثل مشاريع العمل مقابل المال لتوفير مصادر دخل للشباب. ويقول أحمد خليف، مدير منظمة العمل ضد الجوع في الصومال: "في السنة العادية، سيكون هذا الشهر جيدًا للأسر المحلية، حيث يمكنها تلبية احتياجاتها الغذائية، وسداد الديون المستحقة في موسم الجفاف". هذا العام ليس المرة الأولى التي يتم فيها إيقاف تصدير الماشية من الصومال إلى المملكة العربية السعودية. سبقه حظر في عام 2000 بسبب تفشي فيروس حُمَّى الوادي المتصدّع، استمر لمدة تسع سنوات، وتسبب في خسائر اقتصادية لملايين يعتمدون على تجارة الماشية. وفي عام 2016 أعادت المملكة العربية السعودية فرض الحظر مرة أخرى، لكنها أوقفته أثناء موسم الحج. ويعد ميناء بربرة في أرض الصومال، والذي تم تحديثه مؤخرًا بواسطة شركة موانئ دبي العالمية، الأكثر ازدحامًا في صناعة تصدير الماشية. يرجع ذلك إلى أن أرض الصومال تستحوذ على نحو 85 ٪ من حصة توريد الماعز في السوق، وفقًا للمعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية.