بينما كانت الاستعدادات تجرى على قدم وساق للإعلان عن تفاصيل رحلة الأوركسترا المقبل من ألمانيا فى مؤتمر صحفى عالمى تحضره وكالات الأنباء العالمية وعدد كبير من القنوات التليفزيونية، صدر بيان مفاجئ يؤكد إلغاء حفلات أوركسترا مدينة دريسدن لأجل غير مسمى، هكذا تعاملت دار الأوبرا ببساطة شديدة مع زيارة تلك العروض الألمانية، وقالت فى بيانها الصحفى إن الاتفاق على هذه الحفلات تم قبل عام، فى تنويه صريح إلى انفصال رحلة الأوركسترا لمصر عن حادث مصرع الشهيدة المصرية مروة الشربينى، وهو ما ينفى تصريحات صدرت عن الجانب الألمانى تشير إلى أن احتفال الأوركسترا فى الإسكندرية والقاهرة يأتى كنوع من تجديد الثقة فى عمق العلاقة بين الشعبين الصديقين، بعد الحادث الذى راحت ضحيته مواطنة مصرية فى نفس البلد، الذى ينتمى له الأوركسترا، خاصة أن تلك الحفلات تقام فى نفس التوقيت، الذى يجرى فيه محاكمة القاتل أمام القضاء الألمانى، ولكن خوفا من لوم قد يوجهه البعض ممن يرون أن الموسيقى شكل احتفالى لا يليق بطبيعة الحادث الأليم، وأن دماء شهيدة الوطن لم تجف بعد، قررت وزارة الثقافة إلغاء الحفلات تحت مسمى حركى يعرف بالتأجيل لحين تحديد موعد آخر. أعتقد أن هناك حلقات كثيرة مفقودة فى حكاية الأوركسترا الألمانى لم تعلن عنها وزارة الثقافة، التى ألغت مؤتمرا صحفيا كان سيقام فى السادسة من نفس اليوم، الذى صدر فيه البيان، وكان يمكن أن تستغل هذا المؤتمر فى توضيح الصورة كاملة أمام الرأى العام، والإعلان عن طبيعة المشكلة التى أدت لاستبعاد العروض الألمانية من برنامج الأوبرا، ولكن اختارت الوزارة أن تدير المسألة من خلف الستار، ودون أن يكون لها ذكر فى البيان الرسمى الذى قيل إنه صدر بالتنسيق بين الأوبرا والجانب الألمانى، حتى لا تدخل فى أى مواجهات. وأغلب الظن أن وزير الثقافة فاروق حسنى كان يريد إلغاء العروض لأنه لو أراد غير ذلك لكانت انهالت علينا التصريحات بأن الموسيقى هى لغة الشعوب الراقية وأنها تحمل اسمى معانى الاعتذار والعزاء من الشعب الألمانى الشقيق، وإن الفن يسموا على الخلافات من أى نوع، وكان الوزير سيفرض الحفل كما فرض قائد الأوركسترا الإسرائيلى دانيال بارنبويم من قبل على عروض الأوبرا، ولكن يبدو أن فاروق حسنى لم يشف بعد من الجراح التى سببها له موقف الألمان منه فى معركة اليونسكو.