بين الخوف واليقين، تتولد الهواجس حول العالم من التعرض لموجه ثانية من جائحة كورونا "كوفيد -19"، حيث مازال العالم فوق صفيح كورونا الساخن، وما انتهى إليه خبراء الأوبئة يؤكد أن هذا الفيروس لن ينتهي سريعا، وإنه يمكن أن يصيب حوالي 70% من سكان العالم، وذلك بسبب قدرته على التحور. فمنذ الاعتراف بظهور هذه الأزمة الصحية العالمية أواخر العام الماضي، تحور فيروس كورونا 35 مرة، بحسب ما أكده الدكتور محمود الشربيني أستاذ العناية المركزة في مصر وإنجلترا، وعضو الجمعية الأمريكية لمراحل الطب الحرجة، الذي أكد أنه من حسن الحظ أن تحور أشواك تاج كورونا، المسئول الأول عن إصابة الإنسان بالفيروس، لا تحدث بنفس المعدل السريع الذى يتحور به الفيروس، مما يمنح محاولات العلم الفرصة لتطبيق ما توصل إليه من نتائج بشأن احتواء المرض وعلاج للمصابين به والتوصل إلى ما يكسب الجسم مناعة ضد العدوى به.
وأشار الشربيني إلى أنه رغم استمرار محاولات العلماء التى تسابق الزمن للتوصل إلى مصل أو لقاح لعلاج مرض كوفيد-19، الناجم عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد، فإنه لا توجد بعد إجابة واحدة، أو حل سريع لإنقاذ البشر أو التقليل من سرعة انتشار هذه الجائحة سوى اتخاذ القرار بما عرف بالتباعد الاجتماعي، وارتداء الكمامات، كما لا يوجد إجابة شافية عملية تمكن العالم من اتخاذ قرارات سريعة أو مواجهة حاسمة تسمح باستمرار الحياة وعودتها لطبيعتها، والشعوب الأكثر أملا في النجاة من خطر الوباء، هي التي تربت على ثقافة صحية وحياتيه منضبطة، ولا يتساهلون في صحتهم.
محاولات مستميتة تبذلها شركات الأدوية أملا فى الوصول إلى علاج لفيروس كورونا، وسباق محموم تحولت فيه المراكز البحثية فى العديد من الدول إلى ما يشبه خلايا النحل التى تخوض غمار التجربة، أملا في الوصول إلى لقاح أو عقار، وبدأت المحاولات بعقار أفيجان الذى كشفت عنه اليابان، ثم الموافقة الإستثنائية لمنظمة الغذاء والدواء الأمريكية على عقار ريمديسيفير المستخدم من قبل فى علاج الإيبولا، وأعقبه الموافقة على استخدام بلازما المتعافين من الفيروس لعلاج الحالات شديدة الإصابة.
وفى هذا الصدد، قال الدكتور محمود الشربيني، إن هناك أبحاثا عديدة تجرى في كل من إنجلترا والسويد وبلجيكا وأستراليا وبعض الولاياتالأمريكية على استخدام مادة أكسيد النيتريك للاستنشاق على هيئة غاز لمرضى الكورونا الذين يتم علاجهم فقط بالعناية المركزة.
وأكسيد النتريك هى المادة التى يعززها عقار الفياجرا فى الجسم لتقوم بوظيفة توسيع الشرايين، كما أوضح الدكتور الشربينى، حيث تشير النتائج إلى أن عقار الفياجرا الذى يقوم بنفس عمل مادة أكسيد النيتريك ينجح فى إيقاف تدهور حالات مرضى الكورونا، والمؤدي إلى حدوث فشل فى التنفس يتطلب وضعهم على أجهزة تنفس صناعى، وبالتالى تقليل نسبة الوفيات.
وأوضح الشربينى أن هناك 6 تريليونات خلية فى الطبقة المبطنة لشبكة الشرايين والأوردة الموجودة فى جسم الإنسان، والتى يبلغ طولها 100 ألف ميل تفرز مادة أكسيد النيتريك الطبيعى الذى يقوم بوظيفة توسيع الشرايين ومنع ارتفاع ضغط الدم، وكذلك تقوم بمنع التصاق الصفائح الدموية، وحدوث الجلطات، فضلا عن محاولاتها قتل الميكروبات التى تهاجم الإنسان ومنها الفيروسات.
وتابع أن مادة أكسيد النيتريك تتسبب فى توسيع شرايين الرئتين، وكذلك توسيع الشعيبات الهوائية فى مرضى كورونا الذين يتم علاجهم بالعناية المركزة، الأمر الذى يزيد من نسبة تشبع الدم بالأكسجين، وعدم التهاب وتليف النسيج الرئوى وبالتالى يقلل الحاجة إلى العلاج بأجهزة التنفس الصناعى لتحسين نسبة الأكسجين، وكذلك يقلل الفشل فى وظائف سائر أجهزة الجسم والذى يؤدى إلى الوفاة.
وقال عضو الجمعية الأمريكية لمراحل الطب الحرجة، إن 3 علماء حاصلين على جائزة نوبل فى عام 1998 كانوا قد نجحوا في استخدام غاز أكسيد النيتريك (الذى ينتجه عقار الفياجرا بالجسم ليقوم بوظائفه) لعلاج الالتهابات الرئوية والفشل التنفسى، بالإضافة إلى أنه من المعلوم أن عقار الفياجرا وأكسيد النيتريك يستخدمان فى علاج وانقاذ حياة حديثى الولادة الذين يعانون من عيوب خلقية فى القلب تؤدى إلى تحولهم للون الأزرق؛ نظرا للنقص الشديد فى نسبة الأكسجين الذي كان يؤدى إلى وفاتهم قبل هذا الاكتشاف، وفى عام 2004 تم استخدام أكسيد النيتريك فى علاج فيروس سارس.